متزوجات ومطلقات بالوقت نفسه.. حيل غريبة من نساء للحصول على رواتب الرعاية الاجتماعية

6 قراءة دقيقة
متزوجات ومطلقات بالوقت نفسه.. حيل غريبة من نساء للحصول على رواتب الرعاية الاجتماعية

670 امرأة في المحافظة مستفيدة من الإعانات الشهرية يخفين زواجهن

في أحد الأزقة المتفرعة من أطراف مدينة الناصرية قرب منطقة العكر تقع دار متواضعة تعيش  فيها "أم حيدر"، المرأة الأربعينية التي تحمل هموم الدنيا على كاهلها. فقدت زوجها منذ أكثر من عامين بعد صراع مرير مع المرض، تاركاً إياها وحيدة مع أطفالها الصغار الأربعة.

 

حياة "أم حيدر" تحولت إلى صراع يومي من أجل البقاء، الدار المتصدعة لا توفر الحماية الكافية من حر الصيف ولا برد الشتاء، والأطفال بحاجة إلى كل شيء، من الطعام والشراب إلى الملابس والدواء، وهي تعتمد على مردودات "بسطية صغيرة" بمنطقتها السكنية تبيع فيها بعض الأطعمة من "الكبة والفطائر والمعجنات الأخرى".

 

لا يصل مدخول "أم حيدر" اليومي إلى خمسة آلاف دينار، فحال منطقتها السكنية ليست أفضل من حالها، وهي بالمقابل لا تستطيع نقل عملها "البسطية" إلى السوق الرئيسي بسبب أجور النقل، والطعام الذي تقدمه قد لا يناسب أذواق الزبائن في وسط المدنية التي تحتاج إلى مواد أكثر كلفة.

 

وفي محاولة تظن أنها ستجلب مدخولاً شهرياً إضافياً لها, وتحسن من وضعها المعيشي تقدمت "أم حيدر" بطلب للحصول على راتب الإعانة الاجتماعية منذ عامين، وكانت ترجو أن يساعدها هذا الراتب المتواضع على توفير حياة كريمة لأطفالها، إلا أنّ الانتظار طال وتأخر موعد الكشف الميداني من قبل الباحث الاجتماعي، لأن الأوامر الإدارية من المركز لم تصدر بحسب المسؤول عن الدائرة.

 

في انتظار الأمل

 

كل يوم، تنتظر "أم حيدر" بفارغ الصبر قدوم الباحث الاجتماعي، آملة أن يحل مشكلتها ويمنحها الأمل في مستقبل أفضل. لكن الأيام تمر والشمس تغيب، والانتظار يزداد مرارة.

 

م حيدر" واحدة من بين 5 آلاف امراة في محافظة ذي قار تنتظر هذا الأمر عسى ولعل الإعانة الشهرية التي تصل في أفضل حالاتها إلى 325 ألف دينار شهرياً، ما يقارب 10 آلاف دينار يومياً أو أكثر بقليل،  والذي لا يسد جوعاً ورمقاً.

 

وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية التي أثقلت كاهل الكثير من النساء انتشر ما يعرف بـ "الطلاق الوهمي"، إذ أنّ أغلب النساء المشمولات بشبكة الحماية الاجتماعية من الأرامل والمطلقات، أما المتزوجات، فبدأن مؤخراً بعدم إعلام دائرة الرعاية حتى لا تفقد الراتب، لكن يكشف السر بعد ذلك  حين يتم مقاطعة بيانات المستفيدات من الإعانات.

 

 

استرجاع الرواتب

 

مدير دائرة رعاية المراة في ذي قار نوفل عبد الحميد تحدث لـ"جبال" عن أن هذه الحالات تم رصدها بعد مقارنة دقيقة للبيانات التي قامت بها الهيئة العليا للرعاية الاجتماعية مع بيانات وزارة العدل واتضح أن 670 امراة مطلقة وأرملة مستفيدة من الإعانات الشهرية قد تزوجن، ولكن لم يقمن بتثبيت الزواج لدى دائرة الأحوال المدنية من أجل التسجيل وتغير الصفة في السجلات المدنية.

