مزار "إسحاق جاؤون" في بغداد.. مشروع ترميم حاخام يهودي يثير جدلاً وقد يفجر توترات مع "فصائل مسلّحة"

15 قراءة دقيقة
مزار "إسحاق جاؤون" في بغداد.. مشروع ترميم حاخام يهودي يثير جدلاً وقد يفجر توترات مع "فصائل مسلّحة" مزار إسحاق جاؤون في بغداد

بعد عقود من الإهمال والنسيان، عاد مزار الحاخام "إسحاق جاؤون" يطل على سكان محلة قنبر علي في جهة الرصافة بالعاصمة بغداد، متحرراً من عباءة الغبار والأنقاض التي غطته منذ ثمانينيات القرن الماضي. وبدأت ذاكرة المكان تفتح أبوابها مجدداً، محملة بقصص تاريخية عن شخصية دينية عاشت في قلب بغداد، وعن موروث ثقافي ظل مخبوءاً خلف جدران مهترئة.

 

ومؤخراً، زار مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي أحد أهم وأبرز مزارات الديانة اليهودية والذي يعود إلى الحاخام – مصطلح في اليهودية يعني الرجل الحكيم أو الماهر – إسحاق جاؤون.

 

هذهِ الزيارة الرسمية، ترتبت عليها تبعات تجادلت الآراء فيما بينها، منها من صفق للمبادرة، ومنها من استثار غيضاً، منصة "الجبال" ذهبت إلى منزل الحاج أبو سجاد، وهو جار المزار، للاطلاع على تفاصيل الأمر منذ بدايته، إذ قال لنا وهو يشير إلى المبنى العتيق: "منذ أربعة أشهر بدأنا نلاحظ حركة غير معتادة هنا.. عمال يدخلون ويخرجون، يرفعون الأنقاض، ينظفون المكان الذي كان مهجوراً لسنوات طويلة، ولعقود كان المزار مطموراً تحت أكوام الأوساخ والإهمال، مغلقاً بالأبواب الصدئة، لا يسمح لأحد بدخوله ولا حتى بالاقتراب منه".

 

 

ويروي أبو سجاد: "كان المرقد في السابق محل اهتمام بالغ من قبل أهالي منطقة قنبر علي، حيث كانوا يحرصون على تنظيفه يومياً، ويزوره العديد من الناس من جميع الطوائف لطلب البركة، وكان له سمعة طيبة وكرامات عديدة شهدتها بنفسي".

 

ويضيف: "بعد عام 2003، وتداعيات سقوط النظام السابق، تغيرت الأمور بشكل جذري، فنتيجة عدم الاستقرار الأمني، تم سرقة ونهب كل مقتنيات المرقد، وضاع كل شيء يخصه".

 

ويسترجع أبو سجاد كيف تحول المكان بعد ذلك إلى نقطة خطر، حيث أصبح مرتعاً للحشرات والعقارب والأفاعي، ما جعل المنطقة تعاني من الروائح الكريهة التي كانت تدخل البيوت القريبة. ويضيف: "هذا الوضع دفعنا إلى إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى المرقد، فقد بدأت الحشرات والعقارب تهدد راحتنا وصحتنا، حيث تعرض العديد من الأطفال للدغات وقرصات مؤلمة".

 

وبخصوص الإهمال الذي طال المرقد طوال السنوات الماضية، يوضح أبو سجاد أن الجهات الحكومية كانت تتعمد إهمال هذا المكان بسبب الصراعات الدينية حول مرجعيته. ويقول إن "كل جهة دينية، سواء مسلمة أو يهودية، تدعي أن القبر يعود لها، وهذا ما يمنع أي اهتمام حقيقي بالمكان".

 

يذكر أبو سجاد أن هناك العديد من الكتب العبرية كانت موجودة داخل المرقد، لكن تم تمزيقها من قبل الأطفال، وأصبحت الآن بلا أثر. كما يروي عن امرأة مسنة كانت تعيش داخل المرقد، وكانت مسؤولة عن تنظيفه وحمايته واستقبال الزوار، حتى توفيت عن عمر ناهز 80 عاماً.

