أثارت تصريحات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، حول خفض أسعار النفط، مخاوف الدول التي يعتمد اقتصادها على الريع النفطي، ومنها العراق، وسط توقعات وتحذيرات من انتكاسة في السوق النفطية على وقع تلك التصريحات وخطط الإدارة الأميركية الجديدة في هذا الإطار.
وقال ترامب خلال مؤتمر تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في الـ20 من الشهر الجاري: إنه "سيعلن حالة طوارئ طاقة وطنية وسوف يقوم بالتنقيب الموسّع عن النفط"، مبيناً أنه "سوف يتم تخفيض أسعار النفط وتصدير الطاقة الأميركية إلى جموع ربوع العالم".
وجدد ترامب الحديث عن خفض أسعار النفط في مؤتمر "دافوس"، قائلاً: "سنعمل على تخفيض أسعار النفط، وسنطالب أوبك بخفض الأسعار الذي من خلاله ستنتهي الأزمة الأوكرانية".
وبحسب الخبير الاقصادي نبيل المرسومي، فإن "استراتيجية ترامب لخفض أسعار النفط، تتمحور حول زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام بحوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً، مما يعزز من موقع الولايات المتحدة كأكبر دولة منتجة للنفط في العالم، فضلاً عن استخدام المخزونات الأميركية النفطية من أجل زيادة المعروض النفطي ومن ثم انخفاض أسعار النفط".
وأشار المرسومي في إيضاح تابعته "الجبال"، إلى أن "ترامب سيطالب السعودية وأوبك بتخفيض أسعار النفط من خلال إلغاء التخفيضات الطوعية والإلزامية التي تصل إلى 4.650 مليون برميل يومياً، مما يؤدي إلى زيادة المعروض النفطي وانخفاض أسعاره".
وفي هذا الإطار، بيّن المرسومي، أن "السعودية وهي القائد السعري والإنتاجي في أوبك، تعي طبيعة الوعود والتهديدات التي يطلقها ترامب قبل وبعد تسنمه الرئاسة الأميركية؛ لذلك قررت السعودية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، ولكن ترامب طلب رفعها إلى ترليون دولار، وبعد مطالبة ترامب للسعودية وأوبك بتخفيض أسعار النفط لتوفير الطاقة الرخيصة والإسراع بإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، فإن تخلي أوبك بلس عن تخفيضاتها البالغة 4.650 مليون برميل سينفذ خلال بضعة أسابيع وستنخفض أسعار النفط كما خطط لها ترامب وستنخفض العائدات النفطية للدول المصدرة للنفط".
كيف سيتضرر العراق؟
وعن الأضرار الاقتصادية التي قد يواجهها العراق، الذي يعتمد بنسبة عالية في تمويل ميزانيته السنوية على عائدات النفط، بيّن الخبير الاقتصادي، أن "العراق سيتحمل الضرر الأكبر، وعلى الرغم من أن إنتاجه سيزداد بنحو 220 ألف برميل يومياً، إلا انخفاض أسعار النفط إلى 60 دولاراً سيضع المالية العراقية في حرج شديد؛ لأنه يعني مالياً انخفاض العائدات النفطية العراقية بنحو 15 مليار دولار سيجري توفيرها من خلال الاقتراض الداخلي".
وأشار إلى أنه "لو انخفض سعر برميل النفط إلى 50 دولاراً، فإن تخفيض سعر صرف الدينار سيصبح أحد الخيارات المهمة لرفع الإيرادات العامة مقومة بالدينار لتقليص فجوة العجز في الموازنة العامة".
موازنات العراق في "خطر".. وتحرك الحكومة "حاجة ملحة"
سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، تحدّث عن "ضغوطات اقتصادية تواجه العراق"، في ظل السياسية الأميركية الجديدة.
وقال فهمي في تدوينة على منصة "إكس" تابعتها "الجبال"، إن "العراق معرض لضغوط اقتصادية متزايدة في ظل إدارة ترامب وسياساتها، منها انخفاض أسعار النفط وتداعيات العقوبات على إيران والتحكّم بعرض الدولار والضغوط المحتملة من أجل معاملة تفضيلية للشركات الأميركية وتقليص التعامل مع الصين".
ودعا فهمي، الحكومة العراقية للكشف في ظل المتغيرات الاقتصادية، قائلاً إن "الحاجة ملحة لأن تكشف الحكومة عن خططها لمواجهة هذه المخاطر".
وأعربت لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، عن تخوفها إزاء تحركات الإدارة الأميركية باتجاه خفض اسعار النفط.
وقال عضو اللجنة عدنان الجابري، في تصريح لمنصّة "الجبال"، إن "هناك تخوّفاً حقيقياً لدى العراق من خفض أسعار النفط خلال المرحلة المقبلة، فهذا الأمر سيؤثر على موازنة العراق، التي تعتمد بشكل كلي على أسعار النفط، وأي انخفاض في تلك الأسعار سوف يزيد من عجز الموازنة".
ولفت الجابري، إلى أن "تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو خفض أسعار النفط، سيضر العراق اقتصادياً ومالياً، فهذا الأمر سيقلل من أموال بيع النفط، بالتالي قد يدفع العراق نحو صعوبة توفير أموال كافية للموازنة التشغيلية أو الاستثمارية، ولهذا يجب إيجاد حلول سريعة من خلال إيجاد موارد مالية لتمويل ودعم الموازنة بعيداً عن النفط".