 

ويرى أن الهدف من هذا التلاعب هو الاستمرار في الحصول على الرواتب الشهرية التي تتراوح بين 125 ألف دينار و325 ألف دينار حسب عدد الأبناء.

وأوضح عبد الحميد أن الإجراءات القانونية المتخذة بحق هذه النساء تشمل استرجاع المبالغ التي تم صرفها لهن منذ تاريخ زواجهن.

وترعى "رعاية المرأة" أكثر من 42 ألف مستفيدة، تتسلم رواتب الإعانات الاجتماعية شهرياً، فيما تنتظر أكثر من 10 آلاف من النساء الأخريات التخصيصات المالية وفتح الشمول الجديد. 

 

ويشكل عدد النساء المستفيدات من الإعانات الاجتماعية بنسة 4% من العدد الإجمالي لعموم النساء في المحافظة الذي يتجاوز عددهن  مليون و 185 ألف امراة.

 

الناشطة النسوية علياء الشويلي أبدت رأيها حول قضية التلاعب من قبل بعض النساء برواتب الأرامل والمطلقات، واعتبرت تلك الأفعال بأنها "غير قانونية وغير مقبولة اجتماعياً"، لكنها أشارت إلى أن من يدفعن تلك النسوة الى تلك الأفعال "هي الظروف الاقتصادية القاسية التي قد تجعل من الصعب على النساء توفير احتياجاتهن الخاصة ولأسرهن، مما يدفعهن إلى البحث عن أي مصدر دخل، حتى لو كان ذلك على حساب خرق القانون". 

 

ودعت الشويلي الجهات الحكومية إلى التعامل مع هذه القضايا بحكمة، وقالت إنّ "استرجاع المبالغ المالية بأثر رجعي قد يزيد من معاناة هؤلاء النساء، وقد لا يكون الحل الأمثل".

 

حرمان نساء أخريات 

 

مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في محافظة ذي قار داخل عبد الحسين، قال إنّ "الطلاق الوهمي" ظاهرة جديدة وغريبة بدأت تنتشر في المحافظة بهدف الحصول على راتب شهري من دائرة الرعاية، مبيناً أنها "ظاهرة خطيرة ناجمة عن التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الكبير في المحافظة، مما يدفع بعض النساء إلى اللجوء إلى مثل هذه الحيل للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعانين منها". 

وأشار إلى أن هذه الأفعال تعتبر "مخالفة للقانون وتشكل استغلالاً للأنظمة الاجتماعية، كما أنها تحرم نساء أخريات من الحصول على الدعم المادي الذي يحتجن إليه، خاصة وأن هناك المئات من المتقدمات بانتظار الحصول على راتب في حال سمح لهن العدد".

 

ويبلغ عدد سكان ذي قار مليونين و 380 ألف نسمة، وتصل نسبة الفقر في ذي قار 32%، فيما تجاوزت البطالة الـ30%. 

 

متزوجة لكن مطلقة!

 

من جانب آخر يكشف رئيس منظمة التواصل والإخاء الإنسانية، علي الناشي لـ"جبال" عن ظاهرة ثانية مقلقة في المجتمع العراقي، وهي ظاهرة حالات لنساء متزوجات بالفعل، ولكن وفق عقد شرعي، اذ يلجأن إلى الطلاق أمام المحكمة بهدف الحصول على راتب الاعانة الاجتماعية فضلا عن ظاهرة الطلاق الوهمي للنساء المطلقات او الارامل وقد تزوجن امام قاضي المحكمة دون ابلاغ الجهات المختصة ذات العلاقة بهذا الشأن من اجل ذات الهدف هو الراتب الشهري.

 

وحذر الناشي من خطورة هذه الظاهرة وأثرها السلبي على المجتمع، مقترحاً توفير دورات تدريبية مهنية للنساء، تمكنهن من الاعتماد على أنفسهن، بدلاً من اللجوء إلى مثل هذه الحلول التي تمثل مخالفة للقانون ضرورة إعادة النظر في شروط الحصول على الإعانة الاجتماعية، بحيث يتم توجيهها إلى مستحقيها الحقيقيين، وتوفير برامج دعم مالي واجتماعي للنساء والأسر المحتاجة.

 

 

الجبال

نُشرت في الاثنين 12 أغسطس 2024 07:14 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.