في ظل توالي التصريحات الرسمية، واستمرار المباحثات المحلية والدولية بشأن استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان، كشف نائب في البرلمان العراقي عن موعد انطلاق عملية التصدير من جديد.
وتوقف تصدير النفط من إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان، بعد أن أغلقت تركيا خط الأنابيب في آذار 2023، إثر قرار صادر من محكمة التحكيم الدولية يفرض على أنقرة دفع نحو 1,5 مليار دولار كتعويضات لبغداد، استناداً إلى دعوى قضائية رفعتها الحكومة العراقية على تركيا تقول إن أنقرة تنقل النفط من إقليم كوردستان من دون موافقة بغداد.
وكشف عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، النائب صباح صبحي حيدر، أنه "سيتم إنهاء جميع العراقيل أمام تصدير النفط من إقليم كوردستان قريباً، وستُستأنف عملية التصدير مطلع شهر آذار المقبل أو في منتصفه بعد انقطاع دام لسنتين".
وقال إن "مشكلة رواتب الموظفين غير مرتبطة بعملية تصدير النفط، بل إن تصدير النفط يتعلّق أكثر بموضوع الموازنة العامة"، مؤكداً "الحاجة إلى قانون متماسك يستند لاتفاق شامل، لحل المشاكل المتعلقة بملف النفط بشكل جذري. وأن يكون هذا القانون عادلاً وشاملاً يعبّر عن إرادة إقليم كوردستان كمنتج للنفط وجميع المحافظات الأخرى المنتجة للبترول مثل البصرة والعمارة والموصل وغيرها".
من جانبه، ذكر وزير النفط العراقي حيان عبد الغني عبد الزهرة، في تصريح صحفي، أمس الإثنين، بأن الأنبوب الناقل لنفط إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان جاهز و"نأمل استئناف عملية التصدير خلال يومين".
اتفاق سياسي
كان حيدر، قد صرح لمنصة "الجبال"، في مطلع شهر كانون الثاني 2025، بأن "مسألة استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان هي سياسية وليست متعلقة بمشاكل فنية فقط، وقد بدأت تلك المشاكل أمام العملية منذ عام 2014 حتى وصل الأمر إلى إيقاف التصدير بقرار من هيئة التحكيم الدولية"، وأوضح أن "سبب تأخر استئناف التصدير إلى الخلافات بين الأطراف حول تكاليف استخراج النفط، إذ تطالب شركات النفط في إقليم كوردستان برفع سعر الاستخراج، فيما تستند وزارة النفط الاتحادية على مواد قانونية ضمن قانون الموازنة العامة تؤكد عدم السماح باختلاف حجم التكاليف من محافظة إلى محافظة أخرى".
وأعلنت الحكومة العراقية بالاتفاق مع حكومة الإقليم، العمل على استئناف التصدير، وصوّت مجلس النواب العراقي على تعديل قانون الموازنة العامة في 2 شباط الجاري، لتيسير العملية، ونص تعديل الموازنة على "المباشرة فوراً بتسليم النفط المنتج في الإقليم إلى شركة (سومو) وتعويض كلف الإنتاج والنقل من قبل وزارة المالية الاتحادية كسلف، بمعدل 16 دولاراً للبرميل والواحد)".
وفي اليوم التالي الموافق 3 شباط، ذكر وزبر النفط العراقي في تصريح صحفي تابعته "الجبال"، إن "وزارة النفط بدأت تحركاتها مع حكومة الإقليم من أجل تسليم النفط بشكل أصولي إلى شركة التسويق (سومو)"، مشيراً إلى "وجود إجراءات تتخذ مع الحكومة التركية لتهيئة الخط العراقي - التركي لتصدير النفط من خلال ميناء جيهان".
وبتاريخ 17 شباط، قال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، إن بغداد وأربيل بصدد وضع اللمسات الأخيرة لبدء عملية "استلام وتصدير نفط" إقليم كوردستان "خلال أسبوع".
وأكدت وزارة النفط العراقية، السبت الماضي الموافق 22 شباط "استكمال إجراءات استئناف تصدير النفط المنتج في إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان وفقاً للآليات المرسومة في قانون الموازنة وتعديله وضمن سقف الإنتاج المحدد للعراق في منظمة أوبك"، مطالبة في بيان سلطات الإقليم بـ "تسليم الكميات المنتجة من الحقول العاملة إلى شركة تسويق النفط، للمباشرة بالتصدير عبر الأنبوب العراقي التركي وميناء جيهان بموجب العقود الموقعة مع الشركات المرشحة"، إلا أن التصدير لم يُستأنف حتى اليوم.
معوقات فنيّة
أشارت وزارة النفط العراقية في مواقف عديدة المضي لاستئناف تصدير البترول من إقليم كوردستان إلى الخارج، إلا أنها أكدت في بياناتها على وجود بعض الإجراءات الفنية التي تؤخر العملية منها صيانة الأنبوب الناقل للبترول "كركوك - جيهان" والتأكد من جاهزيته بعد توقف دام لسنتين، وأنها على تواصل مع الجانب التركي بهذا الشأن. كذلك استحصال موافقة رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، والاتفاق على آلية محددة وواضحة لدفع مستحقات شركات الإنتاج والنقل إلى حكومة الإقليم حسب ما ورد في القانون، مبينة تعلّق بعض الأمور بوزارة المالية.
