بالأرقام| محرم استثنائي هذا العام.. قتل وزواج أكثر

6 قراءة دقيقة
بالأرقام| محرم استثنائي هذا العام.. قتل وزواج أكثر

 

في السنوات القليلة الماضية، أصبح زائرو المراقد الدينية ولاسيما في الزيارات المركزية الكبرى مثل الزيارة الأربعينية، يمشون مطمئنين بعد سنوات من فقدان الأمن خلال الزيارة خوفاً من الاستهدافات والتفجيرات الإرهابية، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أنهم قد يعودوا ليُقتلون أيضاً، ولكن هذه المرة "بنيران صديقة"، فيما تكشف مراجعة الأرقام لممارسات القتل والجرائم أن محرم هذا العام كان استثنائياً وفقد نسبياً من تأثيره على "ضبط الممارسات" مقارنة بالمعتاد.

 

حوادث استثنائية.. "محرم لم يعد يؤثر في الممارسات"

 

بغضون 5 أيام فقط، قتل وأصيب 14 شخصاً من الزائرين وأصحاب المواكب الحسينية في محافظتي النجف وكربلاء، أي في المحافظات التي تضم المراقد الدينية المقدسة، حيث وقعت 3 حوادث بين هجوم ونزاع واشتباك مسلح بين أجهزة أمنية.

 

ففي يوم 17 آب فتح مسلحون نيران أسلحتهم على موكب في محافظة النجف وتسببوا بقتل 3 أشخاص نتيجة خلافات سابقة، وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء وحتى فجر الخميس وقع نزاع عشائري مسلح في منطقة الزركَة بالكوفة في محافظة النجف، وأدى إلى مقتل شخص وإصابة 8 آخرين بينهم زائرون إيرانيون، كما وقع اشتباك مسلح في محافظة كربلاء بين قوات من الجيش العراقي وعناصر من فصيل "جند الإمام" المنضوي في الحشد الشعبي وسط حشود كبيرة من الزائرين.

 

هذه الحوادث تعتبر استثنائية، حيث أنها لم تكن تُشهدُ كثيراً خلال أيام الزيارات الدينية ولاسيما في شهر محرم باعتباره شهر حرام يحرم فيه القتال أولًا، وكذلك خلال الزيارة الأربعينية التي يعتبرها الشيعة أياماً مقدسة يتم فيها التخلي عن الكثير من الممارسات العدوانية من المفترض ويرتفع فيها التكافل الاجتماعي غالباً. 

 

لكن، لم تكن هذه الحوادث المذكورة خلال الأسبوع الماضي استثنائية لوحدها، بل أن شهر محرم بالكامل يبدو أنه حمل الكثير من الشواهد الاستثنائية، حيث ارتفعت أرقام القتل والزواج على حدٍ سواء خلال شهر تموز الماضي الذي شهد الجزء الأكبر منه حلول شهر محرم الذي بدأ في الثامن من تموز الماضي.

 

رقم قياسي في القتل.. الأكبر منذ أكثر من عام

 

انخفضت حالات القتل الجنائي في العراق منذ النصف الثاني لعام 2020 تحت الـ100 حالة شهرياً لأول مرة منذ 2003، واستمرت الأرقام تتصاعد وتتناقص لكنها بقيت تحت الـ100، فيما انخفضت تحت الـ60 والـ50 حالة خلال العامين الماضيين، وعموماً منذ شهر نيسان 2023 لم يسجل العراق حالات قتل أكبر من 50 حالة شهرياً ومعظم الأشهر كانت أقل من 30 حالة، لكن شهر تموز الماضي سجل 52 حالة قتل جنائية، في أكبر رقم مسجل منذ عام و3 أشهر، أي منذ نيسان 2023.

بينما كانت حالات القتل في كانون الثاني 2024 قد بلغت 46 وفي شباط 44 حالة، وفي آذار بلغت 29 حالة، وفي نيسان 23، وفي أيار 28 حالة، وفي حزيران 40 حالة، وفي تموز 2024 بلغت 52 حالة، ما يعني أن معدل القتل ارتفع 30% في تموز مقارنة بحزيران، بحسب موقع إحصاء الجثث IBC.

