يواجه سكان المناطق الجنوبية من محافظة النجف، لاسيما في المشخاب والقادسية، أزمة بيئية متفاقمة بسبب الانتشار الكثيف لتربية الجاموس قرب ضفاف نهر الفرات، وتحديداً في منطقة "أم خشم" الأثرية، التي باتت تضم ما يقارب 25 ألف رأس جاموس، وفق ما يؤكده أهالي المناطق المجاورة ومسؤولون محليون.
فضلات ومياه راكدة.. “الفرات” تحت الحصار
ويقول علي حسين، أحد سكان منطقة مجاورة لمنطقة "أم خشم" لمنصة "الجبال": "نحن نعيش كارثة حقيقية. 25 ألف رأس جاموس تنزل إلى النهر يومياً، تحجب المياه بكتلتها الكبيرة، وتلوّثها بفضلاتها. فضلاً عن انبعاث روائح كريهة من الماء، وتزايد حالات نفوق الحيوانات دون أي تدخل فعلي من الجهات المختصة".
ويتابع جاسم بغضب: "مناسيب نهر الفرات في تراجع مستمر، وفي ظل هذا الانخفاض الحاد، تصبح مياه النهر شبه راكدة، وتتحول إلى مستنقع موبوء. نحن لا نطلب الكثير، فقط أن يتم نقل هذه الحيوانات إلى مكان بديل يحمي النهر ويحفظ بيئة السكان".
منطقة منكوبة بيئياً.. وخطر يمتد إلى المناذرة والمشخاب
أما المواطن محمد ياسر، من المشخاب، فيؤكد أن "أكثر من 5 آلاف نسمة يعيشون في منطقة أم خشم الأثرية، معظمهم يعتمدون على تربية الجاموس كمصدر رزق أساسي. لكن منذ انتقال آلاف رؤوس الجاموس من جنوب العراق بعد تجفيف الأهوار إلى أم خشم، أصبحت المنطقة مصدر تلوّث خطير يهدّد مناطق مثل المناذرة، والمشخاب، والقادسية، التي تعتمد على نهر الفرات كمصدر رئيسي للمياه".
البيئة تُحذّر.. والمقترحات في الأدراج
من جانبه، يؤكد حيدر فليح، مدير شعبة التغيرات المناخية في مديرية بيئة النجف، أن الدائرة أجرت عدة زيارات ميدانية إلى منطقة أم خشم للوقوف على حجم المشكلة. ويقول: "الجاموس في الأصل لا يُعد ملوّثاً بيئياً إذا كانت المياه وفيرة وجارية، لكن في ظل انخفاض مناسيب نهر الفرات، يصبح وجود هذا العدد الهائل من الجاموس عامل ضغط بيئي شديد، خاصة مع تكرار حالات نفوق الحيوانات وتراكم الفضلات".
ويتابع فليح: "قدّمنا مقترحاً رسمياً بنقل مربي الجاموس إلى منطقة (هور ابن نجم)، وهي منطقة مائية مناسبة لطبيعة هذه الحيوانات. لكن للأسف، لم يتم تفعيل المقترح حتى الآن من قبل الجهات ذات العلاقة، رغم الاتفاق المسبق على ضرورته".
حلول مؤجلة وكارثة تلوح في الأفق
يحمّل السكان الجهات الحكومية والبيئية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وسط تحذيرات من تحوّل المنطقة إلى بؤرة صحية خطيرة في حال استمر الوضع على حاله دون تدخل عاجل.
ففي الوقت الذي تسابق فيه المدن العراقية الزمن لمواجهة آثار الجفاف والتغير المناخي، تبقى أزمة "جاموس أم خشم" مثالاً حياً على إهمال التخطيط البيئي، وتأجيل الحلول إلى ما بعد وقوع الكارثة.