قاعدة "عين الأسد".. لماذا تحظى باهتمام أميركا وتجذب ضربات الفصائل؟

8 قراءة دقيقة
قاعدة "عين الأسد".. لماذا تحظى باهتمام أميركا وتجذب ضربات الفصائل؟ قاعدة عين الأسد

زارها ترامب.. وتحظى باهتمام مختلف

منذ مطلع 2020، تشن الفصائل العراقية المسلّحة هجمات عنيفة على مواقع القوات الأميركية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق، بعد قيام الأخيرة باغتيال رئيس أركان الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني في مطار بغداد الدولي، واشتدت وتيرة الهجمات بعد بدء العدوان الإسرائيلي عل قطاع غزة في أكتوبر 2023. إذ تستهدف تلك الفصائل المصالح ونقاط التواجد الأميركي في البلاد، خصوصاً في عين الأسد.

 

وفي الجغرافية العراقية العشرات من المعسكرات والقواعد العسكرية، تنتشر فيها قوات الجيش العراقي، أبرزها قاعدة بلد، الإمام علي، التقدم، فكتوريا، التاجي، الرشيد، الشعيبة، القيارة، الوليد، سبايكر، سعد، طلحة، عين الأسد، الحبانية، كي وان، حرير، وآلتون كوبري، إلى جانب مطارات بغداد، أرطاوي، الجليبة، الحلفاية، الصينية، الضباع، الطبعات، الفتحة، اللصف، المرصنة، تلعفر، غليصان، ومطار كركوك الدولي.

 

وحسب الخبير الأمني اللواء الركن المتقاعد، عماد علو، فإن القوات الأميركية تتواجد في قواعد عين الأسد بالأنبار، وحرير بأربيل، وقاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد الدولي في العاصمة العراقية.

 

قاعدة بلد الأكبر وعين الأسد الأهم

 

تعدّ قاعدة بلد أكبر قاعدة جوية في العراق، بمساحة تقارب 25 كيلومتراً مربعاً، وأشار علو إلى تواجد مستشارين ومتعاقدين لإدامة الطائرات في القاعدة الجوية، حيث توجد طائرات الـ F16 هناك.

 

فيما لفت الخبير الأمني عدنان الكناني إلى "وجود المهندسين والفنيين المختصين بأعمال الصيانة بالقاعدة، مع قطعات عسكرية أميركية لغرض الحماية. لكن أكثر ما موجود هو الشركات الأمنية، وربما لديها واجبات أخرى غير حماية السفارة".

 

بالمقابل، تقع قاعدة عين الأسد في ناحية البغدادي بمحافظة الأنبار، قرب نهر الفرات، تتسع لاستضافة 5 آلاف جندي، مع وجود المباني العسكرية اللازمة لإيوائهم مثل: الملاجئ، مخازن للأسلحة والذخيرة، ثكنات عسكرية، عنابر محصنة للطائرات، ومدرجين للهبوط والإقلاع. بالإضافة إلى مساكن ومرافق خدمية للجنود مثل المسابح، وملاعب كرة قدم، سينما، مسجد، مدرسة ابتدائية وثانوية، مكتبة، ومستشفى وعيادة طبية.

 

لماذا عين الأسد الأهم؟

 

تتعرض قاعدة عين الأسد إلى أكبر عدد من استهدافات الفصائل المسلحة المعارضة للوجود الأجنبي في العراق، منذ عام 2020 حتى اليوم، وذلك للأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها القاعدة، انطلاقاً من نوعية البنية التحتية التي تستند عليها، من حيث المدارج وأماكن الإعاشة والدعم اللوجستي الموجودة فيها، والموقع الجغرافي الذي تتموضع فيه، وفقاً لعلو.

 

وأوضح الخبير الأمني واللواء الركن المتقاعد، في حديث لمنصة "الجبال"، أهمية قاعدة عين الأسد التي تجذب الأنظار إليها دون غيرها، مشيراً إلى أنها "قاعدة ضخمة" تم بناؤها من قبل خبراء يوغسلاف في زمن النظام السابق، بإسم "قاعدة القادسية الجوية".

