في ظرفٍ لم يتجاوز ساعتين، تحوّلت شكوى عابرة في فضاء افتراضي إلى حملة لجمع التبرعات، لمواجهة الكلاب السائبة في الناصرية، وذلك على ما يبدو، بعد عجز السلطات الصحية الرسمية من التحرّك نحو الأمر.
ويقول عباس البدري عضو حملة جمع التبرعات لمكافحة الكلاب السائبة لمنصة "الجبال"، إن "فكرة الحملة انطلقت من كروب على تطبيق واتساب، بعد طرح المشكلة ومخاطرها المتزايدة على المواطنين، ولا سيما الأطفال وكبار السن".
ويضيف أن "التفاعل كان لافتاً وسريعاً، إذ تمكن أعضاء الحملة خلال ساعتين فقط من جمع 10 ملايين دينار عراقي، في استجابة وصفها بغير المتوقعة".
ورغم أن المبلغ لا يغطي حجم المشكلة بالكامل، يؤكد البدري أن "مكافحة الكلاب السائبة بحسب الجهات المختصة تحتاج إلى نحو 50 مليون دينار لمعالجة الملف بشكل أوسع، إلا أن ما جُمع حتى الآن يمثل خطوة مهمة ساهمت في حل جزء من الأزمة بشكل فوري وعلى إثر ذلك، توجه أعضاء الحملة إلى المستشفى البيطري في المحافظة، حيث تم تسليم المبلغ رسمياً إلى مدير المستشفى البيطري بمحضر استلام أصولي، تمهيداً لانطلاق الإجراءات الميدانية".
من جانبه، أوضح مدير المستشفى البيطري في ذي قار الدكتور علي عبد الحسين لمنصة "الجبال" أن "المستشفى شكّل لجاناً ميدانية مشتركة تضم دوائر البلدية والبيئة والأمن الوطني، بهدف إسناد الحملة وضمان تنفيذها ضمن الأطر القانونية والصحية المعتمدة"، مبيناً أن "المبلغ المتوفر سيسهم في معالجة المشكلة بشكل مؤقت، لكنه لا يمثل حلًا جذرياً".
وأشار عبد الحسين إلى أن "أعداد الكلاب السائبة داخل مدينة الناصرية تُقدّر بنحو 30 ألف كلب سائب، وهو رقم يعكس حجم التحدي البيئي والصحي الذي تواجهه المدينة".

ويوم أمس، أعلنت وزارة الصحة، توفر المصل واللقاح المضاد لداء الكلب في جميع المؤسسات الصحية، مؤكدة أهمية مراجعة المؤسسات الصحية عند التعرّض لـ"عضة".
وبحسب المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، فإن "داء الكلب مرض فيروسي قاتل، وليس كل كلب مصاباً به، إلا أن السلامة الصحية تقتضي اعتبار أي عضة كلب حالة طارئة تستوجب مراجعة أقرب مؤسسة صحية فوراً".
وأشار إلى أنّ "العلاج الوقائي من داء الكلب يمر بعدة مراحل، تبدأ بتنظيف الجرح الناتج عن العضة أو الخدش تنظيفاً جراحياً دقيقاً، ثم إعطاء اللقاح أو المصل المضاد، حيث تُعطى الجرعة الأولى خلال دقائق أو ساعات من التعرض للإصابة، يليها نظام خاص بعد 3 أيام، وبعد أسبوع، ثم بعد أسبوعين، وأخيراً بعد أكثر من 20 يوماً، مع متابعة الحالة من قبل فريق طبي متخصص".
وأكد أنّ "فيروس داء الكلب خطير جداً، ولا يوجد علاج له داخل العراق أو خارجه بعد ظهور الأعراض، وتكون نسبة الوفاة 100 بالمئة في حال بدء نشاط الفيروس داخل جسم الإنسان"، مبيناً أن "الوقاية ممكنة فقط خلال الساعات الأولى بعد التعرض للعضة".
ولفت إلى أنّ "المصاب قد تظهر عليه أعراض تشمل السعال، والهلوسة، والتهابات الدماغ، والخوف من الماء، ويتوفى خلال أيام قليلة"، مبيناً أن "أغلب حالات الشكاوى والانتقادات الموجهة إلى وزارة الصحة تعود إلى إهمال مراجعة المؤسسات الصحية بعد التعرض لعضة كلب، خصوصاً إذا كانت الإصابة بسيطة، لتتم مراجعة المستشفى بعد ظهور الأعراض، حيث لا يكون هناك علاج سوى الرعاية التحفظية، ما يؤدي إلى سوء فهم لدى المواطنين حول توفر اللقاحات أو تقصير الوزارة".
وفي ما يخص ظاهرة الكلاب والحيوانات السائبة، أكد البدر أن "مكافحتها ليست من مسؤولية وزارة الصحة، بل تقع ضمن مهام لجان محلية في كل محافظة برئاسة المحافظ، وعضوية أمانة بغداد في العاصمة، والجهات الأمنية، ووزارة الزراعة، ودائرة البيطرة، مع مشاركة وزارة الصحة كعضو ضمن هذه اللجان".
وأشار إلى أنّ "دور وزارة الصحة يتركز على التشخيص والعلاج والتوعية الصحية، سواء في ما يخص داء الكلب أو الحمى النزفية"، لافتاً إلى أن "التعامل المباشر مع الحيوانات المصابة ليس من اختصاص الوزارة، وإنما من مسؤولية الجهات المدنية المختصة كوزارة الزراعة والبيئة والحكومات المحلية والبلديات والقوات الأمنية".
وقال أيضاً إن "المصل واللقاح المضاد لداء الكلب متوفران في جميع المؤسسات الصحية، ولا سيما ردهات الطوارئ والمستشفيات الرئيسة في بغداد والمحافظات، وفق بروتوكول صحي معتمد للتعامل مع هذه الحالات".
ودعا البدر، الجهات المعنية إلى "تكثيف جهودها لمعالجة ظاهرة الكلاب السائبة"، مشيراً إلى أن "الحالات المسجلة رسمياً بداء الكلب في العراق محدودة"، مبيناً أن "الوزارة تتعامل مع أي عضة كلب على أنها محتملة لنقل المرض وتتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة فوراً"، محذراً من "الخلط بين الإصابة بعضة كلب والإصابة الفعلية بداء الكلب".
(مواقع التواصل)