حصر السلاح بيد الدولة.. رفض من المستفيدين والحكومة بين اختبار "الهيبة" و"الضغوط"

8 قراءة دقيقة
حصر السلاح بيد الدولة.. رفض من المستفيدين والحكومة بين اختبار "الهيبة" و"الضغوط" فصائل عراقية (مونت كارلو)

مع اقتراب كل موسم انتخابي، تعود الشعارات الوطنية إلى الواجهة، وتعلو النداءات التي تطالب بـ"حصر السلاح بيد الدولة"، لكن هذه المرة ليست كسابقاتها؛ فالدعوات تأتي من خارج دائرة المتسابقين على السلطة.

 

المرجعية الدينية في النجف، كرّرت مطلبها بضرورة "حصر السلاح بيد الدولة"، وهو نفس المطلب الذي تحدّث به زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر في أكثر من تدوينة محفل، وشدد على ضرورة تقوية الجيش والشرطة.

 

رغم ذلك، يبقى المشهد على حاله، "سلاح منفلت"، و"مقار خارجة عن سيطرة الدولة"، وفصائل تزداد نفوذاً.

 

ولم تعد قضية "السلاح الخارج عن سيطرة الدولة"، مجرد ملف أمني أو شعار انتخابي يُرفع ويُنسى، بل تحولت إلى عقدة سيادية تُهدد شكل الدولة وتماسكها، وسط صمت حكومي وإقرار داخلي بعجز التنفيذ.

 

من داخل البيت السياسي الشيعي، ومن قلب الإطار التنسيقي، تخرج تصريحات تؤكد، أن "بعض الفصائل ترفض تسليم سلاحها لأنها انتفعت منه سياسياً واقتصادياً"، وذلك وسط مطالبات إطارية علنية بـ"إبعاد الحشد الشعبي من الانتخابات، وتحذيرات من اختراق القرار الوطني بأوامر خارجية"، فيما يرى مراقبون أن شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، بات أداة للضغط دون حلّ في الأفق.

 

رفض من المستفيدين

 

عضو ائتلاف دولة القانون المنضوي في قوى الإطار التنسيقي، حسين المالكي، أشار إلى أن "بعض الجهات المسلحة ترفض تسليم سلاحها، كونها مستفيدة اقتصادياً واجتماعياً بالسلاح".

 

ويقول المالكي في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "حصر السلاح بيد الدولة، أمر لا بد منه، وهو ليس ورقة ضغط خارجية؛ لكن السلاح خارج أطر الدولة والقانون هو سلاح منفلت يهدد المواطن".

 

وأضاف، أن "مصطلح الفصائل هو كذبة تكونت منها كتل سياسية قالت إنها فصائل مقاومة، بينما في الواقع هو أن الجميع تحت مظلة الحشد الشعبي".

 

وطالب عضو ائتلاف دولة القانون، بـ"استثناء الحشد الشعبي من الانتخابات؛ كونه أصبح منظومة انتخابية، ولا بد من إعادة ضبطه وهيكلته وإبعاد المنتفعين منه".

 

ولفت المالكي إلى أن "بعض الجهات ترفض حصر السلاح، كونها انتفعت بالسلاح وأصبح لديها اقتصاديات، ومكانة، وبناء أشخاص من لاشيء"، مشيراً إلى أن "ما يهدد أمن الدولة هو سلاح الفصائل المنخرطة ضمن العملية السياسية والتي تسمي نفسها فصائل وهي بالأصل ليست فصائل".

 

ونوه إلى أن "ما يسمى بالفصائل لا تعتبر بديلاً عن المؤسسة العسكرية، وهي لا تخضع لأوامر القائد العام، بل تخضع لأوامر خارجية، وبعيدة كل البعد عن القرار العراقي".

 

ورقة ضغط داخلية وخارجية

 

من جهته، يرى الباحث بالشأن السياسي والاستراتيجي مجاشع التيميمي، أن ملف "حصر السلاح بيد الدولة"، تحوّل إلى ورقة ضغط داخلية وخارجية.

 

وقال التميمي في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "شعار حصر السلاح بيد الدولة هدف وطني لا خلاف عليه، لكن تحقيقه يتطلب معالجة شاملة للواقع السياسي والأمني، بعيداً عن الضغوط والاستهداف الانتقائي".

 

وأضاف الباحث في الشأن السياسي، أن "السلاح الموجود خارج الدولة في بعض الحالات نشأ من ظروف استثنائية، كالحرب ضد الإرهاب، ويجب أن يُفهم ضمن هذا السياق".

 

وأشار إلى أن "ملف حصر السلاح تحوّل إلى ورقة ضغط داخلية وخارجية، ما يُعقّد الحلول ويُسيّسها"، مبيناً، أن "وجود السلاح غير المنظم قد ينعكس سلباً على الاستقرار، لكنه لا يمثل وحده الخطر الأكبر، بل غياب الثقة المتبادلة بين القوى السياسية".

 

وبحسب التميمي، فإن "هناك تجارب دولية تؤكد أن الحلّ لا يكون بالقوة بل بالحوار والتفاهم، وإذا لم تُعالج هذه المسألة بروح توافقية، فقد نشهد مزيداً من التوتر"، مستدركاً بالقول: إن "الحكومة، وبدعم القوى الوطنية، قادرة على الوصول إلى حلول تحفظ هيبة الدولة وتحترم تضحيات من حمل السلاح دفاعاً عنها".

