فواكه استوائية تزيّن واجهات أسواق سوريا.. "زمن الخوف من الأناناس انتهى"

4 قراءة دقيقة
فواكه استوائية تزيّن واجهات أسواق سوريا.. "زمن الخوف من الأناناس انتهى" بائع فواكه في منطقة الشعلان بدمشق - AFP

فوق رفوف خشبية صغيرة في سوق الشعلان وسط دمشق، تصطف حبّات المانغا والكيوي والأناناس بألوانها الزاهية، في مشهد لم يعتده السوريون إبان الحكم السابق الذي صنّفها من السلع الكمالية وعرقل عملية استيرادها وعاقب بائعيها.

 

أمام واجهة محله حيث يعرض مختلف أنواع الفواكه والخضار، يقول مروان أبو هايلة ذو الـ46 سنة: "لم نعد نخبئ الأناناس، نضعه اليوم على الواجهة بشكل علني.. زمن الخوف من الأناناس انتهى".

 

ويوضح بينما زيّنت ابتسامة عريضة وجهه "الأناناس والكيوي والمانغا، كانت كلها فواكه مفقودة وسعرها مرتفع للغاية"، مضيفاً: "كنا نحضرها عن طريق التهريب".

 

طيلة عقود، اعتُبرت الفواكه الاستوائية رمزاً للرفاهية في سوريا، حيث صنفتها السلطات وفق تجار من الكماليات. وعرقلت استيرادها من الخارج، في إطار سياسة تخفيض فاتورة الاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة، عدا عن دعم الإنتاج المحلي. وعاقبت بالغرامة المالية وحتى السجن كل من يعرضها للبيع، ما جعل وجودها يقتصر على موائد الأغنياء.

 

واعتاد التجار إيجاد طرق بديلة لإحضار تلك الفواكه التي كانت أشبه بعملة نادرة.

 

يروي أبو هايلة، لفرانس برس، "كنا نحضرها عبر طرق التهريب من خلال السائقين، على غرار البنزين والمازوت"، الذي اعتاد السوريون تهريبه من لبنان المجاور على وقع أزمة اقتصادية خانقة وعقوبات حالت دون الاستيراد، مضيفاً "كانوا أحياناً يخبئونها داخل محرك السيارة، وبكميات قليلة".

 

وبعدما كان سعر كيلوغرام الأناناس يلامس عتبة 300 ألف ليرة (حوالى 23 عشرين دولاراً) العام الماضي، انخفض حالياً إلى حوالى أربعين ألفاً (أربعة دولارات تقريباً).

 

ويقول البائع بينما يعاين زبائنه حبات الفواكه الناضجة تحت أشعة شمس حارقة "البضاعة نفسها والجودة نفسها، لكن السعر اختلف كثيراً"، مردفاً: "بات الأناناس مثل البطاطا والبصل"، وهما نوعا خضار الشعبيين في سوريا.

 

"عبر شاشة التلفزيون"

 

يربط الباعة وحتى الزبائن بين توافر الفواكه والتغيرات السياسية التي طرأت على البلد، منذ وصول السلطة الجديدة إثر إطاحة الحكم السابق في الثامن من كانون الأول 2024، مع تدفق سلع ومنتجات لطالما كانت محظورة أو نادرة.

 

فالدولار الذي كان التداول به أو حتى الإتيان على لفظه ممنوعاً مثلاً ويُعاقب عليه القانون، بات موجوداً في كل مكان. وتجوب سيارات من طراز حديث الشوارع، بينما بات الوقود الذي عانى السكان لسنوات من شحه، متوافراً.

 

أحمد الحارث يبلغ 45 سنة، وهو يقول إن الفواكه التي كانت "أصنافاً نادرة وسعرها مرتفع للغاية، انهارت أسعارها بعد سقوط النظام".

 

وباتت حبات الأفوكادو والأناناس والكيوي والموز الصومالي اليوم في متناول السوريين الى حد كبير، بحسب قوله، بعدما كان سعر الحبة الواحدة يعادل راتب موظف.

 

كانت دوريات الجمارك والأجهزة الأمنية تداهم المحال، ما دفع الباعة الى التعامل معها كسلع تُباع في الخفاء وعلى نطاق محدود، خوفاً من الملاحقة.

 

وتقول طالبة الطب نور عبد الجبار (24 عاماً): "كنت أرى الفواكه الاستوائية على شاشة التلفزيون أكثر مما أراها في السوق"، وتضيف ساخرة "الأناناس من حقّ الجميع، حتى لو أن بعضهم لا يعرف كيفية تقشيره".

 

لكن في بلد أنهكته سنوات الحرب منذ العام 2011 واستنزفت اقتصاده وجعلت 90% من سكانه تحت خط الفقر، لا تزال أصناف الفاكهة تلك كماليات بالنسبة لسوريين يكافحون من أجل تأمين قوتهم اليومي مع تراجع قدرتهم الشرائية، وعدم تمكن السلطات من دفع عجلة التعافي الاقتصادي بعد.

 

وتقرّ ربّة المنزل إلهام أمين ذات الـ50 عاماً، بينما كانت تشتري الخضار لإعداد وجبة الغداء، أن "واجهات المحال باتت ملونة أكثر وتغري الزبائن بالشراء". لكنها رغم ذلك، ما زالت غير قادرة على شراء الفواكه عامة، وتجنّب أطفالها المرور أمام تلك الواجهات لئلا "تثير شهيتهم".

 

وهي تقول: "الأوضاع المعيشية صعبة، ويُعد الأناناس من الكماليات ورفاهية لعائلة مثل عائلتنا".

 

 

 

الجبال

نُشرت في الأربعاء 28 مايو 2025 11:20 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.