آخر سلسلة في "الموازنات الثلاثة".. جداول 2025 ستتأثر بأوضاع الحرب وترتفع النفقات

8 قراءة دقيقة
آخر سلسلة في "الموازنات الثلاثة".. جداول 2025 ستتأثر بأوضاع الحرب وترتفع النفقات

"تنتظر إضافة مليون موظف جديد" 

بدأ الحديث يدور حول الخوض في مناقشة جداول الموازنة المالية العامة الاتحادية لعام 2025 بعد أشهر قليلة من الانتهاء و"بشكل صعب جداً" من حسم جداول العام الجاري 2024 نتيجة التقاطعات السياسية داخل مجلس النواب حول التخصيصات وما يشوبها من رغبات بالرفع والتخفيض، فضلاً عن أزمة الإضافات لجداول الموازنة.

 

وشرع مجلس النواب جداول موازنة 2024 حيث تضمنت 156 تريليون دينار كموازنة جارية، و55 ترليوناً للجانب الاستثماري موزعة بين الوزارات والمحافظات، فيما جرى التركيز على المشاريع المتأخرة مع ضرورة تضمين ما تبقى من موازنة 2023 وتخصيصات قانون الدعم الطارئ بالكامل، كما منح مجلس الوزراء صلاحية مناقلة مبلغ ترليوني دينار من تخصيصات الموازنة الاستثمارية للوزارات، وإضافتها إلى تخصيصات تنمية الأقاليم للمحافظات غير المنتظمة بإقليم.

 

اللجنة المالية في البرلمان

 

وحول جداول الموازنة الجديدة والأخيرة ضمن "الموازنة الثلاثية"، يقول عضو اللجنة المالية النيابية، النائب معين الكاظمي، لـمنصة "الجبال"، إنّ "اللجنة تعمل وباجتماعات متواصلة مع الجهات الحكومية المختصة كالبنك المركزي ووزارة المالية من أجل ضمان عدم تأخر التخصيصات لإدامة زخم المشاريع المستمرة"، مؤكداً أن "ذلك يتم من خلال دراسة وإرسال جداول الموازنة سريعاً إلى البرلمان في أقرب وقت".

 

وأضاف الكاظمي أن "المالية النيابية سوف تشرع باجتماعات مكثفة لمناقشة جداول موازنة 2025 بداية شهر تشرين الثاني القادم"، معتبراً أن "اللجنة تتخذ خطوات سريعة لعدم تسبب تأخر الموازنة القادمة مثل السابقة في تأخر رواتب الموظفين وتخصيصات المشاريع، لكن بنفس الوقت فالرواتب مؤمنة لغاية نهاية السنة الحالية".

 

وأشار النائب إلى أن "اللجنة تسعى جاهدة الآن لتدارس كيفية تطوير الإيرادات غير النفطية عبر المنافذ والزراعة والتجارة والصناعة وغيرها من القطاعات"، معتبراً أن "الدولة يجب أن تقوم بتفعيل هذه القطاعات بشكل مفيد مالياً وعدم البقاء معتمدة على الواردات النفطية فقط".

 

على ذات الصعيد، شرعت وزارة التخطيط بسلسلة اجتماعات مع الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة لمناقشة اولويات المشاريع ضمن الخطة الاستثمارية السنوية لعام 2025، بحسب بيان للوزارة تابعته "الجبال"، أكد أنه تم تثبيت عدّة ملاحظات منها متطلبات هذه الجهات ووحدات الانفاق للتخصيصات الخاصة بموازنة العام المقبل، مبررة حسب الالتزامات المالية والقدرة التنفيذية، إضافة إلى تثبيت موقف مُحدث للمشاريع المتلكئة مع اعطاء اولوية في متابعة مشاريع البرنامج الحكومي.

 

خفض سعر برميل النفط

 

أما عن الشكل المتوقع للموازنة القادمة، يعتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة البصرة، أحمد صدام، خلال حديثه لـمنصة "الجبال"، أن "موازنة العام 2025 سوف تكون مقيدة بالتوقعات السلبية الناتجة من التوترات الإقليمية المحيطة بالعراق، وبالتالي ربما تلجأ الحكومة إلى تحديد سعر برميل النفط في الموازنة بحدود 65 دولاراً للبرميل الواحد"، معتبراً أنه "بهذه الحالة سوف لا تتجاوز الإيرادات النفطية 110 ترليون دينار وإذا ما أضفنا لها الإيرادات غير النفطية التي يمكن أن تصل إلى 15 ترليون فهذا يعني أن الموازنة ستكون تشغيلية بامتياز وخالية من المشاريع الاستثمارية الجديدة بسبب ضعف التخصيصات المالية بالمقارنة مع موازنة 2024".

 

ويؤكد صدام أنه "يفترض أن تاخذ الحكومة في عين الاعتبار تقليل النفقات التشغيلية غير الضرورية واجراءات اخرى مثل منح تسهيلات اكبر للقطاع الخاص في سبيل تشجيع الاستثمار المحلي وخلق فرص العمل"، فيما لفت إلى أن "التضخم الوظيفي يشكل ضغطاً كبيراً على الموازنة بسبب أن الرواتب المدفوعة لا ترتبط بالإنتاج إذ كما هو معلوم أن 70% من شركات القطاع العام هي شركات خاسرة، وهذا يعني أنها تعتاش على إيرادات النفط بالدرجة الأساس ومع وجود التضخم الوظيفي فهذه الحالة تشكل ضغطاً لا يستهان به على الموازنة".