وردّ الوفد التفاوضي لحكومة إقليم كوردستان، بنفس التاريخ الموافق 22 شباط 2025، على بيان وزارة النفط العراقية بشأن استئناف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان، مطالباً بـ "الإسراع في حسم المسائل المذكورة أعلاه، واستحصال الموافقات من الجهات الاتحادية والتي تمت مناقشتها بالتفصيل في اجتماع جمع الجانبين ببغداد" مؤكدة على لسنا حكومة الإقليم "ضرورة إعادة تصدير نفط الإقليم في أسرع وقت ممكن من قبل شركة تسويق النفط (سومو)، وإيداع إيراداته في الخزينة الاتحادية وتعظيم الإيرادات خدمة للصالح العام".
كميات محدّدة
كان إقليم كوردستان العراق يصدّر يومياً 450 ألف برميل من النفط عبر ميناء جيهان التركي، وذكر وزير النفط العراقي حيان عبد الغني في أحد تصريحاته الصحفية أن الكميات المحددة في الاتفاق الجديد لا تقل عن 300 ألف برميل يومياً، تُسلم من أربيل إلى وزارة النفط الاتحادية ليتم تصديرها عبر الأنبوب العراقي التركي.
وبحسب وكيل وزارة النفط لشؤون الاستخراج، باسم محمد خضير، فإن "الكمية المتاحة حالياً للتصدير في الإقليم هي 300 ألف برميل يومياً، جزء منها مخصص للاستخدام الداخلي، بينما سيُخصص الـ 185 ألف برميل المتبقية للتصدير".
وأوضح خضير في تصريح تابعته الجبال، بتاريخ 23 شباط 2023، أن "توقف عمليات التصدير من إقليم كوردستان خلال الفترة الماضية تسبب في مشكلة للحقول النفطية بالإقليم، والأمر يحتاج إلى فترة من التأهيل لإعادة قدرتها الإنتاجية، بهدف الوصول إلى تصدير 400 ألف برميل يومياً، وهو الحد الأدنى للكميات المقررة في الموازنة".
مناورة سياسية
ذكر خضير في حديه أن "الفترة الماضية شهدت زيارة وفد من وزارة النفط إلى الإقليم، وتم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لمتابعة آليات استئناف تصدير النفط"، كما "تم إعلامنا من قبل الإقليم بجاهزيته لبدء عملية التصدير"، مضيفاً أن "الفرق الفنية لشركة نفط الشمال وممثلي إقليم كوردستان يعملون على فحص أنابيب تصدير النفط والتأكد من صلاحيتها وجاهزيتها لاستئناف ضخ النفط من خلالها".
وفي 18 شباط الجاري، استقبل رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، نائبة وزير خارجية تركيا بيريس إكينجي، والوفد المرافق لها، في أربيل. وبحث معها آفاق العلاقات الثنائية، كذلك ملف استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان. واتفقت المسؤولة التركية مع بارزاني على ضرورة استئناف عملية تصدير نفط كوردستان عبر ميناء جيهان التركي، بعد مصادقة مجلس النواب على تعديل قانون الموازنة العامة الاتحادية.
أكد المسؤولون الاتراك في أكثر من مناسبة عدم وجود أي مشكلة لديها في استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان، وأنها تنتظر الضوء الأخضر من الحكومة الاتحادية في بغداد، بعد توصل الحكومة الاتحادية لاتفاق مع إقليم كوردستان بهذا الشأن.
وبهذا الخصوص، أكد خضير، في تصريحه بتاريخ 23 شباط أن "وزارة النفط قد خاطبت الجانب التركي للاستفسار عن جاهزية الأنبوب المخصص للتصدير عبر ميناء جيهان"، مضيفاً: "نحن بانتظار الإجابة من أنقرة خلال الـ 24 ساعة المقبلة".
وقال إن "الوزارة حريصة على ديمومة عمليات التصدير عبر ميناء جيهان باعتباره جزءاً من رؤية استراتيجية للعلاقة بين العراق وتركيا، وهناك تواصل مستمر مع الإقليم والجانب التركي لضمان استمرار التعاون والتصدير".
إلا أن وزارة الطاقة التركية أكدت في تصريح خاص لمنصة الجبال، أمس الإثنين الموافق 24 شباط، أنه "لم يتم إحراز أي تقدم في قرار استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان العراق، عبر ميناء جيهان التركي، من قبل وزارتنا، ولم يتم إصدار أي قرار جديد". وأضافت انه "سيكون لدينا إعلان رسمي عن أي قرارات جديدة بهذا الشأن".
وبحسب تصريحات رسمية لمسؤولين رفيعين في إقليم كوردستان وبغداد، بلغت قيمة الخسائر الناجمة عن توقف صادرات الإقليم من النفط، حتى الآن، إلى 20 مليار دولار.