"فقاعات رقمية".. منصّة تؤشّر تراجعاً ملحوظاً لشعبية السوداني على مواقع التواصل الاجتماعي

"فقاعات رقمية".. منصّة تؤشّر تراجعاً ملحوظاً لشعبية السوداني على مواقع التواصل الاجتماعي محمد شياع السوداني في اجتماع أمني (صحيفة الشرق الأوسط)

أشّر تقرير نشرته منصة "باروميتر العراق"، تراجعاً وصفه بـ"غير المسبوق" في شعبية الصفحات الرسمية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

 

وبحسب تقرير لـ"باروميتر العراق"، الذي اطلعت عليه "الجبال"، "حصل خلال الأشهر الأخيرة تراجعاً ملحوظاً وغير مسبوق في شعبية الصفحات الرسمية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، لا سيّما (فيسبوك) ومنصة (إكس)، في سابقة لم تحصل مع أي رئيس وزراء سابق تخص حضوره الرقمي. ويُلاحظ هذا التراجع ليس فقط في عدد الاعجابات والتفاعلات، بل أيضاً في نسب الوصول إلى الجمهور المستهدف، بما يتجاوز التقلبات الطبيعية في الأداء الرقمي".

 

وأضاف التقرير، أنه "من خلال مشروع (تواصل وإعلام مجتمعي من اجل السلام)، الذي يهدف إلى رصد وتحليل التأثيرات الخاصة بالمنصات الرقمية من خلال سياسات تعديل المحتوى والتلاعب الخوارزمي وأثرها على مجتمع مستخدمي التواصل الاجتماعي في العراق، قد تم توثيق حالة تدهور غير مبرر في الحضور الرقمي للسوداني، بالمقارنة مع شخصيات أخرى".

 

ومن الأسباب المحتملة لهذا التراجع، بحسب التقرير، "دور الفقاعات الرقمية والتحيز الخوارزمي، وتأثير الهندسة المجتمعية العكسية والخدمات الرقمية المدفوعة في تحييد الحضور الإعلامي للشخصيات الحكومية، لا سيّما في سياق استعدادات الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في أكتوبر 2025".

 

مؤشرات تراجع الحضور الرقمي لرئيس الوزراء

 

تم جمع البيانات من الصفحات الرسمية لرئيس الوزراء على فيسبوك وتويتر (إكس) للفترة من آذار إلى آب 2025، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2024:

 

 

كما أظهر تحليل المحتوى أن 92% من المنشورات الرسمية لرئيس الوزراء لا تصل إلى أكثر من 5% من متابعي الصفحات، حتى عند احتوائها على خطابات رسمية أو قرارات حكومية مهمة، وفق التقرير.

 

ولفت إلى أنه "أظهر تحليل معمق لآليات التوزيع في منصات (فيسبوك) و(تويتر) أن الخوارزميات تعتمد على نماذج تعلم آلي تعزز المحتوى ذا الاستجابة العاطفية العالية، بغض النظر عن دقة المحتوى أو طبيعته الرسمية، وهذا يخلق بيئة تفضّل المحتوى الاستفزازي، الشائعات أو الادعاءات غير الموثقة، الشخصيات التي تُدار حملات رقمية منظمة ضدها. وفي حالة رئيس الوزراء، فإن المحتوى الرسمي والهادئ لا يُحفّز التفاعل الفوري، مما يؤدي إلى تصنيفه كمنخفض الجاذبية من قبل الخوارزميات، وبالتالي تقليل نسب الوصول بشكل تلقائي".

 

وأكد التقرير، أن "الجمهور العراقي يعيش داخل فقاعات رقمية مغلقة تتوالد ذاتياً، تتشكل عبر تفاعل مستمر مع مصادر محددة (صفحات سياسية، دينية، طائفية). وتتجاهل المصادر الرسمية أو الحكومية، مع التركيز على أنماط ترويج محتوى يُعزز الانقسام الاجتماعي والسياسي".

 

ورصدت المنصّة، "78% من متابعي الصفحات السياسية الكبرى لا يتفاعلون مع أي محتوى حكومي رسمي، حتى عند تضمينه روابط مباشرة أو إشعارات دفع".

