هل ما زال العراق بحاجة إلى دور الأمم المتحدة؟

6 قراءة دقيقة
هل ما زال العراق بحاجة إلى دور الأمم المتحدة؟ شعار الأمم المتحدة

اتخذت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني خطوة لم تسبقها فيها الحكومات المتعاقبة بعد 2003، بالطلب من الأمم المتحدة أن تنهي بحلول نهاية 2025 مهمتها السياسية التي تؤديها في البلاد منذ أكثر من عقدين، حيث ورد في طلب بغداد للمنظمة أن تواجدها لم يعد ضرورياً.

 

لكن مراقبين للشأن المحلي يروون لـ"الجبال"، أنّ العراق بحاجة إلى الخبرات الدولية المحايدة والاحترافية لمساعدته في بلوغ شاطئ الأمان.

 

وكان السوداني أكد أنه في هذه الظروف وبعد 20 عاماً من التحول الديمقراطي والتغلّب على التحديّات المختلفة، لم تعد أسباب وجود بعثة سياسية في العراق قائمة، داعياً إلى إنهاء ولاية البعثة بشكل دائم في 31 كانون الأول 2025" استناداً إلى الرسالة التي بعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

 

وطالب السوداني، أن تركز يونامي حتى ذلك الحين على الملفات المرتبطة بالإصلاح الاقتصادي ومكافحة التغير المناخي وقضايا التنمية.

 

من ماذا تتألف الأمم المتحدة في العراق؟ 

 

تتألف الأمم المتحدة من بعثتين ميدانيتين (يونامي ويونيتاد)، ووكالات وصناديق وبرامج تابعة للأمم المتحدة، تعمل على مستوى المجتمع والمحافظة والمستوى الوطني في جميع أنحاء العراق.

 

وأما البعثات الميدانية، فبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) هي بعثة سياسية خاصة أنشئت في عام 2003 بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1500، بناء على طلب من حكومة جمهورية العراق. تتمثل ولاية البعثة في تقديم المشورة والمساعدة إلى الحكومة بشأن عدد من المسائل. ويشمل ذلك النهوض بالحوار السياسي الشامل والمصالحة الوطنية، والمساعدة في العملية الانتخابية، والتخطيط لإجراء تعداد سكاني على صعيد البلد، وتيسير الحوار الإقليمي بين العراق وجيرانه، وتعزيز حماية حقوق الإنسان والإصلاحات القضائية والقانونية. والبعثة مكلفة أيضاً بموجب ولايتها بالعمل مع الشركاء الحكوميين والمجتمع المدني لتنسيق الجهود الإنسانية والإنمائية التي تبذلها وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها المتخصصة. 

 

وفي حين أن البعثة لا تنفذ برامج إنسانية أو تنموية بنفسها، فإنها ترفع من شأن القضائية الإنمائية والإنسانية في العراق، وتربط بين الشركاء العراقيين – من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني على حد سواء – وبين والخبرات الفنية المتاحة ضمن فريق الأمم المتحدة القطري في العراق. ويرأس البعثة ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، ويعاونه نائب الممثل الخاص للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية، ونائب آخر يؤدي أيضاً مهام المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق.

 

ممثل خاص جديد للعراق

 

ومنتصف الشهر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، تعيين محمد الحسّان ممثلاً خاصاً جديداً له في العراق، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) خلفاً لجينين هينيس بلاسخارت.

 

وقالت المنظمة الدولية، في بيان، إن "الأمين العام للأمم المتحدة أعلن تعيين محمد الحسّان من سلطنة عُمان ممثلاً خاصاً جديداً له في العراق ورئيساً لبعثة (يونامي) خلفاً لجينين هينيس بلاسخارت من هولندا".

 

يتمتع الحسان بخبرة دبلوماسية متنوعة، إذ تمتد مسيرته المهنية لأكثر من 30 عاماً في مجال الدبلوماسية الوقائية وبناء السلام والتنمية، وكان آخر مناصبه، الممثل الدائم لسلطنة عُمان لدى الأمم المتحدة منذ عام 2019، بحسب البيان نفسه.

