أزمة رواتب الحشد.. من المسؤول عنها وما تداعياتها السياسية الاقتصادية؟

6 قراءة دقيقة
أزمة رواتب الحشد.. من المسؤول عنها وما تداعياتها السياسية الاقتصادية؟ عناصر في الحشد الشعبي

يشهد ملف رواتب منتسبي هيئة الحشد الشعبي في العراق أزمة متفاقمة، كشفت عن تداخلات معقدة بين الضغوط الخارجية، المشاكل الفنية، ومرونة النظام المالي في البلاد. وفي الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون عراقيون قرب حل الأزمة، تشير تصريحات أخرى إلى "ضغوط أميركية مباشرة" أدّت إلى تأخير الصرف، وتحذر من تداعيات أوسع على القطاع المصرفي العراقي.

 

"فرقة العباس القتالية": الخزانة تؤخر الرواتب

 

أكد قائد فرقة العباس القتالية، ميثم الزيدي، أن الخزانة الأميركية هي السبب المباشر وراء تأخير رواتب المقاتلين. وفي تصريح تابعته منصة "الجبال"، أوضح الزيدي أن "الخزانة الأميركية أبلغت الشركة الموطّنة لرواتب الحشد بضرورة الانسحاب أو التعرض إلى العقوبات".

 

وأضاف الزيدي أن "الشركة الموطّنة لرواتب الحشد أبلغت مصرف الرافدين والهيئة، بأنها ستنسحب من الملف، ودعت إلى تدارك الموضوع". 

 

وعزا الزيدي تأخر صرف الرواتب إلى عدم تدارك "الأشخاص المعنيين بالإدارية والمالية في الحشد المشكلة بشكل سريع"، مشيراً إلى أن "الأموال مؤمنة، لكن الصرف يواجه مشكلة، وأي شركة ستتصدى لملف رواتب الحشد ستتعرض لعقوبات أمريكية".

 

اللجنة المالية النيابية: خلل فني 

 

في المقابل، أكدت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، اليوم السبت، أن مشكلة تأخر صرف رواتب منتسبي الحشد الشعبي "في طريقها إلى الحل، خلال الساعات المقبلة".

 

وقال عضو اللجنة، معين الكاظمي، لمنصة "الجبال"، إن "هناك خللاً فنياً أو خطأ حصل في ملف رواتب هيئة الحشد الشعبي، يجري العمل على معالجته، وصرف تلك الرواتب خلال الساعات المقبلة". وأردف الكاظمي: "نحن نتابع ذلك بشكل متواصل مع الجهات الحكومية المعنية دون أي انقطاع منذ أيام، وهي أكدت أن الذي حصل خلل ليس إلا، وقع دون أي قصد".

 

شدد الكاظمي على أن "الحكومة العراقية ملزمة بصرف رواتب الحشد الشعبي كحال باقي موظفي الدولة العراقية، ولا يوجد ما يمنع صرف تلك الرواتب. وتأخير صرفها سيدفعنا لمواقف أكثر صرامة"، مستبعداً وجود "ضغوطات خارجية أو غيرها بهذا الملف المهم والحساس".


أكد الكاظمي في حديثه عن التدخلات الأجنبية أن "أي شيء من ذلك هو مرفوض وسنواجهه بقوة".

 

دعوات لـ "الشفافية"

 

وفي سياق متصل، صرح النائب عن الإطار التنسيقي في البرلمان، ثائر الجبوري، يوم الخميس الماضي لـ"الجبال" بأن "هناك خللاً فنياً حسب الادعاء من قبل الجهات المختصة، تسبّب بوقف صرف رواتب مقاتلي الحشد الشعبي". وطالب الجبوري "هيئة الحشد والجهات المسؤولة في المالية والحكومة بتوضيح ذلك الخلل بشكل عاجل، والعمل على معالجته دون أي تأخير".

 

ولم يستبعد الجبوري "أن تكون هناك ضغوطات خارجية أو حتى داخلية من أطراف سياسية، لوقف صرف رواتب الحشد أو تأخيرها كجزء من استهداف الهيئة والمقاتلين فيها"، مشدداً أن "هذا الأمر يجب التصدي له ويجب أن يكون هناك توضيح رسمي ومنطقي وعاجل لكشف الحقائق أمام الرأي العام وأمام مقاتلي الحشد وعوائلهم". 

