علّق رجال دين ومختصون بشأن قرار السلطات العراقية بحظر نشاط الحركات الدينية المتطرفة في العراق، على رأسهم "الحركة المدخلية - السلفية"، واتخاذ التدابير والإجراءات لهذا الخصوص، وفي حين أكد بعض على رفض القرار وعودته بـ "نتائج وخيمة"، عدّه آخرون "ضرورة".
وأمس الإثنين، وجّه مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في كتاب "سرّي" إلى "محافظة بغداد - نائب المحافظ رئيس اللجنة الفرعى لمكافحة التطرف العنيف" باتخاذ إجراءات قانونية بحق حركات دينية "متطرفة"، في مقدمتها "الحركة المدخلية"، في إطار استراتيجية خاصة بمكافحة "التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب" وفي مواجهة تهديد السلم المجتمعي في مدن ومحافظات العراق.
وتواصلت منصة الجبال مع 10 من رجال الدين المنتمين للتيار السلفي في العراق، جميعهم رفضوا الظهور للحديث عن الموضوع، إلا أن آرائهم جميعاً اندرجت ضمن فئتين، قسم منهم وصف قرار مستشارية الأمن القومي بأنه "سياسي" ويدخل في إطار الدعايات الانتخابية، لأنه وبحسب قولهم "لم تشكل السلفية في أي وقت من الأوقات تهديداً على المجتمع، بل على العكس كانت دائماً عامل خير". وقسم آخر رأى أن "القرار الجديد غير مدروس، وجميع ما يقال عن التيار السلفي بعيد عن الحقيقة".
عاقبة وخيمة
وانتقد عبد اللطيف أحمد، وهو رجل دين سلفي بارز في إقليم كوردستان، قرار الحكومة العراقية، معرباً عن رفضه لـ "الادعاءات القائلة بأن الجماعة تشكل تهديداً للأمن القومي".
وقال أحمد في حديث لـ ”الجبال”: "إن القرار يسلب الحريات وقد يؤدي إلى نتائج وخيمة ويخلق صراعاً وفوضى"، موضحًا أنه كرجل دين "لا ينتمي إلى الفكر المدخلي".
ودعا أحمد الحكومة العراقية إلى "مراجعة قرارها والتعامل بإنصاف مع الاختلافات بالحوار واللغة العلمية، لا بلغة القمع والصمت".
وأضاف: "يجب أن ينظروا إلى البلاد على أنها ملك للجميع، لا للبعض فقط بينما يُحرم آخرون. يجب أن يكون هناك تعايش، بدلاً من اتباع سياسة (إما أن تفكر مثلي أو لا تكون موجوداً)".
رفض شرعي
من جانبه، رأى مدير أوقاف كركوك، سالم زنكنة، إن "هذا القرار غير مدروس، ولا يوجد أي دليل يثبت تشكيل التيار خطراً على المجتمع".
وقال لـ "الجبال": "سندخل الخط ونتواصل مع وزارة الأوقاف، نرفض هذا القرار بكل الأشكال، وسنحقق في الأسباب الدقيقة لهذا القرار، وهو قرار متسرع لأنه لا يوجد أي دليل خطير لاتخاذه".
وتابع زنكنة مبيناً موقف أوقاف كركوك، قائلاً: "كنا دائماً مع الأمن والأمان. لقد دعونا من على منابر كركوك إلى السلام دائماً. ولم نقُد المجتمع بأي وقت إلى اتجاه متطرف"، لافتاً إلى أنه "سنعقد اجتماعا لهذا الأمر، وسنعلن عن موقف صريح للرأي العام بخصوص القرار فيما بعد".
ضرورة أمنية
من جانبه، شدد المختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، العميد المتقاعد عدنان الكناني، على ضرورة معالجة الحركات "المتطرفة" و"المنحرفة" لمنع تهديد الأمن القومي والسلم المجتمعي.
وقال الكناني في حديث لمنصة "الجبال"، إن "الحلول الأمنية دائماً ما توضع عندما تكون هناك مشاكل أمنية، وخلال الآونة الأخيرة لاحظنا ظهور بعض الجهات والجماعات تحت غطاء ديني وتحت غطاء عقائدي وتحت غطاءات مختلفة مشوشة. وبعض تلك الجماعات تحلل القتل والانتحار وغيرها من الأعمال الدخيلة على المجتمع العراقي".
وأشار "لهذا أسست لجان مختصة لمتابعة تلك الجهات والجماعات وإيجاد الحلول، إضافة الى أن هناك مشروع على مستوى العرب بمسمّى (مجلس وزراء الداخلية العرب) وهو أيضاً ضمن عمله واختصاصه معالجة الحركات الدينية المتطرفة والمحرفة المختلفة"، موضحاً أن "معالجة هكذا حركات متطرفة ومنحرفة بشكل استباقي أمني عبر لجان متابعة مختصة، أمر ضروري لمنع تلك الحركات من أي تهديد للأمن القومي والسلم المجتمعي تحت أي غطاء ودافع كان".
ونص كتاب الأعرجي على أنه "بناء على موافقة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة على محضر الاجتماع المنعقد بتاريخ (1/ 3/ 2025)، يحضور كل من نواب محافظات (كركوك، ديالى، الأنبار، صلاح الدين، ونينوى) رؤساء اللجان الفرعية لمكافحة التطرف العنيف في المحافظات. ومدير عام المؤسسات الدينية والخيرية في ديوان الوقف السني، وممثلين عن الأجهزة الأمنية (جهاز الأمن الوطني العراقي، المديرية العامة للاستخبارات والأمن في وزارة الدفاع، وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، جهاز المخابرات الوطني العراقي، المديرية العامة لمكافحة الإرهاب الفكري، معاونية الاستخبارات والمعلومات في هيئة الحشد الشعبي). واعتماد الاستنتاجات والتوصيات الواردة من جميع الأجهزة الأمنية والاستخبارية، تنسب اتخاذ الإجراءات القانونية وتعزيز البرامج المجتمعية لمواجهة الحركات المتطرفة التي تهدد السلم المجتمعي وبالخصوص (الحركة المدخلية) التي تأشر لدى جميع مؤسسات الدولة ذات الصلة تهديدها العالي المستوى للسلم المجتمعي والأمن القومي"، موجهاً بـ "اتخاذ ما يلزم بالتنسيق مع الجهات الممثلة في اللجان الفرعية لمكافحة التطرف العنيف في المحافظات".