تتصاعد طموح العراقيين بوصول منتخب بلادهم إلى نهائيات كأس العالم للمرة الثانية في تاريخ "أسود الرافدين"، خصوصاً بعد تسمية المدرب الإسباني خيسوس كاساس على رأس الإدارة الفنية للمنتخب العراقي الذي شكّل نقلة نوعية في الأداء والتعامل مع اللاعب المحلي والمغترب بعد أن أسهم في إدخال التجربة الإسبانية إلى الكرة العراقية التي عانت من الإهمال والفوضى والتشتت.
الاستقرار التدريبي
يقول داوود العزاوي، الخبير الكروي ومكتشف النجوم للكرة العراقية على مدى عقود طويلة، إن "موضوعة تجديد التعاقد مع الإسباني خيسوس كاساس، المدير الفني للمنتخب العراقي الأول لكرة القدم وطاقمه المساعد، هي من اختصاص الاتحاد العراقي لكرة القدم، لأنه المعني الأول والأخير بالموضوع".
ورأى أنّ "الاستقرار التدريبي أمر هام في الرياضة بشكل عام، ولعبة كرة القدم بشكل خاص، لأن الاستقرار يصنع النجاح، لذلك أنا شخصياً مع الاستقرار، وإذا كان لا بدّ من التغيير، فإنه يفترض أن يتم قبل مدة مناسبة من دخول المنافسات الرسمية لا تقل عن 6 أشهر على أقل تقدير، حتى يطلع المدرب الجديد على اللاعبين الذين يشكلون أدوات عمله، بينما التغيير المستعجل قبل انطلاق البطولات أو حتى أثنائها، فهذا سيؤدي إلى الفشل، وحتى أن حصد النجاح في مهمة أو مهمتين وحتى أكثر، فإنه لا يدل على قاعدة عامة، بل يمثل حالة استثنائية قد يلعب التوفيق فيها دوراً كبيراً".
وأشار إلى أنّ "المدرب كاساس، بات مطلعاً بصورة جيدة جداً على مستويات اللاعبين سوى من المحليين أو من الذين يحترفون في الدوريات الأوروبية، فضلاً عن ذلك استطاع تشكيل علاقة جيدة بينه وبين الجمهور العراقي، وهذه العلاقة الجيدة بين الطرفين تمثل تعزيزاً مهماً لنجاح مهمة المنتخب العراقي الوطني في تصفيات كأس العالم المقبلة، لذلك أرى بقاء كاساس في مهمته من الأمور الضرورية في الوقت الراهن".
وأنهى العزاوي حديثه بالتأكيد على أن "مهمة المنتخب العراقي في الوصول إلى نهائيات مونديال 2026 تبدو سانحة، لكنها ليست سهلة أو مضمونة، لأن هناك الكثير من المنتخبات الآسيوية باتت تتفوق على المنتخب العراقي بمستوياتها ونتائجها، وكذلك بنوعية اللاعبين المحترفين في صفوفها، لكن إذا لعب المنتخب العراقي بطريقة احترافية تتناسب تماماً مع طريقة اللعب في المجموعة ذهاباً وإياباً والتي تتمثل بتحقيق الفوز على ملاعبنا وبين جمهورنا، وعدم الخسارة في ملاعب المنافسين، بل والبحث عن الفوز على بعض المنتخبات في ملاعبها، لأن ليس كل المنتخبات التي تقع في مجموعة العراق لا يمكن التفوق عليها في ملاعبها، فإن المنتخب العراقي سيكون أحد ممثلي الكرتين العربية والآسيوية في المونديال المقبل".
تسويق المدربين
في غضون ذلك أكد المحلل الكروي ضياء سليم، أنّ "تجديد عقد كاساس من عدمه مع الاتحاد العراقي لكرة القدم، قد أخذت حيزاً كبيراً من اهتمام الجمهور العراقي في الآونة الأخيرة، لأن كاساس سبق له وأن أعلن بأنه تلقى عروضاً عديدة من الفرق في المنطقة وأيضاً في القارة الأوروبية، وكذلك أكد أنه تلقى عقداً في وقت سابق لتدريب منتخب كوريا الجنوبية، وهذا الإعلان إذا كان صحيحاً أو غير ذلك، فأنه يدخل في عملية تسويق المدربين لأنفسهم في سوق الاحتراف".
