عقدها في عكاز 3 أضعاف إنتاجها في بلدها الأم.. "الجبال" تتحرى حول حقيقة الشركة الأوكرانية

6 قراءة دقيقة
عقدها في عكاز 3 أضعاف إنتاجها في بلدها الأم.. "الجبال" تتحرى حول حقيقة الشركة الأوكرانية

لم يتبق سوى شهر واحد فقط، وستنهي الشركة الأوكرانية المثيرة للجدل عامها الأول منذ توقيع عقد تطوير حقل عكاز، الحقل الذي يعد واحداً من أكبر حقول الغاز في المنطقة، باحتياطي يبلغ أكثر من 5 تريليون قدم مكعب قياسي، أو ما يعادل "5 مليار مقمق".

 

عام كامل، تخللته الكثير من التصريحات المثيرة للجدل والشبهات بخصوص الشركة، فتتنوع التصريحات الصادرة من شخصيات سياسية ووسائل إعلام بوصفها "شركة وهمية" أو شركة مملوكة لامرأة "تدير صالوناً نسائياً في أوكرانيا"، كما يقول النائب علي المشكور في تصريح متلفز.

 

وبدأت قصة الحقل عام 1981، حيث تم اكتشافه في ذلك الحين، لكن بعد حوالي 10 أعوام حُفر أول بئر استكشافي في الحقل وتم العثور على تجمعات للغاز، ثم حفر 5 آبار اضافية، ليكون المجموع 6 آبار، لكن لم يتم إنتاج شيء من الحقل، ليتم توقيع عقد مع شركة كوكاز الكورية عام 2011، لاستثمار الغاز الحر لأول مرة بعد اعتماد العراق طوال السنوات الماضية على الغاز المصاحب لانتاج النفط.

 

لكن مع تعطل الأعمال بسبب احتلال تنظيم "داعش" للمحافظات الغربية والشمالية ومن بينها الأنبار، وعقب تحريرها، انسحبت شركة كوكاز الكورية، بعد عام 2018، لأنها اشترطت شروطاً جديدة وبكلف مختلفة، حيث أن الشروط السابقة أصبحت "غير مجدية" بالنسبة للشركة، لكن العراق تمسك بشروط العقد القديمة.

 

وفي آذار 2023، قامت ملاكات وزارة النفط بإنتاج الغاز بجهود وطنية من الحقل، لكن بكميات قليلة تبلغ حتى الآن 80 مقمق يومياً فقط، وهي كميات لا تفي بالحاجة الكبيرة للغاز، حيث ينتج العراق حوالي الفي مقمق يومياً الآن، ويحرق ألف مقمق يومياً، ويستورد قرابة 1500 مقمق يومياً.

 

وبعد عام من بدء الإنتاج المتواضع، أعلنت وزارة النفط والحكومة العراقية وتحديداً في نيسان 2024، التعاقد مع شركة "يوركزم ريسوس" الأوكرانية، لتطوير حقل عكاز الغازي، ورفع الإنتاج في بادئ الأمر إلى 100 مقمق يومياً، ثم رفعه إلى 400 مقمق يومياً خلال 4 سنوات، ومنذ ذلك الحين والتصريحات تصنف الشركة على أنها "شركة وهمية" وصغيرة ولا تستطيع التعامل مع حقل بهذا الحجم.

 

وبعد أيام من توقيع العقد، أثار رئيس غرفة التجارة الدولية الأوكرانية في العراق، ضجة كبيرة في تصريحات صحفية، حيث وصف الشركة الأوكرانية التي مُنحت حقل عكاز، بأنها "شركة صغيرة وغير معروفة، ولا تستطيع التعامل مع حقل ضخم بهذا الحجم".

 

لكن وزارة النفط ردت على هذه التصريحات والتشكيكات المستمرة بالشركة، مؤكدة أنها "اتخذت كافة الضمانات من الشركة، كما أنها الشركة الوحيدة التي وافقت على تطوير حقل عكاز بنفس الشروط التعاقدية "عقد الخدمة" لحقل عكاز بعد أن قامت الوزارة بفتح باب المفاوضات مع العديد من الشركات العالمية التي أبدت رغبتها لتطوير الحقل شريطة تغيير الشروط التعاقدية.

