توجيه من هيئة الاتصالات لوسائل إعلام يثير انتقادات صحفيين ونشطاء.. هل عادت "وزارة الإعلام" للعراق؟

5 قراءة دقيقة
توجيه من هيئة الاتصالات لوسائل إعلام يثير انتقادات صحفيين ونشطاء.. هل عادت "وزارة الإعلام" للعراق؟ نسخة من التوجيه الصادر عن هيئة الإعلام والاتصالات العراقية لوسائل الإعلام

منذ صدور كتاب هيئة الإعلام والاتصالات، والذي يوجه فيه وسائل الإعلام العراقية كافة باتباع أسلوب محدّد في التعامل مع مسار الأحداث الإقليمية والتطورات السياسية في سوريا، وذلك  سقوط نظام بشار الأسد، وما زالت ردود الأفعال تتوالى من قبل صحفيين وإعلاميين، على أن الأمر كان لـ"الضييق" على الرأي وحرية التعبير. 

 

وكانت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، قد أصدرت بتاريخ 8 كانون الأول 2024، توجيهاً إلى كافة المؤسسات الإعلامية، (بالتزامن مع الأحداث والتطورات الأمنية التي تشهدها الساحة العربية لاسيما في سوريا، وسقوط بشار الأسد، وإلى جانب الإجراءات العسكرية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في تأمين الشريط الحدودي مع الدولة الجارة)، إلى "تغليب الخطاب الوطني عبر تخصيص مساحات زمنية من البث اليومي لتسليط الضوء على الجهود والإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التي تسعى خلالها إلى المحافظة على أمن واستقرار العراق".

 

ووجه الكتاب وسائل الإعلام بـ"عدم استضافة الشخصيات (محللين سياسيين - محللين أمنيين) ممن يدلون بمعلومات مضللة قد تؤدي لزعزعة وحدة المجتمع العراق، شجب واستنكار الهجمة الإعلامية للكيان الصهيوني وإظهار عمليات الإنكسار والانهيار في صفوف العدو الصهيوني، من خلال استضافة الشخصيات السياسية والأمنية التي لها خبرة في الدعاية المضادة".

 

كما دعت الهيئة إلى "عدم بث أية مادة تحتوي معلومات مضللة بهدف الإساءة إلى سمعة الأجهزة الأمنية، والتي قد تؤدي إلى إشعال فتنة طائفية بين أبناء المجتمع العراقي. كذلك استضافة رجال دين وأئمة الجوامع من الوقفين الشيعي والسني لغرض إشاعة الخطاب الديني الوطني الداعي إلى المحافظة على أمن العراق وتعزيز اللحمة الوطنية فيه"، مشيراً إلى أن الأحداث في سوريا لها تأثير على العراق، وشنّ "الماكنة الإعلامية للكيان الإسرائيلي هجمة شعواء حول إمكانية توجيه ضربة عسكرية للعراق".

 

تناقض كبير

 

ويعلّق مصطفى ناصر، رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، على التوجيه الصادر من هيئة الإعلام والاتصالات، معتبراً أنه "لا يحمل جديداً"، باعتبار أن "هناك منهجية اتبعتها هذه السلطة منذ وصول رئيس الوزراء المكلف من قبل الإطار التنسيقي إلى منصبه"، مبيناً: "هناك منهجية لغلق هذا الفضاء وخفض سقف حرية التعبير عن الرأي، بإنهاء وجود حرية العمل الصحفي، وهذا ليس بشيء جديد من هيئة الإعلام والاتصالات".

 

وقال إن "هيئة الإعلام ارتكبت العديد من المخالفات الدستورية والقانونية. لقد تجاوزت على صلاحياتها وعلى القانون المؤقت الذي ينظم آلية عملها. وبدأت بمنع ظهور العديد من الشخصيات في الفضائيات العراقية، وتمادت أكثر بفرض وصاية على وسائل الإعلام"، لافتاً إلى أن "هذا أمر غير دستوري على الإطلاق".

 

وأردف أن "نظام الحكم في العراق يمنع ظهور وزارة الإعلام كما كان في عهد صدام حسين، والبند الدستوري رقم 38، ينص على أن تكفل الدولة حرية الإعلام والنشر والعمل الصحفي، فليس هناك وصاية من أحد على أحد".

 

وتحدث ناصر عن "تناقض كبير في كتاب هيئة الإعلام والاتصالات. فمن جانب هم يدعون إلى عدم استضافة المحللين السياسيين والأمنيين الذين يطلقون معلومات مضللة (دون أن يحددهم)، وبنفس الوقت يقول إن على هذه الفضائيات أن تعكس الانكسار والهزيمة التي يعيشهما الجيش الإسرائيلي، أي أنك تكافح التضليل من ناحية لكن في نفس الوقت عليك أن تمارس تضليلاً آخر وهو بأن تروج لأن الجيش الإسرائيلي يتعرض للهزيمة والانكسار، والحقيقة هي العكس نحن نتعرض للهزيمة والانكسارات وليس الجيش الصهيوني".

 

سلوك دكتاتوري

 

ويرى عديدون أن سلوك هيئة الإعلام والاتصالات يجنح باتجاه منح الحق لنفسها بتحديد عمل الصحفيين ووضع محددات تصل ببعض الأحيان إلى فرض استضافة شخصيات ومنع استضافة أخرى، وفق الإعلامي والقانوني العراقي، حسام الحاج، حيث يرى أن "هذا النهج يأتي مكملاً لعملية تكميم الأفواه الممنهجة التي جسدت معادلة الحكم الحالية".

 

وأشار الإعلامي العراقي إلى أنه "يبدو أن السلطة في العراق لم تعد تحتمل الرأي الآخر أو تحتمل الانتقاد، لذلك تقرن الانتفاع السياسي بإسكات الأصوات (أي السكوت مقابل الحصول على عقود واستثمارات)، واصفاً الأمر بأنه "سلوك دكتاتوري شمولي تعبوي يؤدي بنا إلى منحنيات كبيرة جداً".

 

وأكد أنه "ليس من حق هيئة الإعلام ولا الحكومة ولا حتى أي مؤسسة في الدولة، قانوناً ودستوراً، أن تتجاوز على الدستور الذي منحهم الشرعية في التواجد بأماكنهم هذه"، مبيناً أن "الغطاء الشرعي هو الدستور، وهو الذي يحدد نطاق حرية التعبير والإعلام والصحافة والنشر".

الجبال

نُشرت في الخميس 12 ديسمبر 2024 05:15 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.