 

قيادات في التنسيقي ضد "حصر السلاح"

 

بدوره، تحدث أستاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية غازي فيصل، عن ضغوط داخلية تتمثل بقيادات سياسية تمنع حصر السلاح بيد الدولة.

 

وأوضح فيصل في حديث لمنصّة "الجبال"،  أنه "من الناحية الدستورية والقانونية، تمتلك الحكومة سلطات دستورية لحصر السلاح بيد الدولة، إذ أن المادة التاسعة من الدستور لا تجيز تشكيل تنظيمات مسلحة خارج القيادة العامة للقوات المسلحة".

 

وأضاف فيصل، أن "على الحكومة أن تضع حداً لانتشار السلاح والقواعد العسكرية المرتبطة بالفصائل المسلحة، وهي ست قواعد كما أشارت الإدارة الأميركية التي سبق وأن هدّدت الحكومة العراقية في حال لم تضع حداً لتهديد الفصائل للمصالح الأميركية".

 

وأشار فيصل إلى، أن "هناك ضغوطاً داخلية من قبل عدد من قادة الأحزاب التي لديها فصائل مسلحة ترتبط بالمرشد الإيراني علي خامنئي، والحرس الثوري الإيراني تمنع حصر السلاح بيد الدولة"، مبيناً أن "عدداً من تلك القيادات هي داخل الإطار التنسيقي وداخل مجلس النواب، وتشكّل ضغوطاً تمنع الحكومة من الاستمرار بتطبيق القانون والدستور".

 

ولفت أستاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية إلى، أن "استمرار الفصائل بسلاحها يهدد الحكومة والأمن الوطني، والدليل على ذلك قصف الفصائل لمنزل رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بالمسيّرات، وقصف مطارات في إقليم كوردستان ومناطق مختلفة من العراق".

 

ونوه فيصل إلى، أن "الملف يرتبط بتحالف بين عدد كبير من الأحزاب السياسية الشيعية، التي لديها نفوذ داخل المؤسسات العراقية الحيوية"، مشيراً إلى أن "الفصائل المسلحة المرتبطة بالأحزاب السياسية لا تلتزم بالدستور والقانون ولديها استراتيجيات عابرة للحدود وتنفذ استراتيجية الحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني في العراق".

 

وأفاد الاكاديمي، بأن "النفوذ الأميركي في تضاد مع استمرار عمل الفصائل العراقية، كون الفصائل تعلن نفسها بأنها مقاومة إسلامية للاحتلال الأميركي في العراق، وتطالب بطرد السفارة الأميركية في بغداد وطرد السفير وقطع العلاقات الدبلوماسية".

 

أين المشكلة؟

 

من جانبه، يرى الخبير الأمني سرمد البياتي، أن مشكلة "حصر السلاح بيد الدولة" تكمن بالتطبيق، والتوافق السياسي.

 

ويقول البياتي في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "الحكومة تمتلك أدوات حقيقية لحصر السلاح، لكن المشكلة تكمن في كيفية التطبيق والقدرة على التطبيق، فضلا عن الإرادة الحقيقة في تطبيق عملية حصر السلاح".

 

وأضاف، أن "القدرات موجودة، لكن الاختلافات السياسية والاختلافات داخل التحالفات تعطّل ملف حصر السلاح الذي سبق وأن طالبت المرجعية العليا بحصره"، مشيراً إلى أن "التدخلات الإقليمية ليست موجودة في الوقت الحالي كما كانت في السابق بشأن هذا الملف".

 

وأشار الخبير الأمني إلى، أن "الفصائل ليست بديلاً عن المؤسسات العسكرية، وعملها عقائدي ضد الإرهاب والكيان الإسرائيلي"، لافتا إلى "وجود تفاهمات بين الفصائل والحكومة العراقية، وستذهب الأمور مستقبلا إلى حلّ وسطي وعادل لجميع الأطراف".

 

التنسيقي يستثمر والضغوط الخارجية قد تغيّر المشهد

 

إلى ذلك، يتفق أستاذ الإعلام والباحث بالتحوّل الديمقراطي في الشرق الأوسط عقيل عباس، مع سرمد البياتي، بالرؤية تجاه "حصر السلاح بيد الدولة"، حيث يرى أن الحكومة لديها الأدوات القادرة على التنفيذ، لكن الأمر يعود للإطار التنسيقي.

 

ويقول عباس في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "الحكومة العراقية لديها الأدوات والقدرة على حصر السلاح، لكن المشكلة سياسية وتتعلق بعدم التوافق بين أطرف الاطار التنسيقي الشيعي الحاكم".

 

ويستبعد استاذ الإعلام، "حصر السلاح بيد الدولة"، إذ يرى أن "الأحزاب السياسية في الإطار التنسيقي مستثمرة في الفصائل ولا توجد وحدة قرار، إلا في حال وجود ضغوط خارجية كبيرة قد تغير من المشهد".

الجبال

نُشرت في الجمعة 18 يوليو 2025 11:20 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.