تُعتبر مشاريع المنافع الاجتماعية إحدى الأدوات الهامة التي تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق التي يجرى فيها نشاط نفطي من قبل الشركات الأجنبية العاملة على الاستخراجات، ومحافظة ذي قار وتحديداً مناطقها الشمالية تعد واحدة من أهم الأمكنة التي تشهد عمليات استخراج النفط وتطوير هذا القطاع ولكن الموازنة المخصصة للمناطق التي يتواجد فيها النشاط تواجهة احتمالية حرمانها من المشاريع الخدمية إذ تصل ميزانية هذه المشاريع في الوقت الحالي بنحو 80 مليون دولار مخصصة لهذه المشاريع ويعود السبب الرئيس في هذه الأزمة إلى عدم انعقاد جلسات مجلس المحافظة، مما يعيق مناقشة وتفعيل هذه المشاريع الحيوية.
ورغم اكتمال خطة مشاريع المنافع الاجتماعية، إلا أن مجلس محافظة ذي قار لم يصوت حتى الآن على الخطة المقررة التي تم استحصال موازنتها من الشركات النفطية الأجنبية، وقد كان من المقرر عقد جلسة دورية للمجلس في السادس والعشرين من أيلول 2024، ولكن لم يكتمل النصاب القانوني بسبب عدم حضور عدد من الأعضاء، والذي رجح البعض غياب بعض الأعضاء لأسباب سياسية.
وأوضح عضو مجلس محافظة ذي قار، أحمد الخفاجي لـ"الجبال" أن "مشاريع المنافع الاجتماعية تمثل أهمية بالغة لعشرات الآلاف من سكان مناطق شمال المحافظة ويسكنون أقضية قلعة سكر والفجر والرفاعي وميسلون وأيضاً البطحاء غرباً وجزءاً من الناصرية إذ توجد شركات نفطية تعمل في حقل الغراف النفطي، وتعمل فيه تحالف شركة بتروناس الماليزية وجابكس اليابانية، بالإضافة إلى حقل أريدو الذي تعمل فيه شركة لوك أويل الروسية هذه الشركات مسؤولة عن نحو 80 مليون دولار تمثل مستحقات متراكمة من المفترض أن تُستخدم في تحسين الخدمات العامة، مثل الصحة والبيئة والتربية".
وأكمل الخفاجي حديثه أنه كان من المتوقع أن "يتم التصويت على هذه المشاريع في الأول من أيلول الحالي ولكن تأجل الأمر نتيجة التظاهرات وإغلاق العديد من الدوائر الحكومية مما تسبب في تفاقم الأزمة وتعطيل الأعمال الحيوية، لافتاً أن خطة المشاريع قد وضعت بالتنسيق والتشاور بين ديوان المحافظة والقسم الفني في المجلس وتحديد طبيعة المشاريع، ولم يستبعد الخفاجي عدم انعقاد المجلس لجلسته بدواعي سياسية".
من جانبه، أشار عضو المجلس الحالي والرئيس السابق للمجلس عبد الباقي العمري، لمنصة "الجبال" عن عدم رضاه في الأداء الحالي للمجلس، "حيث لم يخرج المجلس بقرارات فعالة منذ الرابع عشر من آب الماضي ، مشدداً على ضرورة انعقاد جلسات أسبوعية وأن تكون جلسة واحدة على الأقل لمناقشة القضايا العالقة في المحافظة وأن تعطيل انعقاد الجلسات ينعكس سلباً على الخدمات المقدمة للمواطنين ويزيد من حدّة الأزمات التي تواجهها المحافظة".
الناطق الرسمي باسم مجلس محافظة ذي قار، أحمد سليم، أوضح أن "الأزمة السياسية التي شهدتها المحافظة هي السبب الرئيس في تأخر انعقاد الجلسات وكما هو معروف أن النصاب القانوني يُعتبر العنصر الحاسم في انعقاد هذه الجلسات ومع ذلك، سيعقد المجلس جلسة جديدة يوم الإثنين المقبل، حيث ستتم مناقشة عدد من الملفات المهمة، بما في ذلك ملف المشاريع الخدمية، التي تتطلب اتخاذ قرارات مهمة منها ملف مشاريع المنافع الاجتماعية فضلاً عن قرارات هامة لم يفصح عنها".
وشهدت محافظة ذي قار عصفاً مفاجئاً بالمشهد السياسي قبل عدة أسابيع حيث تم اعتقال شبكة ابتزاز استجابة لشكوى تقدم بها المحافظ مرتضى الإبراهيمي تضم الشبكة فتاتين وشاباً من قضاء الرفاعي، إحدى الفتاتين كانت مرشحة لانتخابات مجالس المحافظات ضمن كتلة الماكنة، أما الثانية متهمة وفق الفديو المسرب بإقامة العلاقة مع الإبراهيمي فهو يظهر المحافظ وهو يتحدث مع الفتاة بكلمات خادشة للحياء وصورة غير لائقة، والإبراهيمي قد وفر لها فرصة عمل بأجر يومي وفق وثيقة رسمية في بلدية الرفاعي، ولم تصدر تأكيدات رسمية حول صحة الفيديو.
وعلى أثرها تم اعتقال عضو مجلس المحافظة عمار ياسر الركابي وصدرت مذكرة قبض ضد عضو آخر يُدعى محمد هادي بهذه التهمة الذي لم يُعثر عليه في المدينة وبعدها تم اعتقال صحفي بتهمة الابتزاز في منفذ سفوان الحدودي، فمنذ 11 سبتمبر 2024 وحتى الآن عضو مجلس المحافظة عمار ياسر الركابي قيد الاعتقال والتحقيق لكشف تفاصيل هذه القضية.
معاون محافظ ذي قار للشؤون الفنية، حسن دعدوش، أوضح الموقف الحكومي اتجاه استحصال المبالغ المالية اذ أن الحكومة المحلية طالبت الشركات النفطية بصرف المستحقات المتراكمة والتي تجاوزت 80 مليون دولار وتتُركز هذه المستحقات على قطاعات حيوية مثل البلديات والصحة والبيئة والتربية، لافتاً الى انه يتم تخصيص نحو 10 ملايين دولار سنوياً عن كل حقل تعمل فيه الشركات الأجنبية.
وتضم محافظة ذي قار حقل الغراف النفطي وحقل اريدو اللذين تعمل فيهما شركات أجنبية أما حقل الناصرية النفطي تقوم شركات نفط عراقية بعمليات الانتاج والحفر والتطوير فيه، وتجاوز مستوى الانتاج النفطي اليومي للمحافظة من هذه الحقول اكثر من 150 الف برميل يومياً.
يرى الكاتب صلاح الموسوي أن عدم انعقاد الجلسات يعود إلى الخلافات السياسية المستمرة، التي تؤثر بشكل مباشر على عملية اتخاذ القرارات في حين تحتاج المحافظة إلى توافق سياسي حقيقي يضمن استمرارية العمل وتنفيذ المشاريع، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها وما تمر به المنطقة من تطورات على المستوى الامني والاقتصادي، وجميعها لها انعكاسات على واقع العراق.
إن تأجيل الجلسات وعدم التوافق السياسي يهدد مستقبل مشاريع المنافع الاجتماعية في شمال محافظة ذي قار، مما يستوجب ضرورة إعادة النظر في الوضع الحالي وتفعيل دور المجلس بصورة فعالة إذ لم يتم اتخاذ خطوات سريعة لمعالجة هذه القضايا، فإن الآثار السلبية ستستمر في التأثير على المجتمع المحلي، مما يوجب على جميع الأطراف المعنية العمل معاً من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتلبية احتياجات المواطنين.