أكد النائب السابق في البرلمان العراقي والمختص بالعلاقات الدولية، عمر عبد الستار محمود، أن اللاجئينن اللبنانيين سيشملون بالتعداد السكاني الذي ستشهده البلاد، محذراً من مخطط دولي إقليمي يهدف إلى توطينهم في البلد واستبدال العراقيين بهم.
وقال محمود لـ "الجبال": "إن ما يجري في العراق أمر تاريخي، هناك قرار بتهجير الشيعة من لبنان إلى العراق، وهؤلاء اللبنانيين الشيعة الذين تديرهم مؤسسة القرض الحسن سيتوجهون إلى العراق وستواصل المؤسسة إدارتهم. وسيتم استبدال العراقيين بهم".
وأضاف "لن يتم فقط استبدال السنة الذين تم تهجيرهم، وإنما استبدال الشيعة الذين ثاروا في تشرين أيضاً. هذا قرار دولي، قد يجعل العراق إيرانياً"، مستشهداً بتصريحات السياسي اللبناني رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط بـ "بوجود مخطط لترحيل شيعة لبنان إلى العراق".
ذكر جنبلاط في مقابلة أجراها مع صحيفة النهار، منذ أيام، أنه "في الوقت الحاضر هناك تدمير ممنهج للجنوب، فكلما تقدم الجيش الإسرائيلي يقوم بتدمير أي قرية يقع عليها ويمحيها من الوجود، لأن هناك مشروعاً أيضاً وهو قديم جديد من أيام الانتداب الفرنسي، وقبل أن تولد دولة اسرائيل، كان هناك مشروع لكيفية ترحيل شيعة لبنان من جبل عامل إلى العراق"، مؤكداً أن "القسم الأكبر من شيعة لبنان هم مع مرجعية السيستاني العربية".
وأضاف: "مَن اغتال حسن نصرالله ألغى المحور الداخلي في لبنان وأصبح المحور اليوم هو إيران"، مشيراً إلى أن "النظام السوري حيّد نفسه عما يجري في المنطقة ولم تعد سوريا موجودة وليس هناك حتى دولة العراق".
علّق محمود على الأمر قائلاً: "كيف سيكون التفاوض على شكل العراق القادم أو سوريا القادمة أو لبنان القادم؟، الخطورة هنا تكمن في هذه النقطة. هم سيجرون في الأيام المقبلة إحصاء سكانياً وسيشملونهم على أنهم عراقيين بالإضافة إلى الأفغانيين والباكستانيين الموجودين في العراق".
وزارة التخطيط العراقية، أعلنت بلسان متحدثها عبد الزهرة الهنداوي، شمول الأجانب بالتعداد السكاني المنتظر إجراؤه في العراق.
وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي لمنصة الجبال إن "عملية التعداد السكاني لن تشمل المواطنين العراقيين فقط، بل جميع الأشخاص المقيمين في البلد من حملة الجنسيات الأجنبية. ويمكن لكل فرد المشاركة في التعداد من مكان إقامته، مع بيان سبب الانتقال من محافظته الأصلية إلى موقعه الحالي، إن كان ذلك لأسباب أمنية، أو اجتماعية، أو لظروف عملية، أو اختيارية".
حسب الوزارة "هناك أسئلة محددة للأجانب، بمختلف توصيفاتهم، سواء كانوا من العمالة أو من العاملين بالسفارات أو في الشركات أو الأطباء بأي صفة كانت"، إذ "سيتم عد الأجانب، لكن بأسئلة محددة فقط".
تضارب في أعداد "ضيوف العراق"
مع توسّع العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان أواخر أيلول الماضي، أبدى العراق دعماً كبيراً للبنان واللبنانيين، بدأ بإرسال المساعدات والفرق الطبيّة إلى بيروت لإسعاف المتضررين، واستمرّ باحتضان عدد كبير جداً منهم في أرضه عبر تسهيل سبل العبور إليه وتأمين الأماكن والغذاء والإعانات المالية لهم. وتؤكد السلطات أن هؤلاء ضيوف العراق، سيقيمون بشكل مؤقت بالبلاد لحين انتهاء الحرب في لبنان.
ومنذ نحو شهرين متواصلين يستمر تدفق اللبنانيين إلى مدن العراق، عبر الطرق البرية والجوية مروراً من سورية. لكن هناك تحفظ ملحوظ حول أوضاعهم داخل العراق، وتفاصيل تعاملاتهم، وحتى أعدادهم. فلم يعلن بشكل رسمي عن عددهم الكلي حتى الآن، بل يظهر تضارب كبير في الأرقام التي تفصح عنها الجهات المحلية كذلك الدولية المعنية بشؤونهم.
وفي آخر إحصائية لها هذا الشهر، قال المتحدّث باسم هيئة المنافذ الحدودية، علاء الدين القيسي إن عدد اللبنانيين الذين قصدوا العراق بسبب الحرب في بلادهم بلغ 18 ألفاً منذ 27 أيلول حتى 10 تشرين الثاني الجاري، مؤكداً مواصلة السلطات العراقية جهودها لاستقبالهم بسلاسة.
