أثار قرار وزارة الخارجية الأميركية، تصنيف 4 فصائل عراقية، "منظمات إرهابية"، ردود فعل مختلفة وتحذيرات من "تداعيات خطيرة"، فبينما تصف أطراف سياسية، القرار، بأنه "محاولة للضغط" على الحكومة العراقية، تذهب تحليلات إلى أن القرار يضع الحكومة العراقية في "مأزق حقيقي"، في وقت تعتزم فيه "تنسيقية المقاومة" عقد اجتماع، لمناقشة انعكاسات القرار، والردّ على القرار.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية، قد ذكرت في وقت سابق اليوم، في بيان لها، أنها "تصنّف اليوم الميليشيات الموالية لإيران، وهي حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، كمنظمات إرهابية أجنبية".
خطوة أحادية الجانب وضغط على الحكومة
وفي هذا السياق، وصف النائب عن الإطار التنسيقي مختار الموسوي، قرار الولايات المتحدة الأميركية، إدراج أربعة فصائل عراقية على لائحة الإرهاب، بـ"أحادي الجانب"، وأنه "غير ملزم دولياً".
وقال الموسوي في تصريح لمنصّة "الجبال"، إن "القرار الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية والقاضي بإدراج أربعة فصائل عراقية على لائحة ما يسمى بـ(المنظمات الإرهابية)، خطوة أحادية الجانب ولا تمثل قراراً دولياً ملزماً".
وبيّن النائب، أن "الولايات المتحدة اعتادت على إصدار قرارات انفرادية تستهدف فصائل أو شخصيات عراقية لأسباب سياسية ترتبط بمصالحها وأجنداتها في المنطقة، وهي قرارات لا تستند لأي غطاء أممي أو شرعية دولية، خاصة أن القرارات التي تتخذ خارج إطار مجلس الأمن الدولي، تظل ذات طابع سياسي أكثر من كونها قانونية".
وأشار إلى أن "هذه الفصائل هي جزء من المشهد العراقي، وبعضها يتمتع بصفة رسمية ضمن هيئة الحشد الشعبي التي شرعت بقانون من البرلمان العراقي، وبالتالي فإن استهدافها بهذه الطريقة لا يؤثر على شرعيتها الداخلية".
وختم النائب عن الإطار التنسيقي حديثه بالقول، إن "القرار الأميركي قد يحمل أبعاداً تتعلق بالضغط على الحكومة العراقية في ملفات معينة، لكنه لا يلزم الدولة العراقية ولا ينتقص من سيادتها أو من مكانة الفصائل المستهدفة".
الحكومة العراقية في "مأزق حقيقي"
في المقابل، حذّر مدير مركز "الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية"، عباس الجبوري، من تداعيات وصفها بـ"الخطيرة"، من جراء العقوبات الأميركية المفروضة على 4 فصائل عراقية.
وقال الجبوري في حديث لمنصّة "الجبال"، إنه "يجب الحذر من التداعيات الخطيرة بعد قيام واشنطن بإدراج أربعة فصائل عراقية على لائحة الإرهاب، فهذا القرار لن يكون مجرد إجراء قانوني أميركي داخلي، بل سيفتح الباب أمام سلسلة من الأزمات السياسية والأمنية في العراق والمنطقة".
وأوضح، أن "الخطوة الأميركية ستضع الحكومة العراقية في مأزق حقيقي، بين ضغوط الداخل التي ترى في القرار مساساً بالسيادة الوطنية، وبين ضغوط الخارج التي تدفع باتجاه الاصطفاف في محاور إقليمية ودولية متصارعة".
وأضاف، أن "إدراج هذه الفصائل على لائحة الإرهاب لن يكون بلا ثمن، إذ من شأنه أن يعمّق الانقسام داخل البيت العراقي، مع زيادة حدة التوتر بين بغداد وواشنطن، ما ينعكس سلباً على ملفات التعاون الأمني والاقتصادي، كما يفتح المجال لتدخل أطراف إقليمية ودولية لاستثمار الوضع بما يهدد استقرار المنطقة ككل".
وختم مدير المركز حديثه بالقول، إن "العراق لن يقبل بأن يدار ملفه الداخلي بقرارات خارجية، وأن أي مساس بسيادة البلاد أو تجاهل لطبيعة تحدياتها المعقدة سيؤدي إلى نتائج عكسية، تهدد لا العراق وحده، بل الأمن الإقليمي والدولي برمته".
"تنسيقية المقاومة": ندرس الردّ
من جانبها، كشفت "تنسيقية المقاومة"، عن عزمها عقد اجتماع قريباً، لمناقشة تداعيات إدراج 4 فصائل عراقية ضمن "لائحة الإرهاب".