 

وبينما يشرف العام الأول لعقد الشركة على الانتهاء، لا تزال الأعمال غائبة تماماً عن حقل عكاز، ولا يزال الحقل عند إنتاجه المتواضع بجهود وطنية، ليظهر اسم الشركة في اجتماعات صريحة مع وزير النفط مؤخراً، حيث اجتمع الوزير مع مدير الشركة لمرتين خلال أسبوعين فقط، لبحث تسريع أعمال الشركة وإزالة المعوقات، التي لم يُكشف عنها بعد.

 

وفي 30 كانون الثاني/ يناير، عقد وزير النفط حيان عبد الغني اجتماعاً مع مدير الشركة الأوكرانية العام، لبحث تسريع الاعمال وإزالة المعوقات، وبعدها بأسبوعين وتحديداً في منتصف شباط/فبراير، عقد وزير النفط اجتماعاً آخر مع مدير الشركة وعدد من المسؤولين، ولكن هذه المرة كان الاجتماع بحضور مدير الشركة فرع العراق أيضاً.

 

شركة غاز.. مسجلة في العراق منذ 2021!

 

تتبعت "الجبال"، البيانات المتوفرة عن الشركة، واتضح أنها شركة إنتاج غاز ومكثفات نفطية مسجلة في أوكرانيا، واسم رئيسها ماكسيم موستافين، وتعمل في 5 حقول للغاز في منطقتي بولتافا وخاركوف في أوكرانيا، كما أن الملفت، أن الشركة ثبتت في موقعها الرسمي اسم فرعها في العراق، لكونها لا تعمل في أية رقعة في العالم غير أوكرانيا، لكونه البلد الأول في تاريخها الذي تعمل فيه خارج حدود دولتها، حيث تظهر وثيقة أن الشركة مسجلة في العراق عام 2021.

 

عمّقت "الجبال" البحث أكثر، للتحقق من حقيقة الوثيقة التي تنشرها الشركة الأوكرانية على موقعها الرسمي، وبحثت في قاعدة بيانات وزارة التجارة لعام 2021، ووجدت بالفعل أن كتاب تسجيل فرع الشركة في العراق موجود بذات العدد والتاريخ عام 2021.

 

عقد عكاز أكبر بـ3 إضعاف من إنتاجها في أوكرانيا

 

وتوصلت "الجبال" أيضاً، إلى أن الشركة تبلغ قدرتها الانتاجية في أوكرانيا اكثر من 60 الف برميل مكافئ يومي من الغاز، لكن الإنتاج المشغل فعليًا، يبلغ أكثر من 25 الف برميل مكافئ يومياً.

 

ولمعرفة هذه الكمية ومقارنتها مع حقل عكاز، فإن كل برميل مكافئ يوميًا يعادل 5800 قدم مكعب من الغاز، ما يعني أن إنتاج 25 الف برميل مكافئ يومياً، يعني انتاج 145 مليون قدم مكعب قياسي (145 مقمق).

 

بالمقابل، من المفترض أن تنتج الشركة في حقل عكاز 100 مقمق، ثم يرفع الإنتاج إلى الهدف البالغ 400 مقمق يومياً، هذا يعني أن القدرة الانتاجية المطلوبة من الشركة في حقل عكاز غرب الانبار، يعادل حوالي 3 اضعاف انتاج الشركة في بلدها الام اوكرانيا.

 

في الخلاصة، يتضح أن الشركة ليست وهمية، وموجودة في أوكرانيا كشركة غاز منتجة بالفعل، كما انها مسجلة في العراق منذ 2021، لكن عدم مباشرتها بالانتاج في حقل عكاز واستمرار الاجتماعات مع وزير النفط بعد مرور عام على توقيع العقد، بالاضافة الى ما يظهره موقعها بأنها لا تعمل في اي مكان خارج أوكرانيا وأن العراق هو وجهتها الخارجية الوحيدة، جميع هذه العوامل "تثبت ضعف الشركة نسبياً وحقيقة كونها شركة متواضعة نوعا ما"، فما ستنتجه في حقل عكاز لوحده، أكبر باضعاف ما تنتجه بالفعل في أوكرانيا من 5 حقول.

علي الأعرجي صحفي عراقي

نُشرت في الاثنين 24 فبراير 2025 12:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.