سلّط الخبير الاقتصادي منار العبيدي، الجمعة 8 آب 2025، الضوء، على ما وصفه بـ"القرارات الاقتصادية السلبية" التي اتخذتها حكومة محمد شياع السوداني.
وقال العبيدي في تدوينة تابعتها "الجبال"، إنه "بعد استعراض أبرز إنجازات حكومة محمد شياع السوداني، لا بدّ من التوقف عند القرارات الاقتصادية السلبية التي كان لها أثر واضح على أداء الاقتصاد العراقي خلال السنوات الماضية. وفيما يلي أبرز هذه القرارات وتأثيراتها:
تخفيض سعر صرف الدينار العراقي
يُعد قرار خفض سعر صرف الدينار من 1450 إلى 1310 دينار للدولار أحد أكثر القرارات الاقتصادية سلبية خلال الفترة الماضية. هذا التخفيض أثّر بشكل مباشر على ميزان المدفوعات وأدى إلى تفاقم العجز المالي، حيث باع العراق خلال أعوام 2022 و2023 و2024 أكثر من 3.6 مليار برميل نفط بسعر وسطي يقارب 80 دولارًا للبرميل، محققًا إيرادات تقارب 300 مليار دولار.
غير أن تخفيض سعر الصرف أسفر عن زيادة نفقات الدولة بما يقارب 40 تريليون دينار، مما أثقل كاهل المالية العامة. وعلى الرغم من تبرير القرار بأنه لمصلحة المواطن، إلا أن آثاره على المديين القصير والبعيد كانت أكثر ضرراً على بنية الاقتصاد العراقي.
الارتفاع المفرط في النفقات الجارية
شهدت النفقات الجارية للدولة قفزة كبيرة، حيث ارتفعت من 104 تريليون دينار في نهاية 2022 إلى 125 تريليون دينار في عام 2024، بزيادة تجاوزت 20 تريليون دينار.
أما فاتورة الرواتب، فقد ارتفعت من 43 تريليون دينار إلى 60 تريليون دينار خلال عامين فقط. هذه الزيادات أدت إلى تحويل فوائض الموازنات في عامي 2019 و2022 إلى عجز مالي كبير في 2023 و2024، مع استمرار العجز خلال عام 2025.
تصاعد الدين الداخلي
ارتفع حجم الدين الداخلي من 69 تريليون دينار في نهاية 2022 إلى أكثر من 85 تريليون دينار منتصف 2025، معتمداً بشكل رئيسي على السيولة المتاحة لدى المصارف العامة والخاصة.
هذا الأمر تَسبّب في استنزاف السيولة البنكية، وأثّر على النشاط الاقتصادي العام، ورفع نسبة الدين الداخلي لتشكل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر مالي مقلق.
تراجع الناتج المحلي الإجمالي
رغم التوسّع في النفقات الجارية والاستثمارية وارتفاع الدين، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بالأسعار الثابتة) تراجع من 214 تريليون دينار إلى 211 تريليون دينار بنهاية عام 2024، ما يدل على ضعف كفاءة الإنفاق وعدم فاعلية السياسات التحفيزية للنمو.
ضعف مساهمة القطاعات الحيوية
لم تحقق قطاعات رئيسية مثل القطاع المالي، التأمين، الخدمات، الزراعة، والثروة الحيوانية مساهمة ملموسة في الناتج المحلي، رغم النمو السكاني الذي تجاوز 2.6% سنوياً.
هذا التراجع يشير إلى تحديات هيكلية في تنويع مصادر النمو الاقتصادي، ويزيد الضغط على سوق العمل.
تراجع احتياطيات البنك المركزي
انخفضت احتياطيات البنك المركزي من 144 تريليون دينار في نهاية 2022 إلى 125 تريليون دينار منتصف 2025، ما يعكس وجود عجز مستمر في ميزان المدفوعات، وعدم نجاح الحكومة في معالجة الاختلالات الهيكلية التي تؤدي إلى استنزاف الاحتياطي الأجنبي.
الارتفاع الكبير في التحويلات المالية الخارجية
رغم التوجه الحكومي لتقنين الاستيرادات، شهد عام 2024 تسجيل أعلى قيمة تحويلات مالية إلى الخارج بلغت أكثر من 80 مليار دولار، مقارنة بـ 35 مليار دولار في عام 2021.
وبالرغم من التراجع النسبي في 2025، إلا أن التوقعات تشير إلى أن التحويلات ستظل أعلى من 70 مليار دولار، ما يعكس استمرار ضعف السيطرة على التجارة الخارجية.
تراجع ترتيب العراق في مؤشرات سهولة الأعمال
ما يزال العراق يحتل مراكز متأخرة ضمن مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2024، مما يعكس ضعف البيئة التنظيمية والتشريعية التي تُعيق الاستثمار المحلي والأجنبي.
مركز متأخر في تقرير التنمية المستدامة
احتل العراق المرتبة 113 من أصل 163 دولة في تقرير أهداف التنمية المستدامة الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة (UNSDSN)، مما يؤكد ضعف التقدم في ملفات التعليم، البيئة، الصحة، والحوكمة.
رغم بعض الإنجازات، إلا أن السياسات الاقتصادية لحكومة السيد السوداني اتسمت بعدد من القرارات التي أثّرت سلبًا على المؤشرات المالية والاقتصادية الأساسية للدولة، وهو ما يستدعي مراجعة جدية للنهج الاقتصادي المتّبع، وتعزيز الشفافية والحوكمة وتحقيق التوازن بين الاستقرار النقدي والنمو الحقيقي المستدام".