قلق كبير ينتاب كثيرين، عقب إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ إثر انتشار مرض "جدري القردة" في الكونغو، ورصد إصابات مؤكدة خارج إفريقيا، في أوروبا وآسيا، منتصف الشهر الجاري. إذ أعادت المنظمة الدولية بإعلانها صورة العزلة والجمود والاستنفار الذي عاشه العالم قبيل ثلاث سنوات مع انتشار فيروس كورنا.
وسرعان ما بدأت التحذيرات من تأثير انتشار المرض على الصحة العامة وإمكانية العودة لحالة الحظر، والحجر، والتباعد، فيما يعاني بعض من ذعر الإصابة بالفيروس الجديد ويواصل البحث عن طرق تقيه ذاك الاحتمال.
نعم هناك صور تشابه كثيرة بين "كورونا" و "جدري القردة"، إلا أن الفيروسين مختلفان في الطبيعة والتأثير.
أصل الفيروس
فيروس "MPOX" أو ما يعرف بـ "جدري القردة"، مرض فيروسي معدي، لم يظهر في إفريقيا كما هو مشاع، اكتشف أول مرة سنة 1958 في مملكة الدنمارك شمال أوروبا، في مستعمرات خاصة بالقرود تم الاحتفاظ بها للأبحاث. لكن شخصت أول إصابة بشرية به في سبعينيات القرن الماضي، في جمهورية الكونغو الديمقراطية "زائير" سابقاً.
طرق الانتقال
بصفة مشابهة لفيروس كورونا، ينتقل مرض جدري القردة عبر سبل متعدّدة بين البشر.
وأوضحت الطبيبة الأخصائية في وزارة الصحة العراقية، ربى فلاح، لمنصة الجبال أن المرض "ينتقل بين الأشخاص عن طريق الاتصال الجنسي، التقاط قطرات الرذاذ المتناثر أثناء السعال أو العطاس، المخالطة اللصيقة للمصابين وملامسة الأدوات والشراشف، فضلاً عن الاتصال المباشر مع سوائل الجسم المصاب أو الأسطح الملوثة".
ويشير الباحثون إلى أن، أكثر الأشخاص عرضة لخطر الإصابة بالمرض هم، من يعانون من ضعف المناعة بسبب الحالات الطبية أو الأدوية، والأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيون متعددون، والعاملون في مجال الرعاية الصحية. كما تعدّ النساء الحوامل والأطفال دون عام واحد، والأشخاص الذين سبق أن أصيبوا بالأكزيما، أكثر عرضة للخطر.
أقل خطورة
رغم تشابه المرضين بالطبيعة الفيروسية، وقابلية العدوى، وطرق الانتشار، إلا أن هناك اختلافاً بينهما، مطمئن بعض الشيء، وقد يخفف العبء النفسي على الأشخاص، وهو انخفاض خطورة مرض جدري القردة مقارنة بكورونا.
يقول رئيس لجنة الصحة في البرلمان العراقي، الدكتور ماجد شنكالي، إن مرض "جدري القردة" أقل خطورةً من فيروس "كورونا"، من حيث الانتقال وحصد الأرواح.
وذكر شنكالي ببرنامج تلفزيوني تابعته منصة "الجبال"، أن "الاهتمام العالمي بجدري القدرة زاد بسبب ارتفاع عدد الإصابات وتضاعفه هذا العام، حيث سجلت دولة الكونغو لوحدها 4 آلاف خالة خلال أيام"، مبيناً أنّ "نسبة الوفيات بالمرض زادت في العالم إلى 8 و10%".
ومع تسجيل إصابات في دولة لم يدخلها مسافرون من الدول المصابة، مثل باكستان، ووجود حالات اشتباه في مصر، وأوروبا، وتايلند، أكد شنكالي أنّ "خطورة المرض تكمن في انتقاله من الإنسان إلى الإنسان، بعدما كان ينتقل في سبعينيات القرن الماضي من الحيوان إلى الإنسان، فيما لا توجد لقاحات تعمل مع السلالات الجديدة من الفيروس".
لفت رئيس لجنة الصحة عن أن "جدري القردة أقل خطورة من كورونا، لأنه أقل انتقالاً، وعدد الوفيات بسببه أقل"، مشيراً إلى أن "كورونا لا يزال يسجل أسبوعياً أكثر من 19 ألف حالة وفاة بالعالم".
ويوصي الخبراء في حديثهم عن طرق الوقاية من الإصابة بالمرض، بـ "تجنب الاحتكاك بمن يعانون من طفح جلدي مرئي، عدم لمس الأشياء التي يلمسها المصابون بما في ذلك الأواني والمناشف والفراش، بالإضافة إلى غسل اليدين بشكل متكرر".
وذلك يشير إلى أن الإصابة تشترط في غالبية الحالات الاحتكاك المباشر مع شخص مصاب بالمرض.