تظاهرة حاشدة ببغداد رفضاً لاتفاقية "خور عبدالله".. المحتجون غير راضين على "موقف فائق زيدان"

10 قراءة دقيقة
تظاهرة حاشدة ببغداد رفضاً لاتفاقية "خور عبدالله".. المحتجون غير راضين على "موقف فائق زيدان" جانب من التظاهرة الاحتجاجية في بغداد

خرج مئات العراقيين قدموا من عدّة محافظات إلى بغداد، في تظاهرة احتجاجية وسط العاصمة، صباح اليوم، رفضاً لاتفاقية "خور عبدالله"، وموقف رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان الأخير منها، موجهين عدة رسائل خلال الاحتجاج. 

 

خور عبد الله، وهو لسان بحري يقع شمال الخليج العربي بين جزيرتي "بوبيان" و"وربة" الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية. ويمتدّ الخور إلى داخل الأراضي العراقية مشكلاً "خور الزبير" الذي يقع به ميناء أم قصر، وقامت الحكومة العراقية سنة 2010 بوضع حجر الأساس لبناء ميناء الفاو الكبير على الجانب العراقي.

 

وهتف المتظاهرون بشعارات مختلفة تستهجن وتدين موقف الحكومة العراقية من الاتفاقية، وتؤكد رفضهم لها، مثل "نعم نعم للعراق، كلا كلا للفاسد"، و"هاي الكاع بيها سباع، ما تنباع يا ابن شياع"، وأيضاً "أنت رايح وأنا باقي، خور عبدالله عراقي"، رافعين صورة الناشط العراقي ورمز حراك تشرين "صفاء السراي"، بحضور أحد أعضاء مجلس محافظة بغداد.

 

وقال أحد المتظاهرين، معتلياً منصّة في أحد شوارع العاصمة وسط رفاقه المحتجين: "أقف الآن مع أحد أعضاء مجلس المحافظة، لنعرف أنه بقدر وجود سراق وفاسدين هناك أناس شرفاء تركت عملها وجاءت هنا لمناصرة الشعب".

 

وقال: "رسالتنا إلى حكامنا، كونوا لأول مرة رجال دولة وليس رجال سلطة"، مشيراً إلى أن "صلاحيات مجلس القضاء الأعلى هي صلاحيات إدارية وليست دستورية، الصلاحيات والقرار الأول هو لحكومتنا في بغداد وهو مجلس النواب، فليتركوا الخطابات والعنتريات ويتوجهوا لعقد جلسة تكون علنية لإلغاء الاعتراف بالقرار السابق، وبعدها نجلس لنتفاوض، وهذه هي لغة الدولة"، مضيفاً: "الواقفون هنا جميعهم أناس واعون ومثقفون وحملة شهادات عليا، لم يأتوا إلى هنا والحرارة تصل إلى 52 لتلقي الثناء، نحن أبناء هذا البلد وأبناء هذه التراب، الإطار (الإطار التنسيقي) وزمرته ومنافقوه وصفحاته الوهمية زائلون، نحن اليوم خرجنا من أجل مستقبل أبنائنا، هذه هي رسالتنا، نتمنّى أن يحفظوا كرامتهم وتاريخهم الجهادي المزيّف، لأنهم أثبتوا أن جهادهم فقط على شعبهم، كواتمهم وأسلحتهم وأصواتهم ترفع فقط على شعبهم".

 

وأردف المتظاهر: "رسالتنا الثانية إلى آل جابر (حكام الكويت)، تاريخ خور عبدالله أقدم منكم، المحارات في خور عبدالله أقدم منكم، نحن أبناء هذه الأرض ونحن أبناء هذا البلد، اليوم بعدما تجمعنا من جميع المحافظات من البصرة إلى بغداد لرفع الأصوات، لم نأت لنخضع للصراعات والعنتريات"، و"جئنا بخطاب واضح، مجلس النواب الجهة الوحيدة الممثلة للشعب العراقي، فليستعينوا بخبراء بالقانون الدولي وخبراء في الملاحة، ليجلسوا ويناقشوا وضع البلد ويتركوا المقاولات والمناقصات ويجلسوا خلال هذه الأربعة أشهر الأخيرة لتشريع قانون يلغي الاعتراف بهذه الاتفاقية القديمة"، متسائلاً: "إن كان صدام حسين هو من وافق على هذه الاتفاقية، فما معنى أن تلغى جميع قرارات مجلس قيادة الثورة للنظام السابق وتبقى هذه الاتفاقية؟".

