مرشحون حصلوا على صوت 1 فقط… انتخبوا أنفسهم وتجربة لـ"الظهور" لا أكثر

مرشحون حصلوا على صوت 1 فقط… انتخبوا أنفسهم وتجربة لـ"الظهور" لا أكثر صندوق اقتراع

55 مرشحاً بصوت واحد في العراق يدخلون التاريخ من بوابة الخيبة الانتخابية

في واحدة من أغرب نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية 2025، كشفت القوائم الأولية الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في المحافظات العراقية عن وجود مرشحين لم يحصلوا سوى على صوت واحد فقط. صوتهم الشخصي غالباً، في مؤشر يرى فيه مراقبون يكشف حجم الفجوة بين بعض المرشحين والواقع، وغياب أي قاعدة جماهيرية حقيقية تدفع هؤلاء نحو منافسة انتخابية جادة.

 

وتُعد هذه النتيجة غير مسبوقة، في مشهد انتخابي يضم آلاف المرشحين فإن حصول المرشح على صوت واحد فقط يعني عملياً أنه لا يمتلك حتى الحدّ الأدنى من الدعم داخل عائلته أو محيطه الاجتماعي، فما بالك بالحي أو القرية أو الجمهور الذي يفترض أنه يمثلهم.

 

وأظهرت النتائج الرسمية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مفاجأة في المشهد الانتخابي العراقي بعد تسجيل 55 مرشحاً لم يحصدوا سوى صوت واحد فقط في عموم المحافظات، رغم انتمائهم إلى "كتل سياسية متنافسة شاركت ببرامج وحملات وإعلام واسع".

 

المعطيات تكشف أن الأرقام الخجولة لم تكن حالات فردية، بل طالت كتلاً سياسية كاملة، فتحالف العمق الوطني سجّل 14 مرشحاً بصوت واحد فقط وجاءت حركة الرواد الوطني في المركز الثاني بـ 11 مرشحاً اقتصر رصيد كل منهم على صوت واحد لا غير، بينما حلّ حزب العمران ثالثاً بستة مرشحين واجهوا المصير ذاته ولم تتوقف المفاجأة عند هذه الكتل، إذ ظهر مرشحو الصوت الواحد أيضاً في تشكيلات سياسية أخرى، بينها ائتلاف الأساس وتحالف الحدباء وتحالف الخدمات تيار قبضتنا وسومريون وحزب الرفعة الوطني وحزب العراق للإصلاح وحزب اللواء الوطني وشلعة الديوانية وإشراقة كانون والبديل والجبهة الفيلية والحسم الوطني والشركاط لأهلها.

 

ويوضح المراقبون أن "ما حدث يمثل أوسع خريطة لظاهرة المرشحين بلا جمهور وهو ما يعكس خللاً عميقاً في اختيار المرشحين، وإدارة الحملات، وتوزيع الدعم داخل الكتل السياسية".

 

ويصف مدير مركز الجنوب للدراسات والتخطيط الستراتيجي صلاح الموسوي لمنصة "الجبال" هذه الحالات بأنها "مؤشر على انقطاع كامل بين بعض المرشحين والواقع الاجتماعي". 

 

وأضاف أن "المرشح الذي لا يحصل سوى على صوته فقط، إن كان قد صوّت لنفسه فعلاً يعكس غياب التخطيط والوعي السياسي، وربما الدخول في الانتخابات بدافع التجريب أو الظهور لا أكثر".

 

وأشار إلى أن "بعض المرشحين أيضاً دخلوا من باب خوض التجربة بدافع فردي أو رغبة في اختبار الحظ دون امتلاك رؤية انتخابية أو جماهيرية، وإن بعض الأحزاب تدفع بمرشحين تكميليين دون توفير دعم فعلي لهم".

 

من جانبه أوضح مدير المكتب الإقليمي لمنظمة "تموز" في ذي قار، رزاق عبيد، لمنصة "الجبال" أن "ظاهرة المرشحين الذين حصلوا على صوت واحد فقط في انتخابات 2025 ليست مجرد نتيجة انتخابية ضعيفة، بل تعكس خلفيات نفسية واجتماعية ومعرفية دفعت بعض الأشخاص إلى الترشح دون امتلاك أي قاعدة جماهيرية أو رؤية انتخابية واضحة منها حالة نفسية لدى بعض المرشحين، ممن يرغبون في الظهور والبروز الاجتماعي لمجرد أن تُلصق بهم صفة مرشح للبرلمان"، مشيراً إلى أن "بعضهم يرى في الترشح وسيلة للشهرة الاجتماعية أو إثبات الذات أكثر من كونه منافسة انتخابية تتطلب برنامجاً وجمهوراً وقدرة على الإقناع".