 

 

أما الجار الآخر، وهو شاب رفض الكشف عن اسمه، تابع قائلاً وهو ينظر إلى التغييرات التي طرأت على المكان: "أصلحوا الباب الرئيس وبدّلوا المقرنص القديم، وصبغوا الواجهة التي كانت متشققة ومهترئة.. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل أزالوا أيضاً مجموعة من المحال الصغيرة التي كانت متروكة ومهجورة بجوار المزار، بعضها كان مجرد أكوام من الطابوق المتهدم".

 

ويؤكد الشاب أن "كل ذلك جرى ضمن خطة لتوسعة المساحة المحيطة بالمزار، وتهيئتها بشكل أفضل لاستقبال الزائرين. إذ تحوّل المشهد من ركام مهمل إلى مساحة نظيفة ومنظمة، تعطي شعوراً بالاحترام والتقدير للمكان وتاريخه".

 

اليهود في قنبر علي

 

محلة قنبر علي هي واحدة من الأحياء التاريخية القديمة في بغداد، وهي تقع في الجانب الشرقي من العاصمة. تتميز هذه المحلة بجوها الشعبي وتاريخها الثقافي. وهي تتمتع بتاريخ طويل يرتبط بتعدد الثقافات والديانات في بغداد. وكانت منطقة حيوية من الناحية التجارية والسكنية، ويعود أصل اسم "قنبر علي" إلى إحدى العائلات البغدادية التي سكنت المنطقة منذ قرون.

 

في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كانت محلة قنبر علي أحد الأماكن التي سكن فيها العديد من العائلات اليهودية البغدادية. كان اليهود يشكلون جزءاً مهماً من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في بغداد، حيث كانت لهم محلات تجارية ومهن خاصة بهم. كانت المحلة، مثل العديد من الأحياء البغدادية الأخرى، مركزاً للأنشطة التجارية والثقافية، كما أنها تضم عدة معالم بارزة، مثل زقاق الباشا وشارع عباس أفندي وسلطان حمودة وكانت معروفة بكونها أحد أقدم كنائس اليهود، وكانت تُعرف سابقاً بأسم محلة اليهود والتوراة الكبيرة.

 

إلى جانب معابدهم ومدارسهم، كانت هناك أيضاً مقابر يهودية في المنطقة، ومن ضمنها مزار الحاخام إسحاق جاؤون الذي كان يعد من الشخصيات الدينية البارزة في المجتمع اليهودي البغدادي. لقد ظل هذا المزار واحداً من الأماكن التي يقدسها اليهود في بغداد حتى أواخر القرن العشرين، ولكن مع الهجرة الجماعية لليهود العراقيين في الخمسينيات والستينيات، بدأ الاهتمام بالمزارات اليهودية يتراجع، وأصبحت العديد من هذه المواقع مهجورة.

 

بعد هجرة معظم أفراد الجالية اليهودية من العراق، وبسبب التحولات السياسية والاجتماعية في البلاد، بدأ الاهتمام بالمزارات اليهودية في محلة قنبر علي يتلاشى تدريجياً. اختفت الكثير من المعالم اليهودية مع مرور الوقت، إلا أن المنطقة ما زالت تحتفظ بذاكرة قوية عن الفترة التي كان فيها اليهود جزءاً أساسياً من الحياة اليومية في بغداد.

 

عودة إلى الوراء.. من هم الجاؤونيم؟

 

الحاخام إسحاق جاؤون هو شخصية دينية يهودية بارزة، عاش في القرون الوسطى. اسمه الكامل غالباً ما يُذكر كـ إسحاق بن يعقوب الجاؤون. وهو أحد الجاؤونيم، أي رؤساء مدارس التعليم الديني اليهودية (اليشيفوت) في العراق خلال فترة الجاؤونيم (حوالي القرن السابع إلى القرن الحادي عشر الميلادي).

 

عاش الحاخام إسحاق في القرن العاشر الميلادي تقريباً، وكان رئيس أكاديمية فومباديتا، وهي إحدى أهم المدارس الدينية اليهودية في العراق بعد سقوط السلالة العباسية في بغداد. لقب "جاؤون" يعني "العبقري" أو "المتفوق"، وهو لقب كان يُطلق على كبار الحاخامات ورؤساء الأكاديميات في ذلك العصر.

