إنّ ما يثار عن تفاقم مشكلات السيولة النقدية، ولا سيما في تنفيذ مسارات السياستين المالية والنقدية في العراق هي آراء شخصية لا تلامس الواقع لسببين موضوعيين؛ الأول: ما يتعلق بالتدفقات النقدية للموازنة العامة الاتحادية؛ إذ لم يشهد هذا المتغير المالي أية تعثرات في قوة تدفقاته خلال تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية للعام ٢٠٢٤، وذلك لمتانة الإيرادات النفطية وتصاعد الإيرادات الأخرى، وما يؤكد ذلك بيان وزارة المالية الاتحادية الرسمي الصادر في ١١ آب الجاري بشأن ما هو مثار حول ما يسمى بمشكلات السيولة المالية، حيث نص البيان الرسمي على سبيل المثال إلى ما ياتي: "إن هذا التصريح غير دقيق (أي تصريحات نقص السيولة) لكون الرواتب بكافة مسمياتها من أولويات وزارة المالية وإنها تقوم بتمويل ما يقارب (7,5) تريليون دينار شهرياً لتعويضات الموظفين والرواتب التقاعدية والمنح ورواتب الرعاية الاجتماعية ورواتب ذوي الإعاقة ومخصصات التلاميذ ورواتب المختارين".
ومن جانب آخر، وعلى صعيد إدارة السيولة العامة للبلاد، فنود أن نبيّن إنّ آليات توافر السيولة العامة ضمن السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي، فهي في غاية الانتظام والاستدامة، إذ نبين أنه لا توجد مشكلة بالسيولة إطلاقاً لدى سلطة الإصدار النقدي، وإن معدلات النمو في الكتلة النقدية شيء طبيعي، طالما أن الدينار العراقي مغطى بالعملة الأجنبية بنسب عالية جداً، وأن آلية الحصول على السيولة النقدية تقوم على تحويل إيرادات مبيعات النفط بالعملة الأجنبية إلى ما يقابلها من عملة وطنية، وتحديداً رفد سيولة الموازنة العامة بالدينار العراقي بشكل كفوء يحافظ على التدفقات النقدية للموازنة العامة بشكل منتظم، وعندما تحتاج المالية العامة إلى التمويل بالدينار بغية استدامة الصرف على أبواب الموازنة، إذ يتم تبادل مبيعات النفط بالدولار من خلال مسارات حسابية معتمدة تتكامل فيها العمليات النقدية مع العمليات المالية وبمطابقة دقيقة، حيث تذهب المالية العامة إلى بنك الإصدار النقدي الذي هو البنك المركزي العراقي ليمنحها العملة الوطنية لتمويل سيولة الموازنة العامة وسد نفقاتها من ايرادات الحكومة من عوائد النفط بالغالب.
وحتى وإن ارتفعت معدلات الإصدار النقدي بسبب التشدد الحاصل في قضايا الامتثال الدولي الذي أثر على امتصاص السيولة مقابل مبيعات الدولار خلال بعض الأشهر الماضية، ما دفع إلى نمو أعلى في الإصدار النقدي الجديد، إلا أن رصيد الإصدار النقدي مغطى بالعملة الأجنبية بنسبة تقارب 120% وهي تغطية عالية جداً تصب في مصلحة قوة الدينار العراقي وتعزيز قيمة السيولة النقدية العامة في الاقتصاد.
وبناءً على ما تقدم، فإنّ العراق يتمتع بتدفقات مالية عالية السيولة ومستقرة.