 

قال علو إن أهمية القاعدة تتجسّد في "قربها من الحدود السورية والأردنية، وهي قريبة أيضاً من الناحية الجغرافية من إسرائيل، بالتالي تقع بمنطقة استراتيجية مهمّة، وتتواجد فيها قوات تابعة للجوية العراقية وفرقة المشاة السابعة بالجيش إلى جانب القوات الأميركية"، مضيفاً أنه "تنطلق من القاعدة عمليات للقوة الجوية الأميركية بالطائرات المسيّرة والطائرات السمتية، كما تستخدم لأغراض الدعم اللوجستي والأغراض الاستخبارية، والاستطلاع على التهديدات التي تهدد القوات الأميركية في الداخل العراقي أو في شمال شرق سوريا".

 

و "تغطي القاعدة منطقة تواجد القوات الأميركية في العراق وسوريا والأردن ومنطقة الشرق الأوسط بصورة عامّة، ومن هنا تأتي أهمية القاعدة العسكرية الاستراتيجية" حسب قول علو.

 

من جانبه، ذكر الخبير الأمني عدنان الكناني، لمنصة "الجبال"، أن "أحد مميزات قاعدة عين الأسد هو إشرافها على وادي حوران"، وهو ما يزيد من الأهمية الاستراتيجية للمكان.

 

ويعتبر وادي حوران من أكبر أودية العراق وأخطرها، يقع في العمق الصحراوي بعيداً عن المدن، وتبلغ مساحته أكثر من 350 كيلومتراً من الحدود العراقية - السعودية حتى نهر الفرات قرب منطقة حديثة. يتسم بوعورة تضاريسه وكثرة تشعباته وتعقّد طبيعته، وتحيط بالوادي جروف عالية بحافات حادة يبلغ ارتفاعها مابين 150 الى 200 متر. 

 

قبل عام 2003 كانت القاعدة مأوى لطائرات "ميغ- 21 أس" و "ميغ-25 أس" إبان حرب العراق مع إيران، وسيطرت عليها القوات الأميركية بعد دخولها العراق عام 2003 حيث اتخذتها قاعدة جوية ومركزاً رئيساً لنقل القوات والمؤن طوال فترة وجودها بالبلد حتى كانون الأول 2011. وبعد الانسحاب الأميركي تسلّمت القوات العراقية القاعدة بصورة نهائية، لكن مع ظهور تنظيم داعش بالعراق وإرسال القوات الأميركية بطلب من العراق نهاية عام 2014، تموضع فيها مئات الجنود الاميركيين وكان دورهم الأساس تدريب القوات العراقية على محاربة داعش، حينها تم تأمين القاعدة وتجديدها.

 

وتنشر الولايات المتحدة الأميركية 2500 عسكري وبعض المصادر تقول 5000 جندي في العراق، إلى جانب 900 جندي آخرين في سوريا، في إطار التحالف الدولي الذي شكلته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.

 

وأجرى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب زيارة "سرّية" مفاجئة لقاعدة عين الأسد، يوم 26 كانون الأول 2018، برفقة زوجته ميلانيا ترامب للاحتفال مع الجنود الأميركيين بعيد الميلاد. وأعلن البيت الأبيض  حينها عن الزيارة بعد مغادرة ترامب الأنبار بعدة ساعات.

 

محط أنظار الفصائل

 

منذ عام 2020 حتى الآن، تستهدف الفصائل العراقية المسلحة، القواعد المستضيفة للقوات الأميركية، في مقدمتها عين الأسد، وغالبيتها لم توقع سوى التهديد.

 

ويقول الخبير الأمني عماد علو  إنه "لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الهجمات التي استهدفت قاعدة عين الأسد، على مدى السنوات الأربع الماضية"، فيما أكد تعرضها لهجمات متكررة بالمسيرات والصواريخ، آخرها كان في 26 تموز الماضي.

