كشف خبير اقتصادي عن حجم الأموال المنفقة على ملف الكهرباء، مشيراً المجالات التي تم فيها إنفاق تلك الأموال، ومحذراً من استنزاف موارد الدولة دون تحقيق أمن كهرباء مستدام.
وقال الخبير الاقتصادي منار العبيدي، في منشور بحبسابه على "فيسبوك"، اليوم الإثنين، مستنداً إلى بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية لعام 2024، قائلاً إن "إجمالي الإنفاق المباشر على قطاع الكهرباء، بما يشمل النفقات التشغيلية والاستثمارية، بلغ حوالي 10.45 تريليون دينار عراقي، أي ما يعادل نحو 8 مليارات دولار أميركي".
وبحسب قول العبيدي، توزعت هذه النفقات على "أجور الكهرباء بقدر 3.39 تريليونات دينار عراقي، نفقات شراء الوقود المستورد لتشغيل المحطات بحجم 3.3 تريليونات دينار، نفقات الموازنة الاستثمارية لوزارة الكهرباء 1.2 تريليون دينار".
فيما تشكلت نفقات أخرى، مثل "التعويضات والمنح والرواتب، بقدر 2.3 تريليون دينار، ونفقات استيراد الطاقة من الخارج بمبلغ 238 مليار دينار عراقي".
وهذه الأرقام ، تمثل الإنفاق المباشر فقط، ويضاف إليها نفقات غير مباشرة تتعلق بملف الكهرباء، مثل الدعم الحكومي وتكاليف الفاقد الفني والتجاري في الشبكة، وفق قول الخبير الاقتصادي، الذي أشار إلى "عدم توفر أرقام دقيقة توضح حجم الجباية السنوية من قطاع الكهرباء، ما يجعل من الصعب قياس الفجوة المالية بين ما يُصرف فعلياً على القطاع وما يُحصَّل من المواطنين. هذه الفجوة تمثل خسائر سنوية تتحملها الدولة دون وجود معالجة حقيقية لها".
وقال العبيدي إن "ملف الكهرباء أصبح أحد أعقد التحديات في العراق"، مبيناً أن "الحلول الترقيعية لم تعد مجدية"، و"المطلوب اليوم هو حل جذري يتمثل في نقل صلاحيات إنتاج وتوزيع وجباية الكهرباء من الحكومة المركزية إلى الحكومات المحلية".
ونوّه العبيدي إلى إمكانية أن "تتولى المحافظات التعاقد على إنشاء وحدات إنتاج كهربائي محلية تعتمد على مصادر متنوعة للطاقة، كما يمكنها أن تدير عمليات الجباية بشكل مباشر، مما يعزز الكفاءة ويقلل الهدر والفساد".
واقترح "بدلاً من أن تبقى الحكومة المركزية طرفاً مباشراً في إدارة هذا الملف، أن يقتصر دورها على وضع التشريعات العامة وتنظيم السوق، بما يتيح للمحافظات العمل بمرونة وفق احتياجاتها، ويخلق سوقاً محلية لتبادل الكهرباء بين المحافظات ذات الوفرة وتلك التي تعاني من شح في الإمدادات".
وقال إنه "على مدى أكثر من عشرين عاماً، أنفق العراق ما يقرب من 200 مليار دولار على الكهرباء دون تحقيق نتائج توازي هذا الإنفاق، وذلك بسبب مركزية القرار وضعف الإدارة وانتشار الفساد. لهذا، فإن إلغاء وزارة الكهرباء بالكامل وتحويل إداراتها ووحداتها إلى مديريات تابعة للمحافظات قد يكون المدخل الوحيد للإصلاح الحقيقي"، محذراً من أنه "إذا لم يُتخذ هذا المسار الجريء، فإن العراق سيظل يستنزف موارد ضخمة من دون تحقيق أمن كهربائي مستدام".