 

وكان من كبار المفسرين والفقهاء، وألّف رسائل وفتاوى دينية كثيرة تُعرف بـ"الشيئلات والتشبوت" (أسئلة وأجوبة)، حيث كان اليهود في العالم يرسلون له أسئلة دينية وقانونية وهو يرد عليها. وكان له دور كبير في تنظيم التعليم الديني اليهودي ووضع أسس الاجتهاد الفقهي لليهود.

 

بعض المصادر تشير إلى أنه شارك أو أثر في تنظيم نصوص الأدعية والطقوس التي ظلت معتمدة في الصلوات اليهودية إلى اليوم. وكان يحظى بمكانة عالية ليس فقط في العراق، بل في مجتمعات يهودية متعددة تمتد حتى الأندلس وشمال إفريقيا.

 

وعلى الرغم من أن هناك عدة شخصيات يهودية تحمل اسم "إسحاق جاؤون"، لكن الأشهر والأكثر تأثيراً هو الذي ترأس أكاديمية فومباديتا في العراق.

 

هؤلاء الجاؤونيم كانوا قادة دينيين وفقهيين، ليس فقط ليهود العراق، بل لمعظم الجاليات اليهودية في العالم الإسلامي وأوروبا في ذلك الوقت.

 

كانت مراكزهم في مدرستين دينيتين أساسيتين: مدرسة سورا (قرب مدينة الحلة الحالية جنوب بغداد) ومدرسة فومباديتا (قرب الفلوجة حالياً). هاتان المدرستان كانتا بمثابة "الجامعات" الدينية، وخرجتا كبار علماء اليهودية.

 

أهمية وجودهم في العراق

 

العراق كان في ذلك الوقت مركز العالم اليهودي الأهم بعد تدمير الهيكل الثاني في القدس، حيث كانت بغداد مدينة مؤثرة جداً، ومعها انتقل مركز الثقل الديني لليهود من فلسطين إلى العراق.

 

فترة الجاؤونيم مثلت "العصر الذهبي الأول" ليهود العراق، حيث تمتعت الجالية اليهودية بنوع من الاستقرار والازدهار العلمي والثقافي. لكن بدأ نفوذهم بالضعف في القرن الحادي عشر، مع ظهور مراكز دينية جديدة في الأندلس (إسبانيا الإسلامية) والمغرب، بسبب تراجع الخلافة العباسية وضعف الوضع السياسي بالعراق.

 

رغم ذلك، ظلت آثارهم العلمية قائمة، وأعمالهم الدينية أثرت في شكل الصلوات والشرائع اليهودية لقرون طويلة.

 

الجاؤونيم – ومنهم إسحاق جاؤون – كانوا صناع الهوية الدينية لليهود في فترة محورية من التاريخ، وكان العراق مركز هذه الحضارة الروحية، التي خدمت ليس فقط يهود العراق بل يهود العالم كله، وحتى أربعينيات القرن العشرين، كان هناك جالية يهودية ضخمة في العراق، خاصة في بغداد والبصرة.

 

بعد تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، وما تبعه من تصاعد الصراع دفاعاً عن دولة فلسطين من الاجتياح الإسرائيلي، حدثت حملات تهجير شبه جماعية لليهود العراقيين (خصوصاً عملية "علي بابا" 1950–1951).

 

ومع مغادرة الأغلبية الساحقة لليهود العراق، أصبحت المعابد والمزارات الدينية اليهودية بلا رواد، فتحولت تدريجياً إلى الإهمال أو التخريب.

 

وفي الخمسينيات والستينيات، أصبح من الخطير الاعتراف بأي رموز يهودية علنية بسبب الصراع العربي الإسرائيلي، كما أن "معادات الصهيونية، وخلطها باليهودية عموماً، جعل أي مزار يهودي عرضة للتجاهل، بل أحياناً للتدمير المتعمد"، بحسب عديدين. 

 

وفي فترات معينة من الحكم (خاصة بعد ثورة 1958 وسقوط الملكية)، لم تكن هناك قوانين تحمي المزارات اليهودية أو التراث الديني غير الإسلامي، وبعض المزارات إما جرى مصادرتها وتحويلها إلى استخدامات أخرى، أو تعرضت للإهمال بسبب فقدان قيمتها الرسمية.