فيما أشارت أرقام وزارة الهجرة والمهجّرين العراقية إلى "وصول نحو 12 ألف نازح لبناني". في حين كشفت وزارة الداخلية عن أرقام مغايرة ومتفاوتة بشكل كبير مع أرقام المنافذ والهجرة.
المتحدث باسم وزارة الداخلية، مقداد ميري، صرح بأن "عدد الوافدين إلى العراق وصل إلى 36.867 شخصاً، غادر منهم 11444 الأراضي العراقية". بينما أشارت الأمم المتحدة في آخر إحصائية أعدتها قبل نحو شهر، في 23 تشرين الأول 2024، إلى أن "عدد النازحين اللبنانيين في العراق بلغ 46425 نازحاً دخلوا من منفذ القائم البري مع سورية ومطاري بغداد والنجف، لافتة إلى أن نحو 62% منهم نساء وأطفال".
ويصل عدد اللبنانيين النازحين من مناطقهم خلال شهرين إلى 1.4 شخص، بحسب الأمم المتحدة، 300 إلى 400 ألف منهم عبروا الحدود باتجاه سورية.
هذه أرقام غير نهائية، تجسد البيانات التي دخلت إلى قاعدة بيانات المؤسسات المعنية باستقبال وتأمين النازحين، قابلة للزيادة والتغيير.
وفي وقت سابق، صرح البرلماني السابق، عمر عبد الستار محمود، في مقطع نشره منصة "إكس" بـ "مجيء مليون شيعي لبناني من حاضنة حزب الله إلى العراق، بتسهيلات هائلة"، منوّهاً إلى أن "العراق يحتضن الموضوع بشكل واسع وهو استعدّ لهذا الاستقبال قبل فترة".
وقال إن "العراق يدعم بكل قوته النازحين اللبنانيين على أرضه"، وإن "شيعة لبنان جاءوا ليحلّوا محلّ السنة الذين تسيطر الفصائل على مناطقهم والشيعة الذين انتفضوا في تشرين 2019 وطالبوا بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق"، مردفاً بأن "إيران أتت بشيعة لبنانيين متطرفين، تحسباً لأن يثور شيعة العراق ضدهم، وليقوم اللبنانيون بعصفهم وقصفهم".
مواقف داعمة
برز الدعم العراقي إلى اللبنانيين، بمستويات واسعة ورفيعة، إذ طالب المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، بـ "بذل كل جهد ممكن لوقف العدوان الهمجي" وحماية الشعب اللبناني، داعياً "المؤمنين" إلى "القيام بما يساهم في تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية".
تبعه توجيه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني، الجهات المسؤولة، بـ "تمديد سمات دخول المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق دون الحاجة للسفر لمدة ثلاثين يوماً، والتمديد مرة أخرى. كذلك، منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية".
كما دعا زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، أصحاب المواكب إلى فتح مواكبهم أمام النازحيين اللبنانيين "على طريق كربلاء"، وجمع "التبرعات المالية" في مقر مؤسسته في النجف لفتح المواكب في سوريا ولبنان وإغاثة الجرحى والنازحين هناك. ويواصل حملاته لجمع التبرعات المادية العينية من المحافظات، حتى الآن.
وأكد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أيضاً، دعمه ومساندته إلى البنانيين وتعاطفه معهم في ظل الأوقات الصعبة التي يمرون بها، لافتاً إلى توجيه أتباعه إلى التبرع برواتبهم عن شهر كامل لتقديمها كإعانات للمنكوبين في الحرب الدائرة.
كل ذلك قوبل بسعة وترحيب من قبل العراقيين، إلا أن مطالبة رئيس مجلس محافظة النجف وكالة، غيث الكلابي، البرلمان العراقي، في شهر تشرين الأول الماضي، بـ "الإيعاز للوزارات للنظر في تعيين الكفاءات من اللاجئين اللبنانيين بصفة عقود، حسب الضوابط المعتمدة"، أثار حفيظة العراقيين، تبعه الإعلان عن مقترح حكومي من لجنة التربية في مجلس محافظة بغداد، باستخدام المخيمات والمجمعات التي كانت في السابق أماكن لنزوح العراقيين، كمدارس للتلاميذ والطلبة اللبنانيين.
ويجري التعداد السكاني العام في يومي الأربعاء والخميس 20 -21 تشرين الثاني 2024، لكن سيستمر العمل بعد ذلك من أجل استكمال جمع الاستمارات الخاصة بالخصائص الاجتماعية مثل الخصائص العمرية والصحية، وغيرها من البيانات التفصيلية للأسر، حتى 10 من كانون الأول المقبل. ويقول خبراء إن هذا التعداد يساعد في توفير بيانات قد تغيّر توزيع القوة والتمثيل السياسي في المناطق والمؤسسات، ويدعم بشكل كبير رسم سياسات تنموية وخدمية جديدة تضمن العدالة لشرائح المجتمع.