 

وكشف رصد المنصّة الذي أوردته في تقريرها، عن "وجود نمط متكرر من التلاعب الرقمي عبر إنشاء شبكات وهمية تدار من جهات غير معلنة. تقوم بعمليات تضخيم محتوى ينتقد الحكومة أو يُشكك في أدائها عبر استخدام حسابات ذات مصداقية ظاهرية مزيفة للتأثير في الرأي العام. وقد لوحظ أن هذه الشبكات تعمل على تثبيط التفاعل مع أي منشور حكومي عبر تقييم سلبي تلقائي، وهنالك عمليات إغراق الخلاصات بمحتوى مضاد، او من خلال توليد تغريدات تدعو إلى تجاهل أو عدم الثقة بالرسائل الرسمية".

 

وأظهرت تحقيقات بحسب المنصّة، أن "بعض الجهات السياسية والاقتصادية تستخدم خدمات رقمية مدفوعة الثمن تُقدَّم من شركات عالمية متخصصة في إدارة السمعة الرقمية أو التأثير في الرأي العام. وتشمل هذه الخدمات أدوات شراء تفاعلات وهمية وتضخيم حملات تشويه رقمية، توظيف وكلاء ذكاء اصطناعي لمحاكاة ردود فعل جماهيرية سواء بطرق تقليدية او عبر مزارع الذكاء الاصطناعي، وقد تم رصد نشاطات مشبوهة لشركات رقمية مسجلة في دول خليجية وفي تركيا وافغانستان تدير حملات منظمة ضد شخصيات حكومية وغير حكومية عراقية، بينما تُعزز من حضور شخصيات معارضة أو منافسة، خصوصاً في سياق الانتخابات النيابية".

 

وتوقع تقرير المنصّة، أن "يكون لهذا التراجع الرقمي تأثيرات كبيرة على مستويات متعددة، ليس أولها تقويض الترويج الانتخابي، وعدم قدرة رئيس الوزراء على إيصال برنامجه الإصلاحي أو إنجازاته الحكومية إلى الشريحة الواسعة من الناخبين. مع هيمنة الخطابات السلبية أو المغلوطة في الفضاء الرقمي، مما يضعف من غايات وصول صور إيجابية للحكومة"، مشيراً إلى أن تلك المحاولات "تأتي لإضعاف الثقة العامة ضمن الآثار المحتملة، حيث أن غياب الحضور الرقمي يُفسر من قبل الجمهور على أنه انعزال أو لا مبالاة، حتى لو كان غير دقيق مع تعزيز الصورة النمطية عن عدم شفافية الحكومة".

 

ولفت التقرير، إلى أن "تمكين القوى المنافسة هو من الآثار المرصودة أيضا اذ تقوم بعض الكتل السياسية المنافسة باستثمار الحملات الرقمية الممولة. بعض هذه الكتل تستخدم خوارزميات التحفيز العاطفي لجذب الشباب، بينما يُستبعد الخطاب الرسمي، مع محاولة زيادة الفجوة بين الواقع والصورة الرقمية".

 

قد يُسجل رئيس الوزراء إنجازات حقيقية (اقتصادية، أمنية، خدمية)، لكنها لا تُترجم إلى الجمهور الرقمي، وغالبيته من الشباب الذين يقضون على اجهزتهم الذكية أكثر من 14 ساعة يوميا منعزلين في نطاق غير منظور محلياً وحكومياً وله أثره على الدعم الانتخابي، بحسب التقرير.

 

وقال التقرير، إن "تراجع شعبية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على منصات التواصل الاجتماعي ليس انعكاساً بالضرورة لشعبيته الحقيقية، بل هو نتيجة تراكمية لعوامل تقنية وسياسية معقدة، أهمها التحيز الخوارزمي والفقاعات الرقمية والهندسة المجتمعية العكسية".

 

وربط التقرير تراجع السوداني على منصّات التواصل بـ"شفافية الانتخابات" قائلاً: "يُشكل هذا التحدي تهديداً حقيقياً لشفافية العملية الانتخابية، حيث يُمكن أن تُسخّر التقنية لصالح جهات بعينها، وتُهمّش شخصيات حكومية بارزة.  لذلك، فإن التصدي لهذا التحدي يتطلب ليس فقط فهماً تقنياً عميقاً، بل أيضاً إرادة سياسية لبناء بيئة رقمية عادلة ومتوازنة، وتأسيس منظومة متخصصة في رصد سياسات المنصات الرقمية وأثرها على المجتمع العراقي وسيادته السيبرانية، خصوصاً في مرحلة حاسمة كانتخابات 2025".

 

 

الجبال

نُشرت في الأربعاء 3 سبتمبر 2025 06:12 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.