عاصفة العقوبات الأميركية قادمة إلى العراق.. تضارب بالمواقف والحكومة تلتزم الصمت

10 قراءة دقيقة
عاصفة العقوبات الأميركية قادمة إلى العراق.. تضارب بالمواقف والحكومة تلتزم الصمت العراق مهدد بعقوبات أميركية (الجبال)

التحذيرات "دعاية انتخابية" أم رسائل من واشنطن؟

العراق ليس بعيداً عما يجري في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما بعد تولي دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، إذ تتصاعد المخاوف من احتمالية فرض عقوبات اقتصادية قد تكون قاسية بحق شركة تسويق النفط العراقية (سومو).

 

تصاعد المخاوف جاء على لسان شخصيات مخضرمة في العملية السياسية، ورُبطت تلك المخاوف بالتعاون العراقي – الإيراني، وهو ما أثار حفيظة أميركا التي سبق وأن فرضت عقوبات بحق إيران.

 

بالمقابل، صُنفت تلك التحذيرات ضمن خانة "الدعاية الانتخابية"، ولم يصدر من الحكومة موقف رسمي لغاية الآن لتجنب "الدخول ضمن السجالات السياسية".

 

تحذيرات من "شلل اقتصادي"

وفي الأسبوع الماضي، حذّر وزير الخارجية العراقي الأسبق، هوشيار زيباري، من أزمة اقتصادية قد تضرب البلاد بعد شهر رمضان، مشيراً إلى "مخاطر فرض عقوبات أميركية على البنك المركزي العراقي وشركة (سومو) المسؤولة عن تسويق النفط".

 

وقال زيباري في لقاء متلفز تابعته منصّة "الجبال"، إن "تلك العقوبات تُناقش بجدية داخل الإدارة الأميركية، ما قد يؤدي إلى شل قدرة الحكومة العراقية على تمويل المشاريع ودفع رواتب الموظفين".

 

وفي الأسبوع ذاته، لمّح أمين عام حزب الوفاء، عدنان الزرفي، إلى "وجود إشكالات أميركية كبيرة على شركة (سومو)".

 

وتحدث الزرفي في لقاء متلفز تابعته منصة "الجبال"، عن "إشكاليات كبيرة على سومو في تصدير وتهريب النفط"، مبيناً أن "أميركا نصحت العراق برفع التدخل عن (سومو) والبنك المركزي ومكافحة الإرهاب".

 

وأضاف، أن "الدولار سيتوقف إذا اخترقت بعض الأطراف الشروط"، مبيناً أن "ما بعد شهر نيسان ستتضح سياسة ترامب تجاه العراق".

 

ولفت الزرفي إلى أن "ترامب رفع يده عن العراق وأصدر أمراً بتنفيذ ضربات في أي مكان دون الرجوع إليه"، مبينا أن "استغلال إيران للنظام المالي للعراق والفصائل المرتبطة بالحرس الثوري على أجندة ترامب".

 

وفي السياق ذاته، حذّر مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، من خطورة الاعتماد الكامل على إيرادات النفط، معتبراً أن هذا الوضع يجعل الاقتصاد العراقي هشاً أمام أي أزمات مالية محتملة.

 

وأكد الأعرجي في حديث متلفز تابعته منصة "الجبال"، أن "إيرادات النفط تُودع في البنك الفيدرالي الأميركي، مما يضع العراق تحت رحمة العقوبات أو أي قيود قد تُفرض".

 

ولفت إلى، أن "أي انخفاض في أسعار النفط قد يؤدي إلى أزمة مالية خانقة، ما يتطلب خطة شاملة لتنويع مصادر الدخل".

 

ورغم التحذيرات التي لم تظهر بموقف رسمي، لا تبدو الحكومة العراقية قد اتخذت خطوات جادة لمواجهة التحديات الاقتصادية المرتقبة، ما يضع البلاد أمام مفترق طرق خطير، وسط تنامي المخاوف من تفاقم الأزمة المالية والإلقاء بظلالها على مختلف جوانب البلاد.

 

ما علاقة الأحزاب والحكومات المتعاقبة؟

بدوره، أبدى عضو لجنة النفط والثروات الطبيعية النيابية باسم الغريباوي، تشاؤمه من السيناريوهات المقبلة.

 

وقال الغريباوي في حديث لـ"الجبال"، إن "استهداف شركة سومو يُعد استهدافا للاقتصاد العراقي، باعتبار أن (سومو) هي المصدرة للنفط الخام العراقي، والنفط يعتبر المصدر المالي الوحيد للعراق".

 

وأضاف، أن "الضغط على الحكومة العراقية بملف سومو وغيرها من الملفات الاقتصادية، يتطلب من العراق وقفة حازمة تجاه تلك المواقف".