وقال مصدر مسؤول في الهيئة في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "الساعات الماضية شهدت اتصالات وتواصلاً ما بين قيادات الفصائل المنضوية في هيئة تنسيقية المقاومة؛ من أجل مناقشة قيام الولايات المتحدة الأميركية بإدراج أربعة فصائل على قائمة الإرهاب، وتداعيات ذلك على وضع الفصائل الداخلي والخارجي".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "قادة الفصائل اتفقوا بأن يكون هناك اجتماع موسّع لهيئة تنسيقية المقاومة في العراق، خلال اليومين المقبلين، من أجل مناقشة تداعيات ذلك القرار وكيفية الردّ عليه بعيداً عن أي خيار عسكري أو تصعيد خلال الفترة الحالية مع واشنطن".
تعليق من "سيد الشهداء" و"النجباء" وكتائب "الإمام علي"
وفي أعقاب إعلان الخارجية الأميركية، وصف 4 فصائل عراقية مسلّحة كـ"منظمات إرهابية"، علّقت "كتائب سيد الشهداء"، على القرار، فيما أشارت إلى أنه سيكون له "تأثير معنوي".
وقال المتحدث باسم "سيد الشهداء" كاظم الفرطوسي، في تصريح لمنصّة "الجبال"، إنه "سابقاً كنّا معاقبين من الخزانة الأميركية، واليوم تمت معاقبتنا من قبل وزارة الخارجية الأميركية، وهذه العقوبات لن يكون لها تأثير؛ باعتبار أننا ليس لدينا علاقات ومصالح اقتصادية خارجية، ولكن بشكل معنوي سيكون لها تأثير".
وأضاف: "مع ذلك، نعتقد أن أميركا ستعاقب كل من يتعارض مع سياستها. لم نكن نتمنى هكذا عقوبات من الجانب الأميركي، لكن يبدو أن أي شخص يرفض سياسة الاحتلال الإسرائيلي ستتم معاقبته".
وتابع، "نتشرف إن كان سبب معاقبتنا هو لرفضنا دولة إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي، كما سيكون لنا موقف وبيان رسمي إزاء تلك العقوبات".
في المقابل، علقت حركة "النجباء"، التي تقع ضمن الفصائل الأربعة التي صنفتها الخارجية الأميركية كـ"منظمات إرهابية".
المعاون العسكري لحركة النجباء، عبد القادر الكربلائي، وفي تدوينة تابعتها "الجبال"، قال: "صنفونا ما شئتم، وقولوا عنا ما أردتم، فوالله لن نتخلى عن طريق الحق والعدل والعزة والكرامة، وستبقى القدس رمز مقاومتنا".
وأضاف، "لن نهادن ونساوم، ولن نتراجع ونحيد عن طريق إمامنا الحسين سيد الشهداء، طريق التضحية والثبات طريق انتصار الدم على السيف".
وختم تدوينته بالقول: "كيدوا كيدكم، واسعوا سعيكم، وكل قراراتكم تحت أقدامنا، لا قيمة لها".
كما علقت "كتائب الإمام علي"، على قرار وزارة الخارجية الأميركية، إدراجها إلى جانب 3 فصائل عراقية أخرى، في لائحة "المنظمات الإرهابية".
وقال المعاون الجهادي لـ"كتائب الإمام علي" أبو علي الكروي، في تدوينة تابعتها "الجبال"، "تستمر الولايات المتحدة الأميركية كعادتها وبنفس نهجها العدائي الإجرامي المتكرر بتصنيف جبهة الحق والكرامة المدافعة عن قضايا الأمة الإسلامية وحقوقها للتخلص من الهيمنة (الصهيوأمركية) على المنطقة، على أنها منظمات (إرهابية)، وكأن أمريكا أصيبت بالعمى عن الإرهاب الصهيوني اليومي والممنهج الذي يذبح ويزهق أرواح آلاف الأبرياء المدنيين العزل في غزة ولبنان واليمن وغيرها من الدول، فضلاً عن سياسية التجويع التي تمارس من قبل النتن وترامب".
وأضاف، "فنقول لهم بضرس قاطع، إننا بنهج علي، وثبات الحسين، وشجاعة وبصيرة العباس، وبعزيمة قادة النصر المهندس وسليماني، منتصرون".
وكانت الخارجية الأميركية في بيان الإعلان عن تصنيف 4 فصائل عراقية كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، قالت إن "إيران، بصفتها الدولة الرائدة عالمياً في رعاية الإرهاب، تواصل تقديم الدعم الذي يُمكّن هذه الميليشيات من التخطيط لهجمات أو تسهيلها أو تنفيذها مباشرة في جميع أنحاء العراق"، لافتة إلى أنه "قد شنّت الميليشيات الموالية لإيران هجمات على السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تستضيف قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف، مستخدمة عادة أسماء مستعارة أو جماعات بالوكالة للتعتيم على تورطها".
وبحسب البيان، "يدعم إجراء اليوم مذكرة الأمن القومي الرئاسية رقم 2 للرئيس ترامب، والتي تُلزم بممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران لقطع التمويل عن النظام ووكلائه وشركائه الإرهابيين"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة ستواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لحماية مصالح أمننا القومي وحرمان الإرهابيين من التمويل والموارد".
قرار إدارة ترامب إدراج فصائل عراقية على لائحة الإرهاب قد يثير "سلسلة من الأزمات" (الجبال)