أزمة رئيس البرلمان تولد انشقاقات و"انقلابات" منذ 10 أشهر.. ماذا اقترح المالكي هذه المرة؟

7 قراءة دقيقة
أزمة رئيس البرلمان تولد انشقاقات و"انقلابات" منذ 10 أشهر.. ماذا اقترح المالكي هذه المرة؟

القصة الكاملة لعقدة رئاسة مجلس النواب العراقي

 

ما تزال القوى السنية تخوض حوارات متواصلة بشكل مباشر بعض الأحيان وعبر وسطاء في أحيان أخرى، ضمن مساع حسم منصب رئيس البرلمان الشاغر منذ العام الماضي، بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد الحلبوسي وفقاً لقرار سابق للمحكمة الاتحادية العليا بقضية تزوير استقالة النائب السابق ليث الدليمي.

 

ومنذ أكثر من 10 اشهر، لم تتوصل الأطراف السياسية "السُنية" إلى قرار بعقد جلسة جديدة في البرلمان بعد جلستين فاشلتين سابقتين انتهت بالشجار حين لم يحصل كلا المرشحين سالم العيساوي ومحمود المشهداني على أغلبية المجلس للظفر بالمنصب.

 

ومن بوابة الطرف الأعلى تمثيلاً نيابياً وحاسماً في أي تصويت، يرى الإطار التنسيقي أن الحسم يكمن داخل البيت السياسي السني بأطرافه التي تتمثل بـ"حزب السيادة" و"عزم" و"تقدم" وما يلتحق بهم من المستقلين، فيما يؤكد وباستمرار على عدم إمكانية الخوض في جلسة لا يسبقها اتفاق لتمرير المرشح من بين المرشحين بطريقة أو بأخرى.

 

التلاعب بأوراق الاقتراع

 

وبهذا الصدد يقول عضو تحالف نبني، المنضوي في الإطار التنسيقي، علي الفتلاوي لـ"الجبال"، إنّ "الإطار الشيعي يواصل مباحثاته وحث الكتل السنية للتوصل لاتفاق على مرشح واحد لرئاسة البرلمان"، مبيناً أن "الإطار ليس لديه مشكلة في الموضوع وخاصة بما يتعلق بالأسماء المطروحة".

 

وأضاف الفتلاوي أنّ "الإطار التنسيقي ينتظر من البيت السني الاتفاق على شخصية معينة لمنصب رئيس البرلمان، من أجل دعمه والتصويت لصالحه ليكون رئيساً للمجلس لما تبقى من عمره"، مؤكداً أن "البيت السني يعلن بين الحين والآخر حسم ملف رئاسة البرلمان والاتفاق بين مختلف الأطراف السنية، وبعد ذلك يتم التلاعب بالأوراق داخلياً لتعود الأمور إلى المربع الأول وعدم الاتفاق بين السنة على شخصية معينة للمنصب".

 

ومنذ شغور المنصب، تصر كتلة "تقدم" بقيادة الحلبوسي على أنه استحقاق انتخابي لها لكثرة عدد مقاعدها سنياً، بينما تعتبر كتلة "السيادة" بقيادة خميس الخنجر وكتل سنية أخرى أن المنصب حق للمكون السني ككل. 

 

وفشل مجلس النواب، في 18 آيار الماضي، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة "حاسمة" لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.

 

وشهد التصويت منافسة محتدمة بين النائبين سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، حيث حصل الأول على 158 صوتاً في حين حصل الثاني على 137 صوتاً، كما حصل النائب عامر عبد الجبار 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتاً، وأدلى 311 نائباً (من إجمالي 329) بأصواتهم في الجولة الأولى التي انطلقت في الساعة الرابعة عصراً بتوقيت بغداد.

لكن الجولة الثالثة لم ترَ النور بسبب شجار بين النواب تطور إلى اشتباك بالأيدي، حيث وثقت هواتف النواب، مشادة كلامية وتشابك بالأيدي بين نواب من "تقدم" وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان.

 

"مناورة سُنية"

 

من جهته، يقول رئيس مركز اليرموك للدراسات، عمار العزاوي، لـ "الجبال"، إن "الاطار الشيعي رفض فتح باب الترشيح بالكامل، لأنه لن ينهي أزمة الترشيح بل سيزيدها تعقيداً"، موضحاً أن "بعض القوى السنية تناور حالياً وتحاول سحب جميع المرشحين لرئاسة البرلمان وإعادة الترشيح من جديد".

