مع اشتداد المنافسة الانتخابية، وتحوّل حتى الجامعات والمدارس إلى أماكن للتحشيد والتسويق الانتخابي، تتجه الأنظار إلى فئة جديدة ستشارك لأول مرة في الانتخابات وهي فئة الشبّان والشابات من مواليد 2005 و2006 و2007 وإمكانية مشاركتهم في التصويت ونسبة إقبالهم على تسجيل بياناتهم.
وأجرت "الجبال" استطلاعاً للرأي خصّ هذه الفئة تقصّت خلاله عن رؤيتهم للعملية الانتخابية ومدى رغبتهم في المشاركة فيها وجاءت النسب والآراء متفاوتة بين "متحمسين يرغبون بإثبات أنفسهم من المرة الأولى"، فيما لا يرى آخرون "أي تغيير بمشاركتهم بسبب عملية تدوير الوجوه ذاتها التي كانت تُعتمد في أغلب الانتخابات السابقة".
أكثر من مليون ناخب تولّد 2007
وبهذا الصدد، عبّرت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي، عن أملها في مشاركة هذه الفئة في الانتخابات المقبلة.
وكان مجلس النواب، قد صوت خلال جلسته الاعتيادية في 13 كانون الثاني الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر مجلس القضاء الأعلى، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.
وقالت المتحدث باسم المفوضية، جمانة الغلاي في حديث لمنصة "الجبال"، إن "إجمالي عدد الذين حدثوا بياناتهم الانتخابية تجاوز المليون وخمسمائة ألف مواطن ومواطنة".
وأضافت إنه "لغاية الآن لا يوجد فرز للمواليد المحدثين، لكن نأمل مشاركتهم في الانتخابات بشكل واسع وضمان حقهم في التصويت".
كما أكدت الغلاي، أن أعداد مواليد 2007 المقرر مشاركتهم بالانتخابات أكثر من مليون ناخب.
فرق جوالة تحاول "إقناع" الفئات الجديدة
من جانبه، أكد رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، عماد جميل، بأن "المراكز الانتخابية تشهد إقبالاً جيداً، لاسيما من قبل الشباب من مواليد 2007 الذين بلغوا سن الانتخاب لأول مرة، إضافة إلى مواطنين يسجلون بياناتهم للمرة الأولى، وناخبين يقومون بتحديث معلوماتهم بسبب تغيير أماكن سكنهم".
وخلال شهر كانون الثاني الماضي، عقدت الرئاسات الثلاث، اجتماعاً بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية لسنة 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وكشف جميل عن وصول قاعدة البيانات الانتخابية إلى "نحو 20 مليون ناخب مسجل"، مع الإشارة إلى أن "المفوضية أنجزت توزيع 95% من البطاقات البايومترية بين الناخبين".
وأوضح أن "المفوضية تعمل حالياً على استكمال تحديث سجل الناخبين"، مؤكداً "جاهزيتها التامة لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد".
أما عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات مهند الصراف، فقد أكد أن إقبال الناخبين من مواليد 2007 على المراكز الانتخابية مستمر و"لكن بنسب متفاوتة".
وقال الصراف في حديث لمنصة "الجبال" إن "مفوضية الانتخابات اعتمدت حلاً جديداً وهو تسيير فرق جوالة إلى الإعداديات والكليات وذلك للوصول إلى جميع الفئات الجديدة التي يحق لها التصويت في الانتخابات".
وأضاف أن "هدف الفرق الجوالة هو ضمان تحديث بيانات المواليد الجدد كون أغلبهم ما زال في مرحلة السادس الإعدادي والبعض الآخر دخل إلى الأول كلية فسيَّرنا فرقاً جوالة لهاتَين الجهتين، وبالمقابل أيضاً هناك من يراجع مراكز التسجيل المنتشرة في عموم البلاد".
ونوّه الصراف إلى أن "الفئات الجديدة التي يحق لها المشاركة لأول مرة في هذه الانتخابات هي مواليد 2005 و2006 و2007".
استطلاع شعبي ورأي سياسي
أجرت "الجبال" استطلاعاً للرأي بشأن مشاركة الفئات الجديدة التي يحق لها التصويت بالانتخابات المقبلة، واعتمدت في استطلاعها على الشبان والشباب من مواليد 2005 و2006 و2007 وكذلك رأي السياسيين والأكاديميين بهذه الفئات الجديدة.
وفي هذا السياق، تفاوتت آراء الشباب والشبان من الفئات الجديدة، فمنهم من اعتبر نفسه جيلاً جديداً وهناك أهمية كبيرة تكمن في مشاركته وضرورة إثبات حقهم في التصويت بغية إجراء تغيير حقيقي وفعلي، بينما رأى آخرون أن مشاركتهم من عدمها لا "تقدم ولا تؤخر" بحسب وصفهم كون "الحيتان" والأحزاب الكبيرة تعودوا على أخذ "الكعكة" الكبيرة حتى في حال خسارتهم وذلك عبر لجوئهم إلى "التزوير" وفق تعبيرهم.
