"الدير" بين الملح والتسمم.. التحلية متوقفة وحياة البصريين تتأرجح بين "العطش والمرض"

4 قراءة دقيقة
"الدير" بين الملح والتسمم.. التحلية متوقفة وحياة البصريين  تتأرجح بين "العطش والمرض" طبيب يعالج مصاباً بالتسمم داخل مستشفى في البصرة

13مليار دينار بلا تخصيص وتحذيرات من انهيار

أزمة المياه في قضاء الدير لم تعد مجرّد مشكلة خدمية عابرة، بل تحوّلت إلى مؤشر خطير على اختلال سياسات توزيع الموارد المائية في شمال البصرة، فبينما تُغذّى بعض المناطق بمشاريع استراتيجية كقناة البدعة أو مشروع البصرة الكبير في الهارثة ظلّ قضاء الدير شمال البصرة خارج هذه المنظومة، ما فاقم أزمته ورفع نسب الملوحة إلى مستويات هددت الصحة العامة بأكثر من 400 حالة تسمم بين أطفال ونساء وكبار، بحسب ما أفاد به أحد الموظفين في المركز الصحي. 

 

تحدّث قائد حراك قضاء الدير، مثنى الربيعي، لمنصة "الجبال" عن أن "نسب الملوحة في مياه الإسالة تجاوزت عشرة آلاف جزء في المليون ووصلت أحياناً إلى سبعة عشر ألفاً، ما جعلها غير صالحة للشرب أو الزراعة وأدى إلى نفوق الطيور واندثار البساتين وظهور حالات تسمم وأمراض خطيرة بينها الكوليرا".

 

وأضاف أن قضاء الدير حُرم من الاستفادة من قناة الروائية فيما بقي أيضاً خارج تغطية قناة البدعة التي لم تصل إلى مناطقه أو إلى ناحيتي المصطفى والشافي التابعتين له، مؤكداً أن "الحل الجذري يتمثل بربط القضاء بمشروع البصرة الكبير المعروف بالمشروع الياباني في قضاء الهارثة، باعتباره المشروع الأقدر على إيصال مياه صالحة بشكل مستدام".

 

وشدد الربيعي على أن هذه المطالب لا تمثل ترفاً أو خياراً ثانوياً، بل هي قضية حياة أو موت لآلاف الأسر، مطالباً الحكومة المحلية في البصرة والوزارات المعنية في بغداد بالتحرك "العاجل" لإنصاف أهالي الدير وإدخالهم بمشاريع المياه الاستراتيجية.

 

من جانبه، كشف رئيس لجنة التخطيط في مجلس محافظة البصرة، إياد المالكي، في حديث لـ"الجبال" أن "اللسان الملحي وصل إلى ناحية الشافي شمال المحافظة"، مؤكداً أن أغلب المشاريع المنفذة سابقًا كانت محطات تصفية لا تحلية باستثناء أربع محطات بينها المشروع الياباني في الهارثة ومشروع أم قصر الذي يعتمد على 13 بئراً ويوفر مياهًا صالحة للشرب.

 

وأضاف المالكي أن مجلس الوزراء صادق على تسعة مشاريع جديدة للتحلية بطاقة ثلاثة آلاف متر مكعب، تمتد من الفاو والسيبة حتى قضاء الدير، بطاقة إجمالية تصل إلى ثلاثة آلاف متر مكعب، مؤكداً أن هذه المشاريع "من شأنها أن تسهم بحل ما نسبته 40 – 50% من أزمة المياه في المحافظة، إلا أن التخصيصات المالية البالغة 13 مليار دينار لم تصل بعدما أوقف المباشرة بها".

 

وسط هذا الوضع الصعب، تتزايد حالات التسمم ين أهالي المنطقة، بشكل يومي.

 

وأكد أحد موظفي المركز الصحي في قضاء "الدير" فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"الجبال"، أن أزمة المياه المستمرة في القضاء أدت إلى تزايد كبير في حالات التسمم بين الأهالي، مشيراً إلى أن "عدد المصابين يتراوح يومياً بين 15 و20 حالة، تشمل اضطرابات في الأمعاء، مرض الكوليرا، وأمراض الطفح الجلدي"، وأن "هذه الحالات سجلت منذ بداية الأزمة وحتى الآن، تجاوز عددها 400 حالة".

 

وشدّد على أن "الوضع الصحي أصبح مقلقاً للغاية ويهدد حياة السكان، خصوصاً الأطفال وكبار السن".

 

وبحسب الموظف في المركز الصحي بالدير، فإن غالبية الحالات ترتبط مباشرة بشرب المياه الملوثة عالية الملوحة أو استخدام مياه الإسالة غير المعالجة، وإن "المستشفيات والمراكز الصحية تواجه ضغوطًا كبيرة لتقديم العلاج والمساعدة لأعداد متزايدة من المرضى يومياً". 

 

وهو دعا "الجهات المعنية في الحكومة المحلية والمركزية إلى التدخل العاجل لتوفير مياه صالحة للشرب وتفعيل مشاريع التحلية بشكل سريع قبل أن تتفاقم الكارثة الصحية ويزداد عدد المصابين"، مؤكداً أن "استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى انهيار الخدمات الصحية في القضاء إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة".

 

الجبال

نُشرت في الثلاثاء 19 أغسطس 2025 11:43 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.