ولفت إلى أن "الاتحاد العراقي لكرة القدم قد شكل لجنة لتجديد التعاقد مع كاساس، وهذا اللجنة قد تجلس معه أو مع مدير أعماله وتتفاوض من أجل الوصول إلى مشتركات بين الطرفين، وأنا شخصياً اعتقد أن كاساس سيطالب برفع قيمة عقده، ولكنه لن يترك مهمته في تدريب المنتخب العراقي، لأنه وجد دعماً كبيراً من قبل اتحاد الكرة العراقية والجمهور والإعلام، أضف إلى ذلك فأنه بات مطلعاً بشكل كبير جداً على قدرات اللاعبين العراقيين، وهو يأمل أن يحقق لاسمه مكسباً كبيراً بقيادة منتخب العراق إلى نهائيات كأس العالم في عام 2026".
وتابع: "أكاد أجزم، بأن كاساس بات يمثل أملاً كبيراً للجماهير العراقية في بلوغ مونديال 2026، وهذا الأمل يحتاج إلى استقرار ومتابعة ودعم ورعاية من قبل الجميع، واعتقد أن المنتخب العراقي أصبح مؤهلاً بوجود كاساس لتحقيق حلم الجماهير العراقية بالتواجد مرة أخرى في نهائيات كأس العالم".
وأنهى سليم حديثه بالقول: "أتمنى على الجميع أن يتركوا قضية عقد كاساس إلى الجهات المعنية في الاتحاد العراقية لكرة، لأنها هي المعنية في هذا الأمر، وأنا من أشد المؤيدين لبقائه على رأس الطاقم التدريبي لـ(أسود الرافدين) في التصفيات المونديالية، وبعدها سيكون لكل حادث حديث، لأننا لم نستطع تحقيق التواجد في بطولات كأس العالم الماضية بسبب غياب الاستقرار التدريبي، وهذا الخطأ الفادح الذي كنا نقع فيه أتمنى ألا يتكرر مع كاساس هذه المرة".
الحرب النفسية
إلى ذلك أكد الصحفي والكاتب الرياضي زيدان الربيعي، أن "كل ما يقال عن ترك كاساس لمهمة تدريب المنتخب العراقي، يدخل في باب الحرب النفسية التي تشن على المنتخب العراقي الوطني من قبل جهات خارجية، وأيضاً محلية، لكن الشيء الثابت، فإن كاساس سيجدد عقده مع الاتحاد العراقي في القريب العاجل، وقد يرفع قيمة عقده، واعتقد أن الاتحاد العراقي لكرة القدم بات الآن متمسكاً في موضوعة بقاء كاساس بمهمته أكثر من أي وقت مضى".
وأضاف، أن "الاستقرار التدريبي من العوامل المهمة جداً للنجاح، وهذه النقطة تحديداً، قد درسها الاتحاد العراقي بشكل جيد، وباتت تمثل له منهجاً في عمله، وهي نقطة مهمة جداً، لأن المدرب لابدّ أن يمنح الفرصة المناسبة حتى يثمر عمله، وقد حصل كاساس على فرصة جيدة، إذ نجح في بعض المهام، ورافقه الإخفاق في مهام أخرى، وهذا هو حال لعبة كرة القدم، إذ لا يتحقق الفوز في كل المباريات، كذلك لا يتواجد الفشل في جميع المباريات".
الآمال تتزايد
وفي المقابل، أقر المحلل والصحفي الرياضي، عدنان لفتة، بأن وجود المدرب خيسوس كاساس على رأس الإدارة الفنية لمنتخبنا الوطني عامل قوة وتحفيز للاعبينا كونه اطلع على أغلب المستويات وتعامل معهم بشكل ناجح طوال الفترة الماضية.
وأكد في حديثه لـ "الجبال"، أنّ الآمال المعقودة عليه تتزايد لبلوغ حلم الوصول الى كأس العالم للمرة الثانية في تاريخ الكرة العراقية وأرقام عمله ومبارياته في بطولة كأس آسيا، وتصفيات كأس العالم تؤكد أننا على الطريق الصحيح.
ويعتقد لفتة، أنّ "ثقة الجميع بكاساس كانت عاملاً راسخاً في تجديد التعاقد معه لإدراكنا أنه الرجل المناسب لقيادة الطموحات العراقية بفضل اعتماده على مجموعة من المواهب القادرة على تقديم جهودها لإنجاز هدف الصعود إلى المونديال".
وزاد أنّ "المنتخب الوطني عانى من مشاكل فنية واضحة في مشاركاته السابقة بتصفيات كأس العالم وجاءت أغلب المشاركات مخيبة للآمال وهذا ما يسعى الجميع هذه المرة لكتابة تاريخ جديد يكون حافلاً بالنجاحات والتفوق على منتخبات مجموعتنا التي نراها إيجابية جداً لتحقيق حلم التأهل".