 

"رسالتنا إلى أحزاب السلطة الشيعية والسنية والكوردية، خطابنا واضح اليوم، يجب الجلوس تحت قبة الشعب وتشريع قانون لإلغاء الاتفاقية"، قال المواطن العراقي.

 

أصل الخلاف

 

يتنازع كل من العراق والكويت حول أحقية كل منهما في ضم الخور لسيادته، وقد عدّ قرار صادر من مجلس الأمن برقم (833) سنة (1993)  "خور عبد الله مقسوم بين جمهورية العراق ودولة الكويت، حدود الخور بينهما هي خط الوسط، ويكون الخور منفذاً بحرياً ممكناً للدولتين إلى مختلف أنحاء إقليم كل منهما، والملاحة البحرية متاحة لهما"، وقد أبرم البلدان اتفاقية رسمية بهذا الشأن عام 2012.

 

وذكر رئيس مجلس القضاء الأعلى في مقال نشره الأربعاء الماضي، فصّل فيه مواضع الخلاف بشأن الاتفاقية أن "اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة في 29/ 4/ 2012 بين جمهورية العراق ودولة الكويت، تُعدّ معالجة فنية وإدارية لآثار جريمة غزو الدكتاتور صدام حسين للكويت عام 1990 وما ترتب عليها من ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993؛ إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية (لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993)"، و"صادق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون التصديق في 12/ 11/ 2012، وأقرّه مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بموجب القانون رقم (42) لسنة 2013، ثم نُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4299) بتاريخ 25/ 11/ 2013".

 

وأقرّت المحكمة الاتحادية العليا في 4 أيلول 2023 بعدم دستورية القانون 42 لسنة 2013 المتعلق بقانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت حول تنظيم الملاحة في "خور عبدالله". وذكرت المحكمة في بيان مقتضب آنذاك أنها "أصدرت قرارها بعدم الدستورية لمخالفة أحكام المادة (61 /رابعاً) من دستور جمهورية العراق التي نصت على (تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب)".

 

وفي 15نيسان 2025، تقدّم رئيس جمهورية العراق عبداللطيف رشيد ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بطعنين منفصلين أمام القضاء، ضد قرار المحكمة. 

 

وشرح رئيس الجمهورية في مطالعة الطعن، جملة دفوعات قانونية متعلقة بسن المعاهدات الدولية فضلاً عن الاستناد للمادة الثامنة من الدستور العراقي التي تنص على أن "العراق يرعى مبدأ حسن الجوار ويلتزم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ويحترم التزاماته الدولية".

 

فيما برر رئيس الحكومة محمد شياع السوداني طلبه، بدوافع قانونية تتعلق بتنظيم بلاده للمعاهدات الدولية إلى جانب الإشارة إلى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1966 التي رسمت إطاراً يضمن استقرار العلاقات بين الدول ونصت في مادتها الـ27 على أنه "لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة". ورأى السوداني في المطالعة أن "إلغاء اتفاقية خور عبدالله يمس كذلك بالمادة الثامنة من الدستور العراقي التي توجب على العراق احترام التزاماته الدولية علاوة على وجوب مراعاة مبدأ حسن الجوار بجميع تفاصيله".

 

وأوضح زيدان في مقالته أنه "عندما طُعن بعدم دستورية قانون التصديق، أصدرت المحكمة الاتحادية، قرارها المرقم (21/اتحادية/2014) بتاريخ 18/ 12/ 2014، فميّزت بين قانون تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات، الذي يتطلّب أغلبية الثلثين بموجب المادة (61/رابعًا) من الدستور، وبين قانون التصديق على اتفاقية معيّنة، الذي يُقر بالأغلبية البسيطة وفقًا للمادة (59/ثانيًا). وقررت المحكمة ردّ الدعوى لعدم استنادها إلى أساس دستوري أو قانوني، وبذلك ثبّتت شرعية الاتفاقية داخليًا، وحمتها من أي طعن لاحق، مانحةً الحكم قوة الأمر المقضي بمقتضى المادة (105) من قانون الإثبات".

 

وأردف بأنه "بقي هذا الموقف مستقراً إلى أن نظرت المحكمة الاتحادية، في الدعوتين الموحدتين المرقمتين (105/وموحدتها 194/اتحادية/2023) في 4/ 9/ 2023، قضت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2013 وعدلت عن قرارها السابق (21/اتحادية/2014)، مستندة إلى وجوب التصويت بأغلبية الثلثين، وإلى المادة (45) من نظامها الداخلي التي تُجيز لها العدول كلّما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة".