 

وعلى اساس ذلك، يرى صدام، أن "حل مشكلة الضغط الوظيفي عملياً لا يمكن تحققه إلا بعد تفعيل دور الشركات الخاسرة أو تقييد سياسات التوظيف بالقطاع العام مستقبلا"، مستدركاً بالقول: "لكن هذه السياسة مشروطة بدعم وتسهيل نشاطات القطاع الخاص وقدوم الشركات الاستثمارية حتى تستوعب الجزء الأكبر من الباحثين عن العمل بما يخفف من مشكلة البطالة".

 

ومن اللافت أن الموازنة للعام الحالي لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضاً، في وقت يواجه العراق منذ أكثر من سنتين أزمة اقتصادية حادة نتيجة أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهو ما أثّر بشكل كبير على السياسات المالية للدولة، إضافة لاتخاذ إجراءات لضبط الحركة التجارية في الاسواق لعدم تضرر المواطنين بشكل كبير نتيجة التلاعب بأسعار الصرف.

 

وفي منتصف تموزالماضي، أثيرت قضية حصول تزوير أو تلاعب في جداول موازنة العام 2024، بين مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، وهو ما أثار حالة من الجدل والتضارب في البيانات والمراسلات بين الطرفين، وبدأت القصة، عندما قالت اللجنة المالية إن بعض أعضاء المجلس تلاعبوا في جداول الموازنة بعد المصادقة عليها، ومن ثم تم إرسالها إلى مجلس الوزراء، مشيرة إلى "بدء تحقيقات حول القضية".

 

زيادة متوقعة بالنفقات

 

من جهته، يرى الاكاديمي والخبير الاقتصادي، خطاب الضامن، خلال حديثه لـمنصة "الجبال"، أن "موازنة 2025 هي مقرة ضمن الموازنة العامة الثلاثية لسنوات 2023 و 2024 و 2025 وهي بحوالي 199 تريليون دينار وما حصل في موازنة العام السابق فقد تم اضافة جداول بقيمة 12 تريليون دينار ليصبح مجموعها 211 تريليون دينار، اما بموازنة العام 2025 فستكون لها جداول جديدة لتشكل زيادة ملحوظة بالشقين التشغيلي والاستثماري".

 

ويضيف الضامن أن "الشق التشغيلي فهو معلوم فيه زيادة كبيرة بالموظفين من العقود والمثبتين على الملاك حيث يشكلون اكثر من مليون موظف وفقا لحديث مجلس الوزراء ولديهم سنوات خدمة سابقة في الدولة سيقومون باضافتها ما سيؤدي لاضافتها ما يعني زيادة مستحقاتهم المالية وهي كلها في نفقات رواتب الموظفين التي تقدر بتريليونات الدنانير سنويا وهو نفس الحال في موازنة 2025"، داعيا الى "ضرورة قيام الحكومة بالاسراع والتسهيل في اكمال جداول الموازنة لكي تمنح فرصة للبرلمان بالدراسة والتشريع وعدم تأخرها لانها ستؤثر على الرواتب والمشاريع وجميع الاصعدة الاقتصادية".

 

اما الانفاق الاستثماري، يقول الخبير إنه "متوقع له إضافة أموال وتخصيصات للمشاريع الاستثمارية في بغداد والمحافظات تخص الطرق والجسور والكهرباء والبنى التحتية الأخرى، وهي تخصيصات مقسمة على سنوات وتمثل أجزاءً مهمة وحيوية في تلك المشاريع، وهذه ايضا زيادة كبيرة ستحضر مع وجود عجز متوقع دائما بحوالي أكثر من 50 تريليون دينار بكل موازنة من الأعوام الثلاثة، إضافة لتخصيصات عام 2022 التي تم إضافتها وهي بمبلغ 11 تريليون دينار".

 

ويشير إلى أن "العجز هو حاصل بالمجمل في زيادة التخصيصات العامة للدولة وهذا يتطلب ايجاد تحوطات مالية صارمة، لأن انخفاض أسعار النفط في أي وقت سيؤدي إلى مشكلة كبيرة أمام الحكومة كما حصل في فترة جائحة كورونا، ولذلك يجب اللجوء لايجاد صندوق طوارئ في اوقات الازمات وتنويع مصادر الإيرادات العامة عن طريق ملف الضرائب وترشيد الانفاق الكمالي وغيرها".

 

ويؤكد الضامن، أن "تضخم الكوادر الوظيفية في الدولة يشكل ضغطاً مالياً كبيراً وزيادة بالانفاق في ظل العجز المالي الذي يواجهه العراق ويزيد من المخاطر المالية وهو ما يجب مواجهته بتقنين الأعداد وهو ما يؤيده رئيس الوزراء بالذهاب نحو خلق الوظائف بالقطاع الخاص وهو أمر صحيح، بوجود الكثير من الدوائر لديها عدد كبير فائض من الموظفين ربما يجبر الدولة في سنوات قادمة على إجراءات اقتصادية قاسية".

 

يذكر أن نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، كانت تضمنت العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقاً لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار، واضافة لذلك، فأن الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير ما سيؤدي لاجبار الدولة وفقا للتوقعات الى الاقتراض مجدداً.

الجبال

نُشرت في الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 12:55 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.