جردة موسّعة لأبرز الأحداث الاقتصادية في العراق خلال العام 2024

10 قراءة دقيقة
جردة موسّعة لأبرز الأحداث الاقتصادية في العراق خلال العام 2024 تعبيرية

في العام 2024، خاض العراق معركة اقتصادية حاسمة وسط أمواج متصاعدة من التحديات العالمية والمحلية، فرغم الاعتماد الكبير على النفط وتقلبات الأسواق العالمية، برزت إشارات "طفيفة"، بشأن تحول المشهد الاقتصادي العراقي.

 

بداية هذه الإشارات كانت بإطلاق الحكومة سلسلة من الإجراءات التي طالت مختلف القطاعات الاقتصادية في العراق سعياً لـ"تحقيق تنمية مستدامة"، إلا أن خبراء في مجال الاقتصاد لم يتفقوا بشكل تام مع خطط الحكومة، مؤكدين أنها نجحت في بعضها وفشلت في البعض الآخر.

 

أجرى فريق منصة "الجبال" دراسة معمقة لتحديد القطاعات الاقتصادية التي استهدفتها الحكومة العراقية في إجراءاتها الأخيرة خلال العام 2024.

 

النمو الاقتصادي العالمي للعراق

 

وعلى صعيد الاقتصاد الدولي، فقد ذكر صندوق النقد الدولي مطلع العام الجاري، أن الاقتصاد العراقي انكمش بنسبة 2.2% خلال العام 2022، فيما توقع نموه بنسبة 1.4% في 2024 و5.3 في المائة في 2025.

 

وفي نفس التقرير، أيضاً توقع اتساع عجز الموازنة العراقية إلى 7.6% خلال 2024 من 1.3% في 2023، فيما أشار الصندوق إلى أن هناك حاجة إلى تعديل مالي تدريجي لكن كبير في العراق لتحقيق الاستقرار في الديون على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية.

 

 ويقول الخبير الاقتصادي، أحمد صدام إن "الحكومة خطت خطوات مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم مع تركيا وقطر والإمارات لتطوير مشروع (طريق التنمية)، الذي يُتوقع أن يسهم في رفع مستوى التبادل التجاري الإقليمي، ويدعم التكامل الاقتصادي مع دول المنطقة".

 

وبحسب حديث صدام، لمنصة "الجبال"، فإن هذه الجهود، لا تزال غير كافية وكانت محدودة التأثير على القطاع الخاص في الاقتصاد العراقي، ويعود ذلك إلى عدم دخوله في مشاريع استثمارية كبرى، فضلاً عن ضعف الاستثمار الأجنبي في القطاعات غير النفطية، مبيناً أن "البيانات تشير إلى أن مساهمة القطاع الخاص لم تتجاوز 10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2023 و2024، وهو ما يبرز الحاجة إلى تحفيز هذا القطاع ليلعب دوراً أكبر في تحقيق النمو الاقتصادي".

 

ويضيف أن "قطاع النفط والغاز يستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية، يليه قطاع الإسكان والبنية التحتية، بينما يأتي قطاع الخدمات في المرتبة الثالثة من حيث جذب الاستثمارات".

 

ووفقاً لمجلة "CEOWORLD"، الأميركية، فقد احتل العراق المرتبة الخامسة عربياً والـ52 عالمياً كأكبر اقتصاد في العالم خلال 2024، مشيرة إلى أن العراق حقق نمواً محلياً بلغ 265.894 مليون دولار للعام الحالي، فيما تم تقدير الناتج للعام 2025 بنحو 278.811 مليون دولار، وفي العام 2026 بناتج يبلغ 292.147 مليون دينار، وفي العام 2027 بنحو 307.465 مليون دولار.

 

من جانبه، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، جليل اللامي لمنصة "الجبال" إن "الحكومة العراقية منحت ضمانات سيادية للمشاريع، اذ أنها قدمت ضمانات للمستثمرين المحليين والأجانب لتقليل المخاطر المرتبطة بالمشاريع الاستثمارية"، مضيفاً أن "الحكومة قدمت أيضاً تسهيل الإجراءات القانونية للمستثمرين من خلال تبسيط عمليات تسجيل الشركات وتقليل البيروقراطية لجذب المزيد من الاستثمارات والمستثمرين".

 

وضمن التطورات الاقتصادية الدولية للعراق، أعلنت وكالة فيتش الدولية، (28 تشرين الثاني 2024)، تثبيت تصنيف العراق عند درجة -B مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يعكس توازناً بين التحديات الاقتصادية والجهود الحكومية في تحسين الاستقرار المالي.