 

قال زيدان إن "العدول في التشريع العراقي أداة استثنائية تُمارَس بدقّة متناهية، إذ حصرها المشرّع في المادة (13/أولًا/1) من قانون التنظيم القضائي بالهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية وحدها، دون سائر المحاكم، وبشروط جوهرية"، و"رغم خلوّ الدستور وقانون المحكمة الاتحادية من أي نص يُخوّل هذه المحكمة صلاحية العدول، أدرجت المحكمة في نظامها الداخلي نصًّا موضوعيًا هو المادة (45)، يُجيز لها أن “تعدل عن مبدأ سابق… كلما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة، وهو إدراج يتجاوز الطبيعة الإجرائية للأنظمة الداخلية، ويخالف مبدأ تدرج القواعد القانونية؛ إذ إن النظام الداخلي أدنى مرتبة من القانون، ولا يصلح لتوسيع الاختصاصات. والأخطر من ذلك أن المحكمة، في قرارها المؤرخ 4/ 9/ 2023، لم تتراجع عن مبدأ، بل نقضت حكمها القطعي الصادر في18/ 12/ 2014 بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، ووصفت النقض بالعدول، مع أن المادة (45) نفسها تنص على أن العدول يرد على (المبدأ) لا على (الحكم). بهذا التصرف، تجاوزت المحكمة حجّيّة الأمر المقضي فيه، وأحدثت فراغًا تشريعيًا واضطرابًا دبلوماسيًا، لأن الحكم الملغى كان يؤسس لالتزام معاهدي مودَع لدى الأمم المتحدة. وعليه، فإن أي قرار يُطلق عليه (عدول) خارج هذه الضوابط، وخصوصاً إذا مسّ حكماً نهائياً أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يُعدّ لغواً قانونياً لا يُعتدّ به، ويُلحق ضرراً مباشراً بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين".


محاولات سابقة

 

وفي وقت سابق، طالبت النائب في البرلمان العراقي، عالية نصيّف، اللجنة الفنيّة والقانونية المعنية باستكمال ترسيم الحدود بين العراق والكويت بإلزام الكويت بالاعتراف بانتماء "خور عبدالله" إلى العراق، بالتالي تفاوض الكويت مع العراق بشأن الحقول النفطية والغازية الموجودة في المناطق الحدودية.

 

ودعت نصيّف، في مدوّنة على حسابها في منصة "إكس"، "اللجنة الفنية والقانونية المعنية باستكمال ترسيم الحدود بين العراق والكويت إلى إلزام الكويت بالاعتراف بأن الجزر الموجودة في خور عبد الله التميمي هي جزر مستحدثة، قد تم إنشاؤها مِن قبل الكويت، والاعتراف بما ورد في خارطة المجالات البحرية العراقية بين الكويت وإيران التي تم وضعها من قبل خبراء ترسيم الحدود البحرية عام 2022".

 

كما طالبت البرلمانية العراقية بأن "تقدم الكويت طلباً رسمياً للتفاوض مع العراق حول حقول النفط والغاز (جمال طوينة 2 والنوخذة) الواقعة في المناطق الحدودية". وأكدت "وجوب موافقة الكويت لدخول العراق كطرف في المفاوضات حول حقل الدرة"، مستخدمة وسم "خور عبدالله التميمي سيبقى عراقياً".

 

وصرح النائب جواد اليساري، في 12 تموز الجاري، لمنصة "الجبال" بأن "باستبعاد تمرير اتفاقية خور عبد الله خلال البرلمان، لوجود رفض نيابي كبير لهذه الاتفاقية كذلك لعدم جود أي اتفاق سياسي بشأن ذلك"، مؤكداً أن "هذا الأمر يتطلب اجتماعات واتفاق سياسي مسبق وكذلك اتفاق نيابي لغرض عرض هكذا اتفاقية جدلية للتصويت".

 

ويوم الجمعة الماضي، خرج عراقيون بتظاهرة احتجاجية أخرى في مدينة النجف جنوب العراق، رفضاً للاتفاقية ودعماً لقرار المحكمة الاتحادية الخاصة بإلغاء الاتفاقية المبرمة بين العراق والكويت.

الجبال

نُشرت في الأحد 27 يوليو 2025 01:12 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.