 

المؤسسات الثقافية والدينية العراقية لم تركز في العقود الماضية على صيانة المزارات الدينية غير الإسلامية، مثل المسيحية أو اليهودية أو الصابئية، إلا نادراً. بالتالي، مزار إسحاق جاؤون، كغيره من المواقع اليهودية، "تُرك للإهمال الطبيعي أو التخريب البشري"، بحسب جيران المزار. 

 

ومع توسع المدن وتغير بنيتها، تم تدمير أو إزالة الكثير من المعالم القديمة، بما فيها مقابر أو مزارات تاريخية، وتوسعت بغداد بشكل كبير في النصف الثاني من القرن العشرين، مما غيّر معالم كثير من الأحياء التاريخية، منها مزار إسحاق جاؤون الذي رأى النور اليوم.

 

إحياء التراث الديني

 

في حديثه عن المرقد، يقول الباحث في الآثار العراقي صباح السعدي، إن هذا المكان كان قد تعرض لإهمال طويل رغم أهميته الروحية والتاريخية. ويُؤكد السعدي: "لا يجب النظر إلى عملية إعادة ترميم هذا المزار على أنها مسألة ذات خلفية سياسية. فالمرقد ليس حديث العهد بل هو جزء من تاريخ طويل لليهود في العراق".

 

ويضيف السعدي: "العراق كان وما يزال حاضناً للأديان والطوائف المختلفة، ومن الطبيعي أن نحترم ونقدر المواقع الدينية لكل الطوائف". ويشدد السعدي على أن الحديث لا يتعلق بالصهاينة، بل عن اليهود الذين كانوا جزءاً من تاريخ العراق.

 

ويأمل السعدي أن يتحول المزار إلى مرفق سياحي يعزز من مكانة المنطقة، مؤكداً: "هذه الخطوة يمكن أن تساهم في تطوير المنطقة من خلال تحسين البنية التحتية، وتعزيز السياحة، والارتقاء بالخدمات العمرانية والأمنية، وهو ما سيعود بالنفع على العراق ويساهم في تحسين صورته السياحية على المستوى الدولي".

 

ويؤكد: "ان هذه المبادرات يجب أن تكون بعيدة عن التطرف والكراهية، وأن العراق بحاجة إلى بناء آفاق مستقبلية مشرقة". ويقول: "نحن في بلد تاريخي وحضاري عريق، وهذه الخطوة تفتح الباب لاحترام العراق على الساحة الدولية، وتزيد من رغبة الناس في زيارة بلدنا".

 

من جانبه، أشار المؤرخ والباحث العراقي محمد الاطرقجي إلى أن هذه الخطوة كانت ضرورية منذ فترة طويلة، قائلاً: "المجتمع العراقي مكوّن من العديد من الأديان والطوائف، وهناك العديد من المثقفين والمنفتحين الذين يعتبرون أن الدين اليهودي هو علاقة بين الإنسان وربه، تماماً كما هو الحال مع الأديان الأخرى، بينما يختلف المتشددون والمتعصبون في هذا الشأن. لذلك، فإن إعادة افتتاح المزار يجب أن لا يثير لدينا أي حساسية، بل على العكس، يعزز من ثقافة التعايش بين الأديان".

 

وتابع الاطرقجي مؤكداً: "إعادة افتتاح المزار قد يكون خطوة نحو عودة اليهود إلى العراق، لانه كان وطنهم الأصلي منذ العصور القديمة، مثلما كان اليهود موجودين في العديد من الدول المجاورة مثل إيران والمغرب ومصر وشمال إفريقيا".

 

رفض لتعمير المزارات

 

ليست جميع الآراء متوافقة مع مبادرة الترميم، إذ اعتبرها البعض انتهاكاً للمبادئ الدينية التي تحفظ الهوية الإسلامية. وفي هذا السياق، جاء تصريح الشيخ حميد الشبلاوي، رجل دين، ليعبر عن موقفه الرافض لهذه المبادرات، قائلاً: "إن حضور شخصيات دينية وسياسية إلى مزار حاخام إسحاق جاؤون في منطقة قنبر علي غير جائز"، مشيراً إلى أن "ذلك يعد ترويجاً للباطل".

 

وأضاف الشبلاوي: "من غير المقبول تشييد معابد ومزارات لغير المسلمين في العراق، فهذا أمر يتعارض مع مبادئ الإسلام، الذي يعتبر الدين الأخير الذي ختم به الله الديانات السماوية".

