ثلاث ساعات كلّفت أكثر من 111 مليار دينار.. كم يخسر العراق جراء العطل الرسمية؟

4 قراءة دقيقة
ثلاث ساعات كلّفت أكثر من 111 مليار دينار.. كم يخسر العراق جراء العطل الرسمية؟

تصل خسارات العطل لضعف موازنة سوريا

مؤخراً، وبالتزامن مع مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره الكوري الجنوبي، أقدم مجلس الوزراء على تقليص ساعات الدوام الرسمي إلى الساعة الواحدة ظهراً، ليعيد الأمر الأسئلة حول تكاليف العطل، واستمرار تكرار مثل هذه الإجراءات في المناسبات الأخرى، وتأثيرها على الإنتاجية الحكومية، فضلاً عن الاقتصاد بشكل عام.

 

الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، قال إن "هذا الإجراء، رغم عدم كونه عطلة رسمية كاملة، إلا أنه كلّف الاقتصاد العراقي ما يقارب 110 مليار دينار"، ليؤكد فيما بعد أن الأمر "يكلّف الدولة العراقية 111.5".

 

 

العراق يخسر 9 تريليونات مقارنة بدول العالم

 

المرسومي كشف لـ"الجبال" أرقام صادمة حول تكلفة العطل الرسمية وغير الرسمية في العراق، مؤكداً أنها تصل إلى مبلغ خيالي يقدر بـ 9 تريليونات دينار عراقي سنوياً.

 

ويمتلك العراق أعلى معدل للعطل الرسمية وغير الرسمية في المنطقة، بحسب المرسومي الذي يشير إلى أن "عدد الأيام التي يتوقف فيها العمل في الدوائر الحكومية يصل إلى 36 يوماً في السنة، مقارنة بدول أخرى مثل إنجلترا التي لا تتجاوز فيها العطل الرسمية 8 أيام".

 

وهذا العدد الكبير من العطل يؤدي بالنسبة للمرسومي إلى "خسائر فادحة للاقتصاد العراقي، حيث قدرت التكلفة اليومية لهذه العطل بـ 246 مليار دينار، مما يعني خسارة سنوية تقدر بـ 9 تريليونات دينار، أي ما يعادل ضعف موازنة سوريا".

 

وفي العراق، هناك عطلة ‏نهاية الأسبوع خلال يومي الجمعة والسبت،‏ بالإضافة إلى أكثر من 10 عطل رسمية معتمدة في التقويم الرسمي للحكومة، تبدأ من عيد رأس السنة الميلادية، بالإضافة إلى الأعياد والمناسبات الدينية، فضلاً عن العطل التي تتسبب بها الأحداث الأمنية وحالة الطقس من أمطار شديدة وحرارة عالية، ويرى خبراء أن أيام العطل تتجاوز كثيراً ما هو معلن رسمياً، حيث تصل إلى 170 يوماً، ما يجعل الدولة تتكبد خسائر تقترب من 52 تريليون دينار.

 

"مناكفات سياسية وحزبية"

 

هذا وتتصدر الهند وكولومبيا قائمة الدول الأكثر حصولاً على العطل الرسمية بـ 18 يوماً سنوياً، تليهما لبنان بـ 16 يوماً، وعلى النقيض؛ تحتل إنجلترا وولاية مكسيكو المراتب الدنيا بعدد 8 و7 أيام على التوالي، بحسب المرسومي.

 

وتضع الكثير من البلدان حول العالم أمام عينيها الحد الأدنى من العطل، كما يرى الاستشاري في التنمية والاستثمار عامر الجواهري، وذلك لأن "حركة المجتمع بالنسبة لهم هي الأهم وليست الإرضاءات".

 

وفي حديث لـ"الجبال"، أرجع الجواهري ذلك إلى "الحاجة لتعزيز الإنتاجية وزيادة ساعات العمل لتحقيق نمو اقتصادي مستدام".

 

وعلى الرغم من استغراب الكثيرين جراء كثرة العطل، والمبالغة بها أحياناً داخل البلاد، عند المناسبات الدينية وغير الدينية، إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن الموضوع يتعلّق بـ"المناكفات السياسية والحزبية"، وفق حديث الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن الشيخلي مع "الجبال".

 

"الموظف العراقي يعمل 17 دقيقة في اليوم"

 

وتشير العديد من الإحصائيات أن متوسط وقت العمل الفعلي للموظف الحكومي العراقي لا يتجاوز 17 دقيقة يومياً، حيث يرجع الشيخلي سبب ذلك إلى "الاعتماد الكبير على الاقتصاد الريعي وإيرادات النفط، بالإضافة إلى كثرة العطل الرسمية"، وهو ما يساهم "في انخفاض إنتاجية الموظفين وتشجيع الشباب على الانضمام إلى القطاع الحكومي بحثاً عن استقرار وظيفي بعيداً عن العمل الفعلي".

 

وبالنسبة للخبير الجواهري الذي يتحدث في نفس السياق، فهناك من لا يدرك "الفرق بين أن يعمل الموظف أو أن يكون في العمل".

 

ويرى الجواهري أن "تكرار العطل الرسمية يؤثر سلباً على جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مشيراً إلى أن "توقف النشاط الحكومي يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وتشجيع ثقافة الكسل والاتكال".

 

 وحذر من أن "هذه الثقافة لا تقتصر على الموظفين الحكوميين بل تتسرب إلى المجتمع بأسره، مما يضعف روح المنافسة والإبداع التي تعتبر من أهم عناصر التنمية."

 

ولا يستبعد الجواهري علاقة قرارات العطل بـ"الأهداف السياسية"، مؤكداً أن "بعض الإدارات تتخذ قرارات ترضي أصحاب النفوذ والناخبين دون مراعاة المصلحة العامة"، إذ أن "هذه الممارسات غير صائبة وتساهم في تردي القيمة الإنتاجية للمجتمع".

إيناس فليب شاعرة وصحفية

نُشرت في الأربعاء 16 أكتوبر 2024 04:50 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.