قالت منظّمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء إنها وثّقت أدّلة تظهر أن قوات حكومية وقوات تابعة لها نفّذت إعدامات بحق 46 شخصاً من الأقلية الدرزية خلال أعمال العنف التي اندلعت في محافظة السويداء في جنوب سوريا، داعية إلى المحاسبة.
وشهدت محافظة السويداء لمدة أسبوع، بدءاً من 13 تموز 2025، اشتباكات بين مسلحين دروز ومقاتلين بدو، قبل أن تتحول إلى مواجهات دامية بعد تدخل القوات الحكومية ثم مسلحين من العشائر إلى جانب البدو.
وقالت السلطات إن قواتها تدخّلت لوقف الاشتباكات، لكن شهوداً وفصائل درزية والمرصد السوري لحقوق الإنسان اتهموا القوات الحكومية بالقتال إلى جانب البدو وارتكاب انتهاكات بحقّ الدروز.
أسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من ألفي شخص بينهم 789 مدنياً درزياً "أعدموا ميدانياً برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية"، بحسب المرصد.
وقالت منظمة العفو الدولية في تحقيق نشر الثلاثاء 2 أيلول 2025 إنها وثّقت "إطلاق النار المتعمد على 46 درزياً وقتلهم (44 رجلاً وامرأتان)"وتحدّثت عن "إعدام وهمي لشخصين كبيرين في السنّ يومي 15 و16 يوليو" في مدينة السويداء أو على أطرافها.
وأضافت المنظمة "جرت الإعدامات التي نفَّذتها القوات الحكومية وتلك التابعة لها في ساحة عامة، ومنازل سكنية، ومدرسة، ومستشفى، وقاعة احتفالات في محافظة السويداء".
وتعليقاً على تحقيق المنظمة، قال المتحدّث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا): "نمد أيدينا لأي جهة تسهم في مساعدتنا لتكريس سيادة القانون، وإنصاف الضحايا، إذا كانت تملك ما يدعم ذلك من أدلة مادية موثقة"، داعياً "كل من لديه أدلة موثقة تكشف عن انتهاكات، وتدين متورطين، إلى تقديم ما لديهم إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في أحداث السويداء التي نتعاون معها".
وتشمل الأدلة التي استندت إليها منظمة العفو "مقاطع فيديو جرى التحقق منها تظهر رجالاً مسلحين يرتدون بدلات أمنية وعسكرية، يحمل بعضها شارات رسمية، يعدمون رجالا عُزَّلاً"، وفقاً للتقرير.
وتحقّقت المنظمة كذلك من صور وأجرت "تحليلا للأسلحة" وجمعت إفادات شهود عيان.
وقالت العفو الدولية إنها أطلعت وزارتي الدفاع والداخلية على النتائج الأولية لتحقيقها لكنها لم تتلقّ بعد أجوبة منهما.
وأشارت إلى أنها لحظت "شارة سوداء" ترتبط بتنظيم الدولة الإسلامية "على بدلات ما لا يقل عن أربعة رجال بالزي العسكري ممن ظهروا في مقاطع الفيديو التي تحققت المنظمة منها".
لكنّ التنظيم لم يعلن مسؤوليته عن أيّ هجمات في السويداء.
وقالت الباحثة المعنية بشؤون سوريا في منظمة العفو الدولية ديانا سمعان: "عندما تقتل القوات الأمنية أو العسكرية الحكومية بصورة متعمدة وغير مشروعة شخصاً ما، أو عندما تفعل ذلك قوات تابعة لها بتواطؤ من الحكومة أو برضاها، يُشكل ذلك عملية إعدام خارج نطاق القضاء، وهي جريمة يشملها القانون الدولي".
وحثّت السلطات على "أن تجري تحقيقاً مستقلاً، ونزيهاً، وشفافاً على وجه السرعة في عمليات الإعدام هذه" و"محاسبة" مرتكبيها.
وقالت المنظمة كذلك إنها تحقق حالياً بتقارير "موثوقة" حول "عمليات اختطاف ارتكبتها جماعات درزية مسلحة ومقاتلون من العشائر البدوية".
وشكّلت السلطات السورية أواخر تموز الماضي لجنة تحقيق في أعمال العنف في السويداء على أن ترفع تقريرها النهائي خلال ثلاثة أشهر.
وتعهدت السلطات كذلك بالمحاسبة بعدما أظهر مقطع فيديو مقتل رجل غير مسلّح في مستشفى السويداء، تحقّقت منظمة العفو الدولية منه.
وأفاد سكّان في الأسابيع الأخيرة عن تردّي الأوضاع الإنسانية في السويداء مع إغلاق السلطات طريقاً رئيسياً يربط المحافظة بدمشق إلى حين أن أعيد فتحه الأسبوع الماضي.