 

وأشار الشبلاوي إلى أن "الحضور إلى أماكن غير إسلامية لا يتماشى مع عقيدة المسلم، حيث يعتبر أن أي توجه للاعتراف أو الترويج لطقوس دينية لا تعود للإسلام هو مخالف لمعتقداته، موضحاً أن "الإسلام هو الدين الذي أتم الله به رسالته، ولا يجوز الترويج لأديان أخرى قد أبطلها الله في القرآن الكريم".

 

وأكد الشيخ حميد الشبلاوي أن "العراق يجب أن يظل حاضنا للإسلام وحده دون التأثيرات الدينية الخارجية"، داعياً إلى "الالتزام بالثوابت الدينية".

 

تساؤلات سياسية وحساسيات محلية

 

في حديثه الخاص لمنصة "الجبال"، أشار الخبير الأمني العراقي ماجد القيسي إلى أن زيارة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي إلى مزار الحاخام إسحاق جاؤون تحمل أبعاداً أمنية وسياسية مهمة، تتجاوز كونها مجرد حدث ثقافي أو ديني.

 

وأوضح أن "هذه الخطوة تمثل بداية لتحقيق عدة مكاسب، منها تعزيز الأمن المحلي عبر تنشيط بيئة التسامح الديني والتعايش السلمي، والحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للعراق، فضلاً عن تحسين صورة البلاد دولياً وتشجيع الحوار بين الأديان". كما أشار إلى "أهمية دعم العمالة المحلية عبر إشراك العراقيين في عملية التأهيل، وإحياء الذاكرة التاريخية للجالية اليهودية التي كانت جزءاً من النسيج البغدادي القديم".

 

مع ذلك، نبّه القيسي إلى وجود حساسيات سياسية واجتماعية قد تتسبب بردود فعل متباينة، خاصة في ظل الظروف الإقليمية المتوترة، موضحاً أن "منشورات تحريضية بدأت بالظهور بالفعل عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإكس".

 

وأشار إلى أن "بعض الفصائل المسلحة أو الجماعات المتطرفة قد تستغل الحدث لإثارة التوترات الطائفية"، مذكراً بأن العراق لا يزال هشاً أمنياً، ولم يتجاوز بعد كلياً مرحلة الانقسام الطائفي.

 

وأكد القيسي أن "كل مشروع إصلاحي في البداية يواجه تحديات، لكن مع إدارة حكيمة وزمن كاف، يمكن تحويل التحديات إلى فرص لتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وهو ما ينعكس لاحقاً على استقرار الوضع الأمني".

 

وعن الجانب الأمني، أوصى القيسي بضرورة فرض إجراءات أمنية مشددة لحماية المزار ومحيطه، مشيراً إلى إمكانية وجود تهديدات من خلايا إرهابية أو متطرفة قرب المنطقة، داعياً إلى تعزيز قدرات القوات الأمنية المحلية.

 

ولفت أيضاً إلى أن "مصادر تمويل المشروع قد تشكل تحدياً آخر، خاصة إذا كانت مرتبطة بمنظمات دولية أو جهات يهودية غربية، ما قد يثير الشبهات ويزيد من حدة الجدل السياسي والطائفي".

 

واختتم القيسي تصريحه قائلاً: "توقيت هذه المبادرة أثار تساؤلات وانتقادات محلية بسبب الحساسيات السياسية والدينية. لا توجد أدلة قاطعة تربط المشروع بشكل مباشر بالأحداث الإقليمية الجارية، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أو التوترات مع إيران"، مستدركاً بالقول: "ولكن السياق الإقليمي الحساس يجعل مثل هذه المشاريع عرضة للتفسيرات السياسية. الانتقادات المحلية تشير إلى أن الأولويات الثقافية والدينية الأخرى قد تكون أكثر إلحاحاً في نظر البعض. كما أن احتمال أن تكون إجراءات التمويل من منظمات أو أطراف دولية تشارك في إعادة تأهيل الحاخامية قد اكتملت في هذا التوقيت يعزز من هذه التساؤلات".

مينا القيسي

نُشرت في الثلاثاء 29 أبريل 2025 04:17 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.