رغم وجود مقابر وجرائم لم تحصى بعد.. فريق "يونيتاد" يستعد لمغادرة العراق "سوء تفاهم"

5 قراءة دقيقة
رغم وجود مقابر وجرائم لم تحصى بعد.. فريق "يونيتاد" يستعد لمغادرة العراق "سوء تفاهم" مسجد النوري في الموصل إبان وجود داعش - AFP

بناء على طلب بغداد، يُنهي فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن جرائم داعش "يونيتاد" مهمّته، ويغادر العراق في 17 أيلول الجاري، مع ترقب إعلان إنجازاته وإن أبدى أسفه على "سوء تفاهم" مع السلطات.

 

في مقابلة هاتفية حصرية مع فرانس برس، أشادت (آنا بييرو يوبيس) رئيسة الفريق المكلف المساعدة على جعل تنظيم داعش "يحاسب على جرائمه"، بتعاون السلطات العراقية في هذه المهمة، معتبرة أن عمل الفريق كان يمكن أن يستمر لو حدث تواصل أفضل بين الطرفين.

 

وقالت: "يمكن أن نقرّ علناً وبشكل أوضح بأن العمل الجيد الذي تمكنّا من إنجازه ما كان ممكناً لولا دعوتنا وذلك أمر فريد"، موضحة أن فريقها هو بعثة التحقيق الدولية الوحيدة التي تواجدت في البلد المكلفة التحقيق فيه.

 

وأضافت: "لا يحدث أبداً أن تدعو دولة ما هيئة دولية للعمل على ملفّ خاص كهذا مثل التحقيق في جرائم (...). قلّة هم من يمكن أن يفتحوا لنا أبوابهم بمثل هذا السخاء".

 

في العاشر من حزيران 2014، سيطر تنظيم داعش على الموصل في محافظة نينوى شمالي العراق. وأعلن منها بعد 19 يوماً إقامة "الخلافة الإسلامية" على مساحات واسعة من العراق وسوريا.

 

وأطلّ الزعيم الأسبق للتنظيم أبو بكر البغدادي للمرّة الأولى من جامع النوري الكبير في الموصل، ليعلن نفسه "أميراً للمؤمنين"، في لحظة لا تزال محفورة في ذاكرة كثيرين.

 

وخلال سنوات بثّوا فيها الرعب وحولوا حياة الناس إلى جحيم، نفّذ عناصر التنظيم إعدامات بقطع الرأس وفرضوا عقوبات بقطع أصابع المدخنين أو أيدي السارقين وخطفوا نساء حولوهن إلى "سبايا" ودمّروا كنائس وجوامع ومتاحف وأحرقوا الكتب والمخطوطات.

 

وبعد معارك عنيفة، استعاد الجيش العراقي، بدعم من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، الموصل معلناً في كانون الأول 2017 هزيمة التنظيم في العراق.

 

68 مقبرة جماعية

 

طلبت الحكومة العراقية من المجتمع الدولي في آب 2017، المساعدة في ضمان محاسبة مقاتلي "التنظيم الإرهابي".

 

واستجابة لهذا الطلب، تبنى مجلس الأمن الدولي في الشهر التالي بالإجماع القرار 2379 الذي شُكل بموجبه فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم داعش "يونيتاد".

 

وعلى مدى سبعة أعوام، أعدّ الفريق 19 تقريراً بعضها حول جرائم محددة كتلك المرتكبة بحق الشيعة والأيزيديين وفي سجن بادوش، وأخرى حول الهيكلية التراتبية لداعش. وعمل كذلك على رقمنة ملايين الوثائق وتدريب مكوّنات النظام القضائي العراقي، بالإضافة إلى "التنقيب عن المقابر الجماعية".

 

واوضحت المسؤولة الأممية "استخرجنا من 68 مقبرة رفات ألف ضحية تقريباً، تم التعرف على 200 منهم".

 

وعملاً بتفويضه، درس الفريق وثائق قدمها العراق بالإضافة إلى وثائق أخرى تضمّ شهادات جمعتها الأمم المتحدة ولم تنقلها إلى السلطات العراقية.

 

لفتت يوبيس إلى أن سبب ذلك هو أن "الأمم المتحدة لديها قواعد صارمة بشأن السرية واحترام الموافقة التي يعطيها الأشخاص الذين يدلون بشهاداتهم".

 

ووجّهت المحاكم الوطنية 18 لائحة اتهام أسفرت 15 منها عن إدانات معظمها في أوروبا، في قضايا بين ما استندت إليه وثائق أنجزها فريق يونيتاد.

 

مسألة سياسية

 

لكن حين "رأى العراقيون نتائج ملموسة في محكمات أجنبية، نشأ انطباع بأن يونيتاد يتعاون مع الدول الأجنبية أكثر مما يتعاون مع العراق" .

 

وقالت المسؤولة بأسف: "كان من الممكن شرح كل شيء على نحو أفضل".

 

وتحدثت وسائل إعلام عراقية عن توتر بين الفريق الأممي والسلطات العراقية. وفي كانون الأول 2023، قال مندوب عن العراق في اجتماع لمجلس الأمن الدولي "لم تتلق الحكومة العراقية أي دليل من يونيتاد يمكن استخدامه في الإجراءات الجنائية".

 

ورغم أن الفريق سيوقف أنشطته في العراق، سيواصل الخبراء عملهم وفق المسؤولة التي تقول "لدينا معلومات موجودة في نيويورك يمكن الوصول إليها" لكن "إذا أرادت دولة ما الوصول إليها، فليس لدينا الإطار القانوني" لتسليمها إياها.

 

وأشارت إلى أن الملف مطروح على طاولة مجلس الأمن الدولي منذ كانون الثاني، مقرّة بأن "ليس لدينا إجابة. إنها مسألة سياسية".

 

في آذار 2019، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية التي يقودها الكورد، دحر تنظيم داعش من آخر معاقل سيطرته في سوريا إثر معارك استمرت بضعة أشهر.

 

ولم تعد ما يسمى بـ"دولة الخلافة" قائمة، على الرغم من أن العديد من فروع التنظيم الإرهابي ما زالت تبثّ الرعب في العديد من مناطق العالم بينها إفريقيا.

 

بذلك، ستكون العدالة بطيئة ولن تعمل على النحو الأمثل. وما زالت في العراق مقابر جماعية وشهادات لم تسجّل وجرائم لا تُحصى لم يُحاسب مرتكبوها.

 

وسبق أن أكّد فريق يونيتاد أنه يعمل في سبيل إجراء "محاكمات عادلة".

الجبال

نُشرت في الأحد 8 سبتمبر 2024 12:35 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.