 

وأشار الغريباوي إلى أن "أميركا تتبع سياسية ضغط لعزل العراق عن إيران تماما"، محذراً من "اندلاع أزمة اقتصادية كبيرة تؤثر على الموازنة ورواتب الموظفين والمشاريع الاستثمارية، جراء العقوبات التي قد تفرض على شركة سومو".

 

عضو لجنة النفط النيابية غير متفائل بالقادم، إذ أكد أن "أموال العراق تحت إشراف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والبند السابع، والوصايا الأميركية والدولية".

 

ورأى الغريباوي، أن "قطّاعي الزراعة والصناعة لم يأخذا حقيهما في الموازنة لكي يستطيع العراق الاعتماد على القطاعين المهمين بدلاً من الاعتماد الكلي على النفط".

 

وبيّن أن "سوء التخطيط والإدارة، وفشل الحكومات المتعاقبة والسياسة الداخلية والأحزاب التي حكمت العراق بعد العام 2003، انعكس على الواقع الاقتصادي العراقي"، محذراً "من انفجار أزمة كبيرة، إثر تراكم المشكلات من دون وجود حلول"، موضحاً أن "السوق العالمي بحاجة الى النفط العراقي، وتهديد المصالح العراقية النفطية قد ينعكس على الدول الأخرى".

 

دعاية انتخابية مبكرة

من جانبه، اعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبدالرحمن المشهداني، تحذيرات الشخصيات السياسية من انهيار الاقتصاد العراقي "دعاية انتخابية".

 

وقال المشهداني في حديث لـ"الجبال"، إن "كلام النائب عدنان الزرفي، والوزير الأسبق هوشيار زيباري بشأن فرض عقوبات على شركة (سومو) يفتقر إلى الدقة ويجب أن لا يطرح في الإعلام".

 

وأضاف أن "مثل هكذا معلومات يجب أن تطرح في اجتماعات الإطار او تناقش مع رئيس الوزراء"، معتبراً تلك التصريحات "دعاية انتخابية. الجميع يريد أن يصبح رئيس وزراء في العراق".

 

وذكر المشهداني وهو خبير في الاقتصاد، أنه "لا يوجد مبررات لفرض عقوبات بحق شركة (سومو) والعراق"، موضحاً أن "العراق يقع ضمن دائرة الصراع الأميركي، ومشكلة الولايات المتحدة الأميركية لا تحل في العراق".

 

وأشار أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية إلى، أن "فرض عقوبات على شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، يعني أن ثلاثة ملايين ونصف برميل نفط سيُحرم من السوق، وسعر برميل النفط يصل إلى 100 دولار".

 

ورأى المشهداني، أن "المواقف المتضاربة بشأن فرض عقوبات بحق شركة (سومو)، أثرت على أسعار النفط خلال الأيام الاخيرة"، مستبعداً "تجديد أوبك للالتزام الطوعي بعودة الكميات المخفضة من إنتاج النفط الخام".

 

ولفت الخبير الاقتصادي إلى، أنه "بمجرد الإعلان الرسمي عن فرض عقوبات بحق شركة (سومو) فإن سعر برميل النفط سيرتفع إلى 80 دولاراً".

 

وختم المشهداني بالقول، إن "فرض عقوبات اقتصادية قاسية بحق العراق يعني تسقيط الدولة، إذ ان العراق يعتمد بشكل كلي على النفط"، مشبّهاً ما قد يحدث بـ"ما حصل في غزة".

 

عقوبات تنتظر الوزارات العراقية

من جهته، رأى المستشار والخبير بالشؤون النفطية كوفند شيرواني، أن العراق معرّض لعقوبات قد تطال جميع الوزارات، وليس وزارة النفط فقط.

 

وقال شيرواني في حديث لـ"الجبال": "قبل حوالي شهرين اتهمت وكالة "رويترز"، جهات عراقية بالمساعدة في تهريب شحنات النفط الإيراني عن طريق تغيير اوراق الشحن  وشهادات المنشأ وجعلها تابعة لها".

 

وأضاف، أن "الجهة المسؤولة عن منح شهادات المنشأ التي تصدر من العراق، هي شركة (سومو) المرتبطة بوزارة النفط العراقية"، مشيراً إلى أن "عمليات التهريب ومنح الشهادات استمرت قرابة سنتين وحققت عوائد بملايين الدولار إلى الجانب الإيراني".

 

وعن طريقة تهريب النفط الايراني عبر العراق، كشف الخبير بالشؤون النفطية، أن "هناك جهات تقوم بمزج الخام العراقي مع الخام الإيراني وتصديره على أنه خام عراقي"، معتبراً ذلك "نوعاً من التحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران".