بالمقابل، لا يتفاءل الأكاديمي والباحث بالشأن السياسي غالب الدعمي بمشاركة الفئات الجديدة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذ يقول إن "أهمية هذه الفئة أنها تنقسم على قسمين، القسم الأكبر منها لن يشارك في الانتخابات ولا يكترث بها ولا يذهب للتصويت وقسم منها مؤدلج ينتمي الى جهات سياسية أخرى، وربما يذهب قسم آخر باتجاه متبنيات لمن يدفع ولمن يعطي أو لتجمعات مدنية أخرى".
ولا يعتقد الدعمي خلال حديثه لمنصة "الجبال" أن تُضيف هذه الفئات الجديدة "أهمية إلى العملية السياسية أكثر من زيادة العدد وابتعاده عن الطرق السياسية الحالية الإسلامية" وفق قوله.
بدوره، أكد الصحفي وأستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت، مسلم عباس، ضرورة مشاركة الفئات العمرية الجديدة حتى سنة 2007 في الانتخابات القادمة، لأنهم "يمثلون ثقلاً انتخابياً لم يعهد تلك الصراعات الطائفية التي جرت خلال سنوات ما بعد سقوط نظام البعث".
وقال عباس لمنصة "الجبال" إنه "من المؤسف أن كل المؤشرات تشير إلى شبه اجماع شعبي على عدم المشاركة ما عدا مشاركة جمهور الأحزاب".
وأضاف: "بالطبع لا توجد دراسة شاملة للرأي العام لأنه حتى دراسات الرأي العام في أميركا لا تكون دقيقة 100%، لكن بشكل عام ومن خلال معرفة المزاج العام والمزاج الشعبي العام، نرى أن هناك ضعفاً في المشاركة المقبلة وهذا يعني صعوبة حدوث تغيير جوهري في موازين القوة السياسية تحت قبة البرلمان".
من جانبه، يختلف رئيس تحالف تصميم، النائب عامر الفايز، وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية أيضاً، مع آراء الأكاديميين أعلاه، ويؤكد أن العامل النفسي لهذه الفئات الجديدة سيدفعهم إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة كونها تجربة جديدة لهم.
وقال الفايز في حديث لمنصة "الجبال"، إن "مشاركة الفئات الجديدة هذه في الانتخابات المقبلة لها أهمية كبيرة في العملية الانتخابية كونها حقاً دستورياً وقانونياً لهم"، مبيناً أن "المشاركة من عدمها تبقى حسب وعي الناخب من هذه الفئات، لكن كرأي ارى أنهم سيشاركون بشكل واسع".
وأضاف: "من الضروري جداً في الشكل العام مشاركة هذه الفئة العمرية في الانتخابات المقبلة كونها مستقبل البلد، لكن التوعية الانتخابية يجب أن تكون تختلف عن سابقاتها فالدورات السابقة كانت توعد الناخبين بالتعيين والخدمات والكهرباء أما الآن فبدأت الأمور تختلف قليلاً".
وأشار الفايز إلى أن "المدى الحقيقي للتوعية يكمن بضرورة توعية المرشح لمجلس النواب، والجمهور العراقي لدور عضو مجلس النواب لا فقط توعيته لكسب صوته لقاء تعيينات أو ما شابه ذلك".
وأكد أن "التعيينات ليست من واجب النائب نفسه، وتقديم الخدمات هي من واجبات عضو مجلس المحافظة، في حين أن دور النائب الحقيقي هو دور سياسي وعليه أن يبين هذا الدور ويبين منهاجه السياسي، والناخب ينتخب على هذا الأساس لكن هذه في الحقيقة غير موجودة الآن في العراق كون الشعب العراقي لا زال لا يعي الفصل بين النائب وعضو مجلس محافظة وبين السلطة التنفيذية والتشريعية".
وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية حديثه لمنصة "الجبال" بالتأكيد على أن "مشاركة هذه الفئات في الانتخابات المقبلة تحظى بأهمية كبيرة"، مجدداً اعتقاده بأن "هذه الفئات ستشارك وسيكون لها تأثير في تغيير البوصلة كون عددهم غير قليل".
من جانبه، أكد النائب ثائر مخيف أهمية مشاركة هذه الفئات في الانتخابات المقبلة لكنه ربط تلك المشاركة بوعي الناخبين وعوائلهم.
وقال مخيف في حديث لـ "الجبال"، إن "وعي هذه الفئات يتباين بين منطقة وأخرى بل بين عائلة وأخرى، هنالك أناس حريصون على المشاركة وآخرون لا يعيرون لها أهمية، وهذه كلها تحدد مصير مشاركة هذه الفئات"، مضيفاً: "هناك أهمية كبيرة لمشاركة هذه الفئات وحتى غيرهم، لكن بالنسبة للشباب فهم يتأثرون بذويهم وأصدقائهم ورغم ذلك قد يغيرون شيء في المعادلة بعدم التأثر بما يتأثر به الآخرين كشراء الذمم أو التأثر بالأحزاب والتوجهات الأخرى، معبراً عن أمله في مشاركتهم مشاركة صحيحة بعيدة عن هذه التأثرات".