أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان حول العالم، توثيقها الاستخدام المفرط للقوة في احتجاجات تشرين 2019، مشيرة إلى أن مجزرة "جسر الزيتون" المرتكبة من قبل القوات الأمنية بحق متظاهرين في الناصرية "من أكثر الحلقات دموية" وتستحق مساءلة حقيقية.
ذكرت المنظمة في تصريح خاص لمنصة الجبال، اليوم السبت، أن "رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، كان قد أمر قوات الأمن بالتوقف عن استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين قبل أكثر من شهر من المجزرة. ومع هذا، فعلت قوات الأمن، بقيادة عمر نزار، ذلك على جسر الزيتون، مما أدى إلى مقتل وإصابة المتظاهرين".
وأضافت هيومن رايتس ووتش أنها "وثقت حالات متعددة من الاستخدام المفرط للقوة طوال احتجاجات تشرين، وحتى الآن لم نر سوى القليل جداً من المساءلة عن الانتهاكات ضد المتظاهرين"، مردفة: "كانت مجزرة جسر الزيتون واحدة من أكثر حلقات احتجاجات تشرين دموية، ويستحق الضحايا العدالة والمساءلة الحقيقية".
في تشرين الثاني 2019، شنت القوات الأمنية هجوماً على معتصمين قرب "جسر الزيتون" وسط مدينة الناصرية، ما أوقع 32 قتيلًا وأكثر من 220 جريحاً، وهو ما سميّ وقتها بـ"مجزرة الناصرية"، أو "مجزرة الزيتون".
وتفيد شهادات ضباط ومسؤولين، بأنّ الضابط "عمر نزار" قاد الحملة التي انتهت بمقتل وإصابة المئات على جسر الزيتون، حين أصدر أوامر فتح النار على المتظاهرين العزل "حتى لم تبق رصاصة واحدة في جعبة قواته".
وحكم القضاء العراقي قبل نحو 14 شهراً، في حزيران 2023، بالسجن المؤبد بحق الضابط برتبة مقدم عمر نزار على خلفية مجزرة الزيتون، وصدر القرار وفق أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
لكن محكمة التمييز الاتحادية، قررت في وقت سابق من شهر آب 2024، الإفراج عن نزار بعد صدور الحكم السابق بحقه عن "المجزرة" التي راح ضحيتها العشرات من المتظاهرين.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها "الجبال"، "توجيه محكمة التمييز، بغلق التحقيق ونقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى، وإلغاء التهمة الموجهة ضد الضابط والإفراج عنه"، بسبب "عدم كفاية الأدلة المتحصلة".
وكانت منظمات حقوقية، نشرت تحقيقاً مصوراً يوثق "جرائم قتل واغتصاب وانتهاكات" يتهم بارتكابها "عمر نزار" آمر الفوج الثاني في قوات الرد السريع التابعة إلى وزارة الداخلية. إذ استند التحقيق إلى مقاطع مصورة تشير إلى "ارتكاب نزار وقواته عمليات إعدام بحق مدنيين واغتصاب نساء وأطفال"، فضلاً عن شهادة المصور علي أركادي الذي وثق تلك المشاهد.
وأشار التحقيق، إلى أنّ "نزار كان يقود مجموعة من 4 جنود ترتكب عمليات الاغتصاب والتعذيب"، وقد أفلِتوا من العقاب على الرغم من وجود أدلة دامغة تثبت تورطهم في انتهاكات فظيعة.
وقد أثار الحكم القضائي بالإفراج عن نزار، غضب أهالي محافظة ذي قار، الذين رأوا أن القضاء استغلّ فترة انشغال أهالي الجنوب بمراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين (ع)، وتوعّد ذوو الشهداء والمصابين بأنه "سيكون لهم موقف، ولن يسمحوا بطمس معالم الجريمة التي حصلت".