 

مصير القطاع النفطي خلال 2024

 

وإلى القطاع النفطي الذي يعتبر أهم قطاع في العراق، فقد أبرمت الحكومة العديد من العقود لتطوير هذا القطاع كان أبرزها التعاقد مع شركة "يوكرزم ريسورس"، الأوكرانية لتطوير حقل غاز عكاز في الأنبار، والتعاقد مع شركتي "جيرا" الصينية و"بترو عراق" لتطوير حقل المنصورية الغازي، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "بي.بي" (BP) البريطانية لإعادة تأهيل وتطوير حقول نفط الشمال الأربعة في كركوك.

 

وفي المزيد من الخطوات، أطلقت وزارة النفط 29 مشروعاً للنفط والغاز ضمن جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، بهدف إنتاج ما بين 800-850 مقمق من الغاز و750 ألف برميل يومياً، كما وقع العراق عقود تطوير 13 رقعة استكشافية وحقول تابعة للنفط والغاز.


ويقول الخبير الاقتصادي جليل اللامي، إن "الحكومة عملت على تنويع مصادر الدخل من أجل  تقليل الاعتماد على النفط وذلك من خلال دعم قطاعات الزراعة والصناعة".


إلا أن صدام، يعارض اللامي، حيث تابع قائلاً إن "تأثير الخطوات الحكومية وإجراءاتها لا تزال محدودة على البطالة والتنمية، ويعود ذلك إلى أن التركيز الحالي ينصب على مشاريع النفط والغاز، التي تعتمد على رأس المال أكثر من اعتمادها على خلق فرص عمل".

 

وفي (25 أيار 2024)، أعلنت وزارة النفط العراقية، توقيع مذكرة تفاهم بين شركتي "سيمنز" و"شلمنيجر" للاستثمار في الغاز المصاحب الذي يحترق، فضلاً عن توقع بعض العقود مع شركات أخرى لتطوير هذا القطاع.

 

هذا وشهد العام 2024، ارتفاع صادرات النفط العراقي إلى الأردن خلال 11 شهر من العام الحالي، بنسبة 7%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2023.

 

وبحسب إحصائية لشركة "سومو" فإن صادرات النفط العراقي إلى الأردن بلغت 3 ملايين و560 ألفا و446 برميلاً مقارنة بالصادرات خلال نفس الفترة من العام الماضي 2023 التي بلغت 3 ملايين و313 ألفا و621 برميلاً.

 

ويعد العراق ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة "أوبك" بمتوسط إنتاج يومي يبلغ أكثر من 3  ملايين برميل يومياً، في حين يشكل النفط في العراق أكثر من 90% من إجمالي الصادرات، كما يعد المصدر الوحيد تقريباً لتمويل الموازنة المالية العامة.

 

وفي خضام الأزمة النفطية العالمية، فقد قرر العراق في (5 تشرين الثاني من العام الجاري)، تمديد خفض الإنتاج الطوعي بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً تماشياً مع توجهات مجموعة "أوبك+".

 

الديون والقضايا المالية في العراق

 

وفي الجانب المالي للعراق، فقد ارتفعت الموازنة المالية خلال 2024 إلى 211 تريليون دينار ما يعادل تقريباً أكثر من 161 مليار دولار، مقارنة بالعام 2023 التي كانت تقدر بـ  199 تريليون دينار الذي يعادل 153 مليار دولار، حسب المستشار الاقتصادي رئيس الوزراء مظهر محمد صالح.


وإلا أن صندوق النقد الدولي، قال مطلع العام 2024، إن "الاختلالات الداخلية في العراق تفاقمت بسبب التوسع المالي الكبير وانخفاض أسعار النفط"، مشيراً إلى أن "العراق بحاجة لتصحيح أوضاع المالية العامة تدريجياً لتحقيق الاستقرار في الديون على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية".

 

سبق أن مصدراً حكومياً أفاد لمنصة "الجبال" بأن "الدين الخارجي للعراق يشكل أقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي وهو يقدر بـ 20 مليار دولار فقط"، مشيراً إلى أن "الدين الداخلي يتجاوز 45 مليار دولار، ويمثل الجزء الأكبر من إجمالي الديون".

 

وفي هذا الصدد، يقول جليل اللامي، إن "الحكومة أجرت إصلاحات حقيقية في النظامين الضريبي والمصرفي، مما ساهم في زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 6% ورفع الإيرادات الضريبية لعام 2024 بنسبة 23%".

 

ويشير اللامي إلى أن"الحكومة أطلقت أيضاً برامج لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بفوائد منخفضة بهدف دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، فضلاً عن إنشاء صناديق مالية لدعم مشاريع القطاع الخاص، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بقروض ميسرة".

