منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تنطلق أسئلة من قبل متخصصين اقتصاديين ومدونيين عن خط النفط بين العراق وسوريا، وهل يمكن إحياؤه مع التغييرات الأخيرة.
ويكشف المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، عن أهمية وتفاصيل مشروع خط النفط بين العراق وسوريا.
وقال صالح لـ "الجبال"، اليوم الجمعة، إن "خط النفط العراقي - السوري المعروف بخط (تابلاين) يعدّ أحد المشاريع الحيوية التي شكّلت جزءاً من صناعة النفط في الشرق الأوسط عموماً والعراق خصوصاً خلال القرن العشرين، وقد أمّمت سوريا خط النفط العراقي - السوري من الجزء الواقع في أراضيها عام 1972 مباشرة بعد قيام العراق بتأميم نفطه في ذلك العام، وبعد عشر سنوات أوقف النظام في سوريا عام 1982 استمرار تدفق النفط العراقي عبر التابلاين لخلافات بين النظامين جراء الحرب العراقية - الإيرانية".
وأضاف أن "العراق سيبقى بحاجة العودة إلى توسيع ممرات تصدير النفط الخام إلى زبائنه عبر المتوسط وأوروبا تحديداً وهو أمر يحتاج بعض الولويات منها: أولاً إعادة التفاوض بشأن رسوم المرور والتحميل وأهلية البنية التحتية السورية للتصدير، وثانياً تأهيل خط الأنابيب المذكور داخل سوريا والعراق دون ضرر أو ضرار للبلدين وفق أسس مدروسة ولا سيما أن جزء من خط الأنابيب هو مؤمّم من قبل سوريا بالأساس"، منوهاً إلى أن "إنشاء الخط بدأ من حقول كركوك في شمال العراق، مروراً بالأراضي السورية، وانتهى عند ميناء طرابلس في لبنان وميناء بانياس في سوريا. ويمتد الخط لمسافة 800-900 كيلومتر".
وأشار صالح إلى أن "العمل بالأنبوب اكتمل تحديداً في العام 1934"، لافتاً إلى أن "الطاقة التصديرية اليومية لخط الأنابيب العراقي السوري (خط كركوك - بانياس) كانت تُقدّر بحوالي 1.4 مليون برميل يومياً في ذروته التشغيلية. وهو أحد أهم خطوط تصدير النفط العراقي خلال القرن العشرين لغاية اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية، ليستبدل بالتصدير عبر الخليج وإنشاء الخط العراقي - التركي بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في العام 1980".
وختم صالح حديثه لـ"الجبال" بقوله إنه "قبل أواخر التسعينيات، شغّل العراق الخط بشكل جزئي إلى سوريا فقط باتفاق سميّ بالاتفاق الحدودي وهو (النفط مقابل السلع السورية) بعد إجراء بعض الإصلاحات الجزئية على الخط العراقي - السوري وبطاقات تصديرية محدودة، ذلك إبان الحصار الاقتصادي على العراق، وجاءت الخطوة عملاً بالمادة 50 من الميثاق الذي تضمّن (إذا اتخذ مجلس الأمن ضد أية دولة تدابير منع أو قمع فإن لكل دولة أخرى - سواء أكانت من أعضاء الأمم المتحدة أم لم تكن - تواجه مشاكل اقتصادية خاصة تنشأ عن تنفيذ هذه التدابير، الحق في أن تتذاكر مع مجلس الأمن بصدد حل هذه المشاكل)".
هدف المشروع
وكشف المختص في الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، عن هدف العراق من وراء إعادة تشغيل مشروع خط النفط كركوك - بانياس، لافتاً إلى مرام اقتصادية وأخرى استراتيجية، مؤكداً أن الخط مع سوريا "ممكن أن يكون بديلاً عن خط جيهان التركي".
وقال السعدي في حديث لمنصة "الجبال" بالنسبة للخط المقترح لتصدير الطاقة من العراق إلى البحر المتوسط عبر سوريا، إن "هذا المشروع يهدف إلى إحياء خط أنابيب قديم يربط حقول النفط العراقية بميناء بانياس السوري على البحر الأبيض المتوسط، المشروع يعكس التوجه العراقي الحالي للبحث عن منافذ تصدير جديدة تقلل الاعتماد على خط الأنابيب الممتد إلى ميناء جيهان التركي، الذي يتعرض بشكل متكرر لمخاطر أمنية وسياسية".
وذكر السعدي أنه "تاريخياً، يعود هذا الخط إلى عقود مضت، لكنه توقف عن العمل بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة. وإن التوجه الحالي لإحيائه يعتمد على كيف ستكون العلاقات العراقية - السورية، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي وتطوير البنية التحتية المشتركة".
السعدي أضاف أن "هذا الخط ممكن أن يكون بديلاً عن خط جيهان التركي، خاصة إذا كانت هناك توترات أقليمية مع تركيا، لكونه يوفر منفذاً بحرياً مباشراً إلى الأسواق الأوروبية ودول المتوسط"، مستدركاً بأن "هذا المشروع يواجه تحديات عديدة، أبرزها الوضع الأمني غير المستقر في سوريا الآن خصوصاً مع غموض ملامح الحكومة الجديده في سوريا وتوجهاتها، وأيضاً الحاجة لإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة وتكاليفها، فضلاً عن العقوبات الدولية المفروضة على سوريا حتى الان".
وختم المختص في الاقتصاد الدولي بقوله: "كمختصر، يوفر المشروع فرصاً اقتصادية كبيرة للعراق، بما في ذلك تعزيز موقعه كمصدر رئيس للطاقة بالمنطقة، وزيادة العوائد الاقتصادية من خلال تقليل الاعتماد على وسيط واحد للتصدير"، مشيراً إلى أن "التعاون مع سوريا في هذا المجال، يعزّز التكامل الإقليمي ويمكن أن يكون بداية ناجحة للعلاقات الثنائية بين البلدين".
وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، قد أعلن قبل أيام، عن مخطط حكومي جديد للتعامل مع سوريا ما بعد بشار الأسد، تتألف من 11 مساراً، مبدياً عزم البلاد على إعادة نشاطها الدبلوماسي في دمشق بكادر أكبر، ورسم خطط استثمارية جديدة في الدولة الجارة وتوسيع منافذ التجارة الثنائية خصوصاً عبر البحر الأبيض المتوسط.