 

ولفت شيرواني إلى، أن "العراق معرّض إلى عقوبات قد تطال جميع الوزرات، وليس وزارة النفط فقط"، مشيراً إلى أن "أي عقوبات تطال المصالح الاقتصادية العراقية ستكون صعبة ومحرجة للحكومة العراقية".

 

وطالب الحكومة بـ"إصدار توضيحا لتبرئة موقفها، وأن تكون التصريحات رسمية بعيداً عن شخصيات سياسية تحاول تصدر المشهد".

 

وبحسب المستشار والخبير بالشؤون النفطية، فإن "الأسلوب الأمثل لتفادي الوقوع في طائلة العقوبات الاميركية، هو تقديم وزارة الخارجية العراقية وشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، بياناً رسمياً يفنّد ما جاء على لسان شخصيات سياسية"، مشدداً على "َضرورة متابعة الحكومة لتلك التصريحات والمواقف التي تضع العراق في حرج".

 

الحكومة "محرجة"

 وحاولت منصة "الجبال" التواصل مع المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح للخروج بموقف حكومي إلا أنه اعتبر الموضوع "سياسي ويدخل في خانة السجالات السياسية"، مشيراً إلى أنه "لم يسمع بموقف رسمي أميركي".

 

إلى ذلك، قال مسؤول سابق في وزارة النفط رفض الكشف عن اسمه، إن "هناك تلميحات بفرض عقوبات على شركة تسويق النفط العراقي، لكن لا نعرف لغاية الآن كيف ستكون طبيعة تلك العقوبات ونوعها".

 

وأضاف المسؤول الحكومي السابق لـ"الجبال"،  أن "الملف شائك وتدخل فيه جنبة سياسية، تحاول التغطية على تهريب النفط الى إيران ومحاولة ارضاء امريكا في نفس الوقت".

 

وأشار إلى، أن "هناك تجار دوليين يذهبون بالنفط عبر افغانستان، وأمريكا ممتعضة من ذلك لانها تريد ان تكون هي المسيطرة".

 

الاتهامات الأميركية ليست بالجديدة

وفي أيلول 2024، وجّه أعضاء في الكونغرس الأميركي رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، يتهمون فيها أطرافاً عراقية عدة، بينها أطراف في وزارتي النفط والنقل وشركة "سومو"، بما في ذلك فصائل عراقية، باستغلال النفط العراقي وتهريبه لصالح الخزينة الإيرانية والحرس الثوري.

 

وفي رسالة تحمل تاريخ 4 أيلول 2024، خاطب أعضاء الكونغرس الخمسة، وهم: جو ويلسون، و فرينش هيل، ومايكل لولير، ومايكل وولتز، وكيفين هيم، الرئيس الأميركي قائلين: إن "وزير النفط العراقي حيان عبدالغني ومسؤولين آخرين متورطون في التهرب من العقوبات بشكل واسع بالنيابة عن النظام في إيران".

 

بالمقابل، وصفت وزارة النفط العراقية، رسالة أعضاء الكونغرس الأمريكي، حول مساعدة العراق لإيران للتهرب من العقوبات بأنها "غير صحيحة ومجرد مزاعم"، معبرة عن رفضها لتلك الادعاءات.

 

وأكدت أن "العراق يتعامل مع إيران في قطاع الطاقة واستيراد الغاز والكهرباء بالتنسيق والتفاهم مع الأصدقاء في الولايات المتحدة وتحت الشمس بعقود شفافة ومعلنة سواء بالاستيراد وكذلك بتسديد مستحقات الجانب الإيراني".

 

وفنّدت الوزارة أيضاً "الادعاءات بعمليات الخلط والتهريب عبر المنافذ العراقية النفطية والتي تخضع جميع التحركات والفعاليات النفطية فيها لأشراف فاحصين دوليين متعاقدين مع وزارة النفط".

 

ولفتت إلى أن "المياه الإقليمية العراقية ممسوكة بقوة ورقابة صارمة من قبل القوات البحرية العراقية. ولايتحمل العراق مسؤولية ما يمكن أن يحدث خارج مياهه الإقليمية، إذ أن عقود النفط العراقي تنظم على أساس (FOB) وتنتهي مسؤولية شركة تسويق النفط (سومو) بمجرد تحميل النفط على ظهر الناقلة.

 

ونفى بيان الوزارة، "وجود أي معاملات سرية أو غير قانونية تمكن الاخرين من الالتفاف من خلال العراق، و المعروف والمعلن من ان جميع الإيرادات النفطية تتم عن طريق الفيدرالي الأميركي".

 

الجبال

نُشرت في الاثنين 10 مارس 2025 10:55 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.