 

ورغم الجهود المتكررة للحكومة العراقية، فإنها فشلت في كبح جماح أزمة الدولار وتذبذب الأسعار، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين وارتفاع معدلات التضخم.

 

وبشأن أزمة الدولار وتهريبه إلى خارج العراق، أصدر البنك المركزي (2 نيسان 2024)، قراراً بمنع 8 بنوك تجارية محلية من التعامل بالدولار، في إطار مساعيه للحد من عمليات الاحتيال وغسل الأموال، كما وقع بعدها عقداً مع شركة Oliver Wyman لإجراء مراجعة شاملة لأوضاع المصارف العراقية، مع التركيز على المصارف الممنوعة من التعامل بالدولار الأميركي.

 

اخفاقات وتحديات مستقبلية

 

كما يقول أحمد صدام، الخبير الاقتصادي إن "الحكومة العراقية شهدت مؤخراً سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتنشيط الاقتصاد الوطني، ومن أبرز هذه الإجراءات تعديل أسعار المنتجات النفطية لدعم مشاريع القطاع الخاص والمختلط".

 

كما تم العمل، والكلام لصدام، على تفعيل قوانين تضمن حقوق العاملين في هذا القطاع الحيوي، إلى جانب إطلاق خطوط إنتاج جديدة، مثل مصانع الأسمدة في البصرة المقرر افتتاحها في خلال الأيام المتبقية من العام 2024، ومشاريع أخرى تشمل إنتاج السكر والزيوت النباتية والأعلاف في محافظة بابل.

 

أما على مستوى التنمية، ووفقاً لصدام، فلا يزال هناك العديد لتحقيق الأثر المطلوب، حيث أن التنمية الشاملة في العراق تتطلب تحسين الركائز الأساسية، مثل رفع جودة القطاعات الصحية والتعليمية، وزيادة دخل الفرد".

 

في المقابل، يقول خبراء في حديث لمنصة "الجبال"، إن "الفساد ساهم في هدر الأموال العامة وتقويض الثقة بالدولة، مما أثر سلباً على الاستثمار والنمو الاقتصادي".

 

ويضيف الخبراء أن البنية التحتية العراقية تحتاج إلى استثمارات كبيرة لإصلاحها وتطويرها، خصوصاً وأن الحروب والصراعات أثرت على البنية التحتية والاقتصاد بشكل عام".

 

وعن التغيرات المناخية، يرى الخبراء، أن تغير المناخ يؤثر سلباً على الزراعة ومصادر المياه في العراق، ما يشكل تحدياً حقيقاً لاقتصاد البلاد"، مشيرين إلى أن "تأمين الرواتب أيضاً قد تكون من التحديات التي تواجه العراق خلال 2024، في حال انخفاض أسعار النفط العالمي".

 

نجاحات أخرى من زاوية اقتصادية

 

من جانبه يقول اللامي، إن دعم القطاع الخاص كان جزءاً مهماً من جهود حكومة العراق لتحقيق النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على القطاع العام، حيث قامت الحكومة بدعم القطاع الخاص من خلال:

 

أولاً: عمل الحكومة على مكافحة الفقر والبطالة إذ ساهمت الإجراءات في تخفيض نسبة الفقر إلى 17.6% بعد أن كانت 23%.

ثانياً: خفض نسبة البطالة من 16.5% إلى 14.4%، من خلال تعيين مئات الآف الخريجين وإطلاق مبادرات لتشغيل الشباب.

 

ويضيف اللامي أن "العراق ضمن خطط دعم الاقتصاد أطلق مشروع (طريق التنمية) الذي يهدف إلى تحويل البلاد إلى دولة منفتحة، من خلال إنشاء بنية تحتية تربط بين البصرة والموصل، ما يسهم في تعزيز التجارة والنقل".

 

ووفقاً لحديث اللامي، فإن الحكومة انطلقت في توطين الصناعة الدوائية، حيث ارتفعت نسبة تغطية الحاجة المحلية من 10% إلى 35%. مع خطط للوصول إلى 85% خلال ثلاث سنوات، فضلاً عن إطلاق مشاريع سكنية.

 

وفي (30 آذار 2024)، افتتح وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل، خط الربط الكهربائي بين العراق والأردن، الذي يمتد على ثلاث مراحل، ومن المقرر أن تصل طاقته إلى 500 ميغاواط في مرحلته الثالثة بجهد (400 كي في) بعد تفعيل الربط الثلاثي بين ‏العراق - الأردن - مصر.

رامي الصالحي صحفي

نُشرت في الأحد 29 ديسمبر 2024 06:20 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.