 

وحذر الجبوري من "موقف حازم في مجلس النواب وعموم العمل السياسي" في حال تأخير صرف الرواتب بشكل غامض.

 

"تدخل خارجي"

 

وفي وقت سابق من يوم الخميس، كشف عضو مجلس النواب العراقي، مصطفى سند، عمّا وصفه بـ"تدخل خارجي"، تسبّب بإيقاف تفعيل بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بمنتسبي هيئة الحشد الشعبي. 

 

وقال سند إن "هيئة الحشد الشعبي أطلقت رواتب منتسبيها، وتم تحميلها ببطاقات الدفع الإلكتروني، لكن تدخلاً خارجياً أوقف تفعيل البطاقات"، مضيفاً أن "الدائرة الإدارية والمالية تجري إجراءات بديلة لحل المشكلة خلال يومين بقوة الله، إذا لم يحصل طارئ جديد".

 

تداعيات

 

وكشفت تقارير سابقة عن تداعيات فرض الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على بعض المصارف العراقية بتهمة تهريب الدولار إلى دول خاضعة للعقوبات (إيران - سوريا). وقد انعكس ذلك بشكل ملحوظ على سعر صرف العملة الأميركية في الأسواق العراقية ومرونة الوصول إليها.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، "فقدت فصائل مسلحة موالية للمحور الإيراني في العراق إمكانية الحصول على العملة الأميركية، فلجأت بسرعة إلى مخطط صرف عملات عبر البطاقات الإلكترونية".

 

وأشار تقرير "وول ستريت جورنال" للكاتب "ديفيد س. كلاود" إلى أن "العراق قبل عامين، كان سوقاً ثانوياً لشركتي فيزا وماستر كارد، لم يكن يُولّد سوى حوالي 50 مليون دولار شهرياً أو أقل من المعاملات العابرة للحدود في بداية عام 2023. ثم ارتفع حجم التداول بشكل صاروخي ليصل إلى ما يقرب من 1.5 مليار دولار بحلول نيسان من ذلك العام – بزيادة تقارب 2900% بين عشية وضحاها".

 

وتساءل التقرير: "ما الذي تغير؟"، مجيباً: "اكتشفت الميليشيات العراقية المدعومة من إيران كيفية استغلال شبكات الدفع الخاصة بفيزا وماستر كارد على نطاق واسع لتأمين الدولار الأميركي لها ولحلفائها في طهران، وفقاً لمسؤولين أميركيين وعراقيين ووثائق اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال".

 

ويشير الكاتب إلى أن "التحول إلى البطاقات جاء بعد أن قامت وزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أواخر عام 2022 بإغلاق ثغرة كبيرة كانت تُستخدم للتمويل غير المشروع: التحويلات البرقية الدولية من قبل البنوك العراقية التي تفتقر إلى ضمانات كافية لمكافحة غسيل الأموال. وكانت العيوب في هذا النظام، الذي أسسته الولايات المتحدة في الأصل أثناء احتلالها للعراق، قد سمحت لإيران والفصائل التي تدعمها بالوصول إلى مليارات الدولارات لأكثر من عقد، وبمجرد أن أغلقت الولايات المتحدة هذا المنفذ أخيراً، وجدت الميليشيات بسرعة طرقاً للاستفادة من نظام مدفوعات البطاقات".

 

توقف الخدمات المصرفية الدولية ببعض البنوك العراقية

 

وفي 31 أيار الماضي، أعلن مصرف العراق الأول (FIB) رسمياً لعملائه عن إيقاف آلية تسوية المدفوعات الدولية لبطاقاته. وأوضح المصرف في بيان تلقت "الجبال" نسخة منه، أن "هذا الإجراء سيؤدي إلى توقف خدمة استخدام بطاقاته المصرفية على الصعيد الدولي، مطمئناً في الوقت ذاته عملاءه بأن البطاقات ستستمر بالعمل بشكل طبيعي داخل العراق، وأن جميع خدماته المصرفية الأخرى ستبقى فعالة بكامل كفاءتها".

 

يأتي هذا الإجراء بعد أن كشف مصدر مصرفي لمنصة "الجبال"، في شهر نيسان الماضي، عن توجيه من البنك المركزي العراقي للمصارف المحلية بتعليق العمل ببطاقات الماستر كارد في التعاملات الخارجية.

الجبال

نُشرت في السبت 28 يونيو 2025 02:45 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.