 

بالمقابل، عند المقارنة مع العام الماضي 2023، جاء شهر محرم بين منتصف تموز ومنتصف آب 2023، وعند النظر إلى عدد حالات القتل خلال هذين الشهرين في العام الماضي 2023، سنجدها أقل معدل قتل مقارنة بالأشهر الأخرى من عام 2023، ما يكشف مدى مراعاة هذا الشهر في النزاعات بالفعل بالرغم من ان الاعتقاد الشائع في العراق ان الجرائم ترتفع في أشهر الحر، حيث سجل شهر تموز واب 2023 حالات قتل بين 29 و30 حالة لكل شهر، فيما تراوح في الاشهر الاخرى بين 34 و86 حالة.

 

عدد حالات القتل خلال شهر محرم في 2023 وفي 2024

 

 

"زواج أكثر في محرم"

 

من المعروف أن شهر محرم يؤثر في الكثير من الممارسات، خصوصاً في المحافظات الشيعية، التي تضم عدد نسمات أكبر من إجمالي العراقيين، بالتالي فإن غياب أو حدوث ممارسات ما مرصودة بالأرقام تؤثر بشكل كبير على الرقم الإجمالي النهائي للعراق ككل، ومثلما كانت ممارسات القتل استثنائية خلال شهر محرم هذا العام، كانت أرقام الزواج استثنائية أيضاً ومثيرة للاستغراب، فحالة الزواج "تتوقف تماماً" في معظم المحافظات العراقية مع حلول شهر محرم، إلا أن الأرقام تظهر أن حالات الزواج في تموز/محرم، كانت أعلى من حالات الزواج في حزيران، ولم تتأثر إحصائية حالات الزواج في تموز كثيراً بحلول شهر محرم على عكس المعتاد والمفترض.

 

بحسب إحصائيات مجلس القضاء الأعلى، سجل شهر تموز الماضي 2024 والذي كان شهر محرم قد حلّ في اليوم الثامن منه، سجّل أكثر من 26 ألف حالة زواج، 90% منها هي حالات زواج وعقود جديدة وليس تصديق عقد خارجي قديم والذي شكل 10% فقط من إجمالي عقود الزواج.

 

أما في شهر حزيران 2024، كانت حالات الزواج قد بلغت 23 ألف حالة وعقد زواج فقط، ما يعني أن عقود الزواج في تموز/محرم، ارتفعت بنسبة 16% مقارنة بشهر حزيران.

 

 

هذا يعني، أنه في الشهر الذي حل شهر محرم في 21 يوماً منه، كانت حالات الزواج فيه أكثر من الشهر القبله خلال عام 2024، وعند المقارنة مع العام الماضي 2023، نجد أن شهر محرم بدأ في الـ20 من تموز 2023 وانتهى في 18 آب 2023، ما يعني أنه يجب المقارنة مع شهر آب 2023 لأن الوقت الأكبر الذي استغرقه شهر محرم من أيامه كان في شهر آب وبلغ 18 يوماً مقارنة بـ10 أيام فقط من تموز 2023.

 

وبالعودة لـ2023، ففي شهر تموز 2023 بلغت حالات الزواج أكثر من 26 ألف حالة، وهو رقم مبرر ربما وقريب من المتوسط الشهري باعتبار أن الكثير من العوائل تستعجل الزواج قبل حلول محرم، وخلال أول 20 يوماً من الشهر سيكون وقتاً كافياً لتسجيل هذا الرقم أو المتوسط الشهري، أما في شهر آب 2023، انخفض عدد حالات الزواج إلى 15 ألف حالة فقط.

 

وتظهر مقارنة الأرقام سواء على صعيد القتل أو الزواج، كيف أن شهر محرم هذا العام "لم يؤثر كثيراً على السلوكيات أو لم يضبط الممارسات مقارنة بالمعتاد ومقارنة بأرقام العام الماضي". 

علي الأعرجي صحفي عراقي

نُشرت في الأحد 25 أغسطس 2024 10:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.