 

وتابع أنّ "الأسبوع الحالي سيكون هناك اجتماع لحسم منصب الرئيس"، فيما أشار إلى أن "السيادة والعزم يدعمان محمود المشهداني ولن يدخلا جلسة البرلمان دون الاتفاق على مرشح واحد، في وقت حصل اجتماع بين رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي ومرشح السيادة سالم العيساوي وبعض القيادات السنية استضافه منزل نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون، لمطالبة العيساوي بالانسحاب والتنازل لصالح المشهداني، لكنه رفض ذلك بشكل قطعي".

 

وأكد العزاوي أنّ "النواب الذين حضروا من المكون السني في الاجتماع وعددهم 55 نائباً قرروا بعد ذلك أن يقوموا بالاتفاق على فتح باب الترشيح من أجل اختيار زياد الجنابي الذي يترأس كتلة المبادرة كرئيس للبرلمان في جلسة يتم تحديدها بعد ذلك".

 

يشار إلى أنه في 14 آب الماضي كشف ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، عن إمكانية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، وهو أمر لطالما نادى به رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، لإتاحة المجال أمام تقديم مرشح من حزبه لخلافته، لكن حزب زعيم ائتلاف النصر ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وفي نهاية آب الماضي، كان قد شكى من انعكاس الخلافات السنية حول حسم رئاسة البرلمان على الإطار التنسيقي.

 

ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة المكون السني وفقاً للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكورد.

 

مشكلة المادة 12

 

ويدور الخلاف السياسي الحالي بشأن تعديل الفقرة ثالثاً من المادة 12 في النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تتعلق بانتخاب رئيس البرلمان، التي تنص على (إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل)، لكن بعض الكتل السياسية تقترح إضافة فقرة تعطي صلاحية فتح باب الترشيح مرة أخرى واستبدال المرشحين السابقين لمنصب رئيس البرلمان.

 

في السياق، يعتبر القيادي في تحالف العزم، عزام الحمداني، أنّ "إعادة فتح باب الترشيح وتعديل النظام الداخلي بما يخص انتخاب رئيس البرلمان يعني إتاحة المجال لارتكاب جريمة قانونية وخرق لقرارات المحكمة الاتحادية، كما يمكن اعتباره تأسيساً لعرف سياسي فاسد سيستمر في الدورات القادمة".

 

ويضيف الحمداني، لـ "الجبال"، أن "محمود المشهداني الآن يحظى بمقبولية أكبر لدى القوى السنية وحتى الشيعية بدعم من قوى الإطار والعزم والسيادة والحزب الديمقراطي الكوردستاني، حيث هناك رغبة أكبر بتوليه المنصب مع إصرار كبير لدى سالم العيساوي على عدم سحب ترشحه وخوض السباق". 

 

ويؤكد، أن "العزم والسيادة يمثلان الأغلبية السنية الآن في البرلمان وهما يدعمان وبشكل مستمر محمود المشهداني لمنصب رئاسة البرلمان لأنه يمثل الحل الوطني الذي ينهي الأزمة"، معتبراً أن "الإصرار على المشهداني يعتبر خطوة مقبولة لدى أغلب الطيف السياسي وما يمكن توقعه هو انعقاد قريب لجلسة البرلمان خلال الأسابيع المقبلة". 

 

ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائباً، كما لا يملك حزب تقدم صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعداً، وهو ما يشير لضرورة وجود اتفاق سني يدعمه الإطار التنسيقي من أجل انضمامه للتصويت على مرشح يتمكن من حصد الأغلبية.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا، قد قررت في 14 تشرين الثاني 2023، إنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على خلفية دعوى قضائية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة له من عضوية مجلس النواب، وعلى إثره قضت المحكمة الاتحادية بإنهاء عضويتهما.

 

ومنذ صدور قرار رئاسة البرلمان أيضا في  21 تشرين الثاني 2023 بإنهاء عضوية الرئيس محمد الحلبوسي رسمياً استنادا للقرار القضائي، والمجلس قد استمر لغاية شهر حزيران الماضي، بعقد أكثر من جلسة لانتخاب رئيس جديد  إلا أن خلافات حالت دون ذلك.

الجبال

نُشرت في الجمعة 6 سبتمبر 2024 11:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.