 

أما السبب الثاني بحسب عبيد، فهو ما وصفه "بنزوة" داخل الإنسان تجعله يقرر خوض الانتخابات فجأة، دون أي قراءة لواقع المنافسة أو متطلبات العملية الانتخابية.

 

وبيّن عبيد أن "عدداً من المرشحين الذين سجّلوا حضوراً ضعيفاً يفتقرون إلى أبسط المعلومات حول القانون الانتخابي، وآليات احتساب الأصوات، وحتى القوانين مثل سانت ليغو"، موضحاً أن "بعض المرشحين كان يتساءل عن سانت ليغو معتقداً أنه شخص مسؤول عن الانتخابات، وليس نظاماً رياضياً لاحتساب الأصوات".

 

ويؤكد عبيد أن "الجهل بهذه التفاصيل يكشف افتقاراً واضحاً للوعي السياسي والانتخابي، وهو ما يجعل النتائج الضعيفة أمراً متوقعاً، بل حتمياً في ظل غياب الجمهور والدعم الاجتماعي والبرنامج الواضح".

 

من جانبه، يقول رئيس الجمعية العراقية للعلوم السياسية في ذي قار، أحمد الموسوي، لـ"الجبال" إن "المرشحين الذين لم يحصلوا سوى على أصوات معدودة لم يدخلوا السباق البرلماني بوصفهم مرشحين حقيقيين، بل كـ "أرقام تكميلية" دفعت بها الكتل السياسية لإكمال قوائمها فقط، دون أن تراهن عليهم فعلياً أو تستثمر في فرص فوزهم".

 

ويكمل الموسوي أن "كثيراً من الكتل السياسية لا تعتمد على جميع المرشحين داخل القائمة بنفس الدرجة، بل تدفع ببعضهم فقط من أجل اكتمال العدد الانتخابي، دون أن تؤمن بقدرتهم على حصد الأصوات أو بامتلاكهم جمهوراً أو حضوراً مجتمعياً".

 

ويضيف: "هذه الكتل تعرف مسبقاً أن هؤلاء المرشحين لن يحققوا نتائج كبيرة، لكنها مع ذلك تشركهم كجزء من اللعبة الانتخابية دون تقديم أي دعم حقيقي لهم".

 

اما السبب الثاني لضعف الأصوات بحسب الموسوي، هو "غياب فرص الدعاية والإعلان والتحشيد الانتخابي لهؤلاء المرشحين مقارنة بزملائهم داخل نفس القائمة". فالكتل السياسية تعتمد في استراتيجيتها على حسابات دقيقة تتعلق بجمهور كل مرشح ومدى تأثيره وموقعه الاجتماعي، بالتالي تُقسّم مستويات الدعم المالي والإعلامي وفق هذه المعايير.

 

ويؤكد الموسوي أن "الدعم المالي ليس متساوياً بين المرشحين.. هناك من يحظى بميزانية واضحة وفريق إعلامي وحملات منظمة، بينما يُترك آخرون بلا أي أدوات تنافسية".

 

هذا التفاوت في الدعم يؤدي في النهاية إلى نتائج انتخابية متفاوتة أيضاً، حيث يحقق مرشحون مدعومون آلاف الأصوات، بينما يخرج آخرون من نفس القائمة بأرقام هزيلة لا تتجاوز العشرة، بل يصل بعضهم إلى صوت واحد فقط، ويرى الموسوي أن "هذه النتائج ليست مفاجِئة، بل "انعكاساً طبيعياً لبنية النظام الحزبي، حيث تُمنح فرص الفوز لمن تراه الكتلة قادراً على المنافسة، بينما يُترك الآخرون بلا أدوات حقيقية، فيتحول وجودهم في السباق إلى ترشيح شكلي لا أكثر".


الجبال

نُشرت في الخميس 13 نوفمبر 2025 12:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.