 

وقبل ذلك تولى الحسان مناصب متعددة في وزارة الشؤون الخارجية في مسقط، ومن بين المناصب الرفيعة التي شغلها، منصب سفير فوق العادة ومفوض عُمان لدى الاتحاد الروسي، وفي نفس الفترة كان سفيراً غير مقيم لدى بيلاروسيا وأوكرانيا وأرمينيا ومولدوفا.

 

وأشارت مصادر مطلعة لـ "الجبال"، إلى أن محمد الحسّان سوف يباشر عمله قريباً خلفا لجينين هينيس بلاسخارت.

 

وفي هذا السياق، أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون العلاقات الدولية، فرهاد علاء الدين، أن بعثة الأمم المتحدة ستنتهي مهامها في نهاية عام 2025 والعراق أعرب عن امتنانه وشكره لكل ما قدمته البعثة من عمل ومساعدات طوال العقدين الماضيين.

 

وذكر في حديثه لـ "الجبال"، أن العراق يتطلّع لاستمرار التعاون مع المنظمات والوكالات المستقلة التابعة للامم المتحدة حسب برنامج متفق عليه وحسب حاجة العراق بالأخص في مجال الدعم الفني ونقل الخبرات وبناء قدرات المؤسسات.

 

العراق بحاجة إلى الخبرة الدولية

 

في حين، يكشف الخبير السياسي والقانوني، خالد العرداوي، أن بقاء أو خروج البعثة الدولية أمر تقرره الحاجة العراقية، فوجود البعثات الدولية مفيد تماماً لمساعدة الشعوب والدول غير المستقرة أو تلك التي خرجت من صراعات عسكرية وسياسية شديدة تركت تأثيرها السلبي على تماسكها الاجتماعي والسياسي وبنائها الدستوري واستقرارها الأمني، بحكم الخبرة الدولية الطويلة للأمم المتحدة في هذا المجال، ودورها المحايد في وضع السياسات والاستراتيجيات الاستشارية للحكومات في معالجة مشاكلها. 

 

العرداوي أوضح لـ "الجبال"، أن المتابع للوضع العراقي في جميع المجالات يستطيع بسهولة رؤية أن الوضع العراقي السياسي والاجتماعي والأمني لا يزال هشاً، وأن بلدنا لا يزال بحاجة إلى الخبرة الدولية المحايدة والاحترافية لمساعدته في بلوغ شاطئ الأمان، وعليه يبقى قرار الحكومة في إخراج البعثة الاممية محترماً، إلا أن عليها أن تعيد النظر فيه من خلال لجان فنية بعيداً عن الانطباعات السياسية المستعجلة.

 

ضغوط سياسية

 

في حين، رأى الباحث السياسي، مجاشع محمد التميمي، أن المراقب للأوضاع في العراق يرى أنها غير مستقرة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً لذلك العراق بحاجة إلى مساعدة الأصدقاء في التغلب على أزماته، والأمم المتحدة وبعثتها في العراق تقوم بعمليات النصح والإرشاد لا فرض القرارات ونقل التقارير الموثوقة إلى المجتمع الدولي، لذلك أرى أن العراق يحتاج إلى بعثة الأمم المتحدة في المساعدة.

 

وبحسب حديث التميمي لـ"الجبال"، يبدو أنّ الطلب العراقي بإنهاء بعثة الأمم المتحدة حصل نتيجة ضغوط سياسية فرضت على الحكومة العراقية ‏ولغاية الآن لا يُعتقد أن يتخلّى العراق عن دور الأمم المتحدة حتى بعد انتهاء بعثتها في العراق، وربما يكون هناك عدول من قبل الحكومة إذا ما رأت أن الأوضاع في العراق بحاجة إلى بعثة الأمم المتحدة.

جبار الحاج

نُشرت في الجمعة 9 أغسطس 2024 12:25 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.