علّق خبراء وقياديون، على مطالبة زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري)، من الحكومة العراقية، مقاطعة الدول التي تدعم "إسرائيل" عبر قطع الاستيراد منها. وبينما يرى خبراء صعوبة بتطبيق هذا القرار وما له من انعكاسات سلبية على الاقتصاد العراقي، يعتقد آخرون أن القوى السياسية المتمثلة بالإطار التنسيقي لن تستجيب لهذه الدعوة بعد حصولها على الحكم.
وكان الصدر قد دعم قانون "تجريم التطبيع" الذي شرعه البرلمان في 2022، لكن دعواته بشأن غلق السفارة الأميركية أو تقليص عدد كوادرها، وكذلك قطع العلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية مع الدول الداعمة لإسرائيل، لم يُستجب لها.
ويوم الثلاثاء الماضي، دعا الصدر، الحكومة والبرلمان العراقيين إلى العمل على تشريع قانون "منع الاستيراد من بعض الدول الداعمة للكيان الصهيوني وخصوصاً الداعمة له بالسلاح بشرط عدم الإضرار بالاقتصاد العراقي".
رغبة.. ولكن!
وحول دعوة الصدر، علّق ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، معتقداً أن العراق لا يمكن له قطع علاقاته على أي من الأصعدة مع أي دولة لديها علاقة مع إسرائيل.
وقال القيادي في الائتلاف عمران الكركوشي، لـمنصة "الجبال"، إن "دعوة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر لقطع العراق علاقاته مع الدولة الداعمة للكيان الصهيوني، محل احترام وتقدير، وهي رغبة الكثير من القوى السياسية العراقية وكذلك الفواعل الشعبية في العراق".
وأضاف الكركوشي، ان "الحكومة العراقية لا يمكن لها قطع أي من علاقاتها مع أي دولة كانت، بسبب علاقاتها مع الكيان الصهيوني، فالحكومة لديها مصالح مشتركة على مختلف الأصعدة مع الدول، خاصة العلاقات الاقتصادية، فالعراق بحاجة الى الدعم الدولي بمجال الاقتصاد والاستثمار، ولهذا تحقيق هكذا دعوات صعب جداً من الناحية العملية".
وكانت دعوة زعيم التيار الصدري، قد ركزت أكثر على قطع العلاقات مع الدول التي تمنح إسرائيل "السلاح". بينما تعد الولايات المتحدة الأميركية، من أكثر الدول التي تمنح إسرائيل أسلحة، فيما يرتبط العراق مع أميركا بعلاقة شراكة طويلة الأمد.
قطع العلاقات المفاجئ يضر العراق
وفي هذا الصدد أيضاً، يؤكد المختص في الاقتصاد الدولي زياد الهاشمي، أن قطع العراق علاقاته الاقتصادية مع الدول الداعمة لإسرائيل بحاجة إلى دراسة عميقة.
وقال الهاشمي، لـمنصة "الجبال" إن "إقدام العراق على خطوة بقطع علاقاته الاقتصادية مع الدولة الداعمة لإسرائيل أو الدول التي لها علاقاته مع هذا الكيان، يتطلب أولاً أن يشكل مجلس النواب العراقي لجنة لتقييم الانعكاسات الاقتصادية لوقف الاستيراد من تلك الدول الداعمة".
وأضاف: "من الناحية الواقعية لا يستطيع العراق التخلي بشكل مفاجئ عن الاستيراد من تلك الدول خصوصاً أننا نتحدث عن دول عديدة لها علاقات استراتيجية تحالفية داعمة للحكومة العراقية".
وبيّن المختص في الاقتصاد الدولي أنه "يمكن تدريجياً ذلك بعد دراسة ذلك الأمر قبل اتخاذ قرار بشأنه كذلك وضع برنامج لإحلال متدرج للسلع الغربية بمنتجات من مصادر أخرى ودون التأثير سلباً على الاقتصاد العراقي، فقد يكون لهذه الأمر تداعيات خطيرة".
ويعتمد العراق في توفير أغلب احتياجه على الاستيراد من دول غربية وإقليمية، وهي في الغالب لديها علاقات سياسية مع إسرائيل.
العزلة الدولية
في السياق، يرى الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، أن إقدام العراق على قطع علاقاته مع أي من الدولة المؤثرة في العالم سيكون تداعياته خطيرة، فيما أوضح سبب ذلك.
وقال الحكيم، لمنصة "الجبال" إن "العراق يمكن له قطع أي من علاقاته مع دول العالم المؤثرة، تحت أي حجة وذريعة، خاصة إذا ما كانت بسبب الكيان الصهيوني، فهذا الأمر ربما سيدفع العراق نحو العزلة الدولية، وسيدفع بالكثير من الدول إلى مقاطعة العراق تضامناً مع الدول التي قطع العراق علاقاته معها".
وأوضح أن "تفكير الحكومة العراقية يختلف كلياً عن تفكير القوى السياسية، فحتى الأطراف السياسية الحاكمة حالياً في العراق من الإطار التنسيقي كانت مع هكذا دعوات مقاطعة وحتى إغلاق السفارة الأميركية وغيرها، لكن عندما استلمت الحكم غيرت مواقفها وأصبحت تدعو إلى تعزيز العلاقات مع الدول كافة، حتى التي كانت سابقاً تتهما بدعم الإرهاب".
وسبق أن طالب الصدر، الحكومة والبرلمان العراقيين، في أيلول الماضي، تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، على خلفية دعم الحرب في غزة لصالح إسرائيل، لكن لم تتفاعل القوى السياسية مع هذه الدعوة بشكل إيجابي.