 

من أبرز الضربات التي تعرضت لها القاعدة الجوية، عام 2020، القصف الإيراني صباح 8 كانون الثاني، عندما شنّ الحرس الثوري الإيراني هجوماً صاروخياً بالستياً على القاعدة، ردّاً على الهجوم الذي قتل فيه قائد فيلق القدس قاسم سليماني مع مجموعة من قيادات الحشد الشعبي في مطار بغداد الدولي، وتسبب الهجوم حينها بأزمة دبلوماسية دفعت بغداد لاستدعاء السفير الإيراني لديها على خلفية الهجوم.

 

وأُعلِن عن أربع استهدافات للقاعدة خلال عام 2021، أسفر أحدها عن وفاة متعاقد أميركي بأزمة قلبية في 4 آذار 2021، إلى جانب هجمات أخرى بتواريخ  4 أيار، 8 أيار، و20 حزيران من نفس العام. كما تلقت ثلاث هجمات، في 4و5و6 كانون الثاني، وأخرى في 8 نيسان عام 2022.

 

في عام 2023، أُعلِن عن سبع هجمات في 8 كانون الثاني، و18، 21، 22، 28 تشرين الأول، وفي 21 تشرين الثاني و21 كانون الأول، حيث زادت وتيرة الهجمات على القواعد الأميركية خلال الأشهر الأخيرة من العام، ردّاً على الحرب الدامية الدائرة في قطاع غزة.

 

وخلال العام الجاري، نُفذت أربع استهدافات لقاعدة عين الأسد في الشهر الأول فقط بتواريخ 1، 21، 22، و26 كانون الثاني 2024. غير أنه خفّت وتيرة الهجمات خلال شباط وآذار  نتيجة هدنة أعلنت عنها الفصائل مع القوات الأميركية، لتستعيد الفصائل نشاطها ضد الأميركان في 22 نيسان 2024 بهجوم بطائرة مسيرة مفخخة استهدفت عين الأسد. كذلك الأمر في 16 تموز 2024، وفي 26 تموز 2024.

 

ورقة ضغط أميركية

 

تعتمد الولايات المتّحدة الأميركية على القاعدة الجويّة في إيواء عدد كبير من قواتها وعتادها، تنفيذ مهام استخبارية وعسكرية في المنطقة، والضغط باتجاه بقائها في العراق أيضاً.

 

ففي حين صوّت مجلس النواب العراقي على قرار غير ملزم لطرد القوات الأميركية من العراق، رداً على مقتل قاسم سليماني برفقة نائب قائد الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس، تحدّث ترامب عن مبالغ مالية انفقتها واشنطن في صيانة وتجديد القاعدة. وقال: "لدينا هناك قاعدة جوية كلفت مبالغ طائلة بمليارات الدولارات قبل مجيئي بوقت طويل. ولن نغادر قبل أن يدفعوا لنا تلك التكلفة".

 

وقال الخبير الأمني علو للجبال إن "الولايات المتحدة تحاول تعزيز القاعدة بنصب منظومات دفاعية متطورة، وتأمين مظلة جوية مستدامة فيها بمسافة 10 كلومترات حول القاعدة لغرض التصدي لعمليات القصف التي تتعرض لها"، مؤكداً أنها "قاعدة مهمة بالنسبة للقوات الأميركية".

 

 عماد علو لفت إلى أن "هذه المؤشرات تدل على أن الولايات المتحدة لا تنوي سحب قواتها أو التخلي عن القواعد الثلاثة التي تم ذكرها، عين الأسد، حرير، وفكتوريا، بالمستقبل المنظور  في الداخل العراقي، لأهمية هذه القواعد بالنسبة للقوات الأميركية الموجودة في شمال وشمال شرق سوريا".

 

لافا عثمان

نُشرت في الخميس 1 أغسطس 2024 09:20 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.