ما تزال طبيعة لقاء رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع، حديث الساعة، فمنذ الخميس الماضي وبعد انتشار "صورة الدوحة" التي جمعتهما مع أمير قطر، والتصريحات لم تهدأ في هذه الدائرة، ليزيد من صخبها، إعلان السوداني دعوة الشرع لحضور القمّة العربية المقرر عقدها في بغداد أيار المقبل، وسط تحركات مسؤولة لمنع الأخير من دخول العراق، وتحذيرات من تعرّض الشرع للاعتقال حال دخوله إلى العراق.
الباحث في الشأن السياسي، عائد الهلالي، علّل سبب عدم إعلان الحكومة العراقية مسبقاً عن لقاء رئيسها بالشرع في الدوحة، قائلاً: إن "هناك ملفات تحتاج إلى سرية في التعامل معها من قبل الحكومات".
وقال الهلالي في مقابلة متلفزة تابعتها "الجبال"، إن "هناك حالة من عدم التقبل في الشارع العراقي للقاء السوداني بالشرع، لذلك تمت إدارة الموضوع بسرّية".
وتوقع الهلالي، أن "تتخذ الحكومة القطرية إجراءات بحق الصحفي القطري الذي سرّب صورة الشرع والسوداني".
الهلالي، أشار إلى أن "الشرع كان لديه ملفات لدى القضاء العراقي، ولو أنه قدم إلى بغداد في القمة العربية وتم إلقاء القبض عليه، فسيتسبب ذلك الأمر بحرج للحكومة العراقية. الشرع أو الجولاني كما يطلق عليه البعض، أصبح واقع حال وهو الآن رئيساً لسوريا".
وتابع، "لقاء السوداني بالشرع سبقه تشاور مع الإطار التنسيقي والأغلبية كانوا موافقين على هذا اللقاء"، مبيناً أن "اللقاء جاء بترتيب قطري، علماً أن وزير الثقافة القطري كان في بغداد قبل أيام، وقد يكون هو من أسس لهذا اللقاء".
من جانبه قال المحلل السياسي إياد العنبر الذي كان ضيفاً في ذات اللقاء المتلفز، إن "لقاء الشرع والسوداني بسرية يدلّ على وجود سوء إدارة. كان من المفترض أن لا يكون اللقاء سرّياً بهذه الطريقة، وتسريب الصورة جاء بدفع من أطراف سياسية عراقية".
ولفت إلى أن "هناك سياسيين عراقيين متبنين التماهي مع الوضع الجديد في سوريا وتحديداً رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر والسياسي العراقي مشعان الجبوري".
وتابع، "لقاء السوداني والشرع ليس معيباً بطبيعة الحال، وبإمكان المعارضين لهذا اللقاء وطريقته، التوجّه نحو البرلمان لسحب الثقة من الحكومة واستجواب رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان".
وأعرب العنبر، عن استغرابه من "عدم تعليق قيادات الإطار التنسيقي لغاية الآن على لقاء السوداني والشرع في الدوحة".
وعلق زعيم حركة "عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، أمس السبت، بشأن الزيارة المتوقعة لرئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع إلى العراق، فيما أشار إلى أنها "سابقة لأوانها".
وقال الخزعلي في تدوينة تابعتها "الجبال"، "وجود علاقات بين البلدين الشقيقين العراق وسوريا، أمر ضروري، وفيه مصلحة مشتركة، إلا أن حضور رئيس النظام السوري الحالي إلى العراق يعد سابقاً لأوانه، لأنه قد يؤدي إلى تداعيات إذا تم تطبيق القانون واعتقاله من قبل القوات الأمنية نظراً لوجود مذكرة اعتقال نافذة بحقه".
وأردف بالقول: "وعلى ضوء ذلك، وعملاً بمبدأ فصل السلطات، يجب الالتزام بقرارات القضاء العراقي واحترامها من الجميع".
وأعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، توجيه دعوة للرئيس السوري أحمد الشرع، لحضور القمة العربية المقرر عقدها في العراق أيار المقبل.
وقال السوداني خلال ملتقى السليمانية التاسع إن "الرئيس السوري أحمد الشرع مرحّب به بالعراق، وقد وجهت له دعوة رسمية لحضور المؤتمر".
وأشار إلى "حدث مهم تشهده بغداد كحاضنة للحوارات العربية، واستقبال زعماء العرب في لحظة مفصلية تشهدها المنطقة، لن نبقى في دور مستضيف بل سنتحول إلى فاعل في صياغة مواقف وقرارات تعالج مختلف القضايا المتعلقة بالأمن والتنمية والاقتصاد".
وأعلن النائب يوسف الكلابي، عن تحرك نيابي ضد ما وصفه "الترحيب بالجولاني"، يتمثّل بطلب من عشرات النواب لرئاسة المجلس لمخاطبة الحكومة بهذا الصدد.
وقال الكلابي في تدوينة على منصّة "إكس" تابعتها "الجبال"، إن "في أول إجراء نيابي ضد الترحيب بالجولاني وانتصاراً للشهداء وعوائلهم والجرحى وشعب العراق والمبادئ وإبراء للذمة الوطنية والأخلاقية والدينية، أكثر من خمسين نائباً يطالبون رئاسة مجلس النواب بمخاطبة الحكومة لرفض دخول الجولاني للعراق".
وفي وقت سابق، عدّ عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية حيدر السلامي، لقاء السوداني مع الرئيس السوري أحمد الشرع الذي أسماه "الجولاني"، "غير مبرر" و"استخفافاً بعوائل الشهداء".
وقال السلامي في تصريح لمنصّة "الجبال"، إن "العلاقات الدولية تُبنى على أساس المصالح المتبادلة مع ضمان المصلحة العليا للبلد ومراعاة مشاعر الشعب، ولا يمكن تجاهل الهواجس الأمنية على الحدود العراقية - السورية، إلا أن الجلوس غير المبرر مع (الجولاني) يعد استخفافاً بعوائل الشهداء وضحايا الإرهاب".
وأضاف، أنه "على رئيس الوزراء الإفصاح عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيارة المفاجئة وغير المعلنة إلى قطر ولقاء (الجولاني) هناك، وبحسب التصريحات المعلنة لهذا اللقاء، فإنه لا يمكن أن يُبنى على قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)".
وتوقع الخبير في الشأن السياسي والاستراتيجي باسم حميد العكيلي "آثار وانعكاسات إيجابية" مستقبلية عن لقاء رئيس الوزراء بالرئيس السوري أحمد الشرع".
وقال العكيلي في تصريح لمنصّة "الجبال"، "اللقاء جاء لمناقشة الأحداث المتسارعة في المنطقة وخصوصاً ما يجري في سوريا من التواجد العسكري للكيان الصهيوني، ونتوقع أن تكون للزيارة آثار وانعكاسات إيجابية كبيرة على العراق من خلال التعاون الثنائي بين البلدين الجارين والشقيقين حيث كانت رؤية السوداني واضحة وجادة بأن العراق ينتظر من الإدارة السورية الجديدة خطوات علمية ورؤية واضحة".
وأضاف، "كان هناك تأكيد خلال الزيارة على حماية المقدسات في سوريا وضرورة احترام حقوق الإنسان بعد الأحداث التي حدثت للطائفة العلوية، وضرورة أن تتخذ الحكومة السورية خطوات عملية وجادة في محاربة داعش الإرهابي و تعزيز أمن الحدود ما يعكس بناء علاقة متنامية وتعاون بناء يصب في المصلحة المشتركة بين البلدين و ما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة".