قبل أشهر، وفي تطور مفاجئ للأحداث السياسية في العراق، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 بإقالة محمد الحلبوسي من منصبه كرئيس مجلس النواب، إثر اتهامات بـ"تزوير توقيع".
وقد أدى هذا القرار إلى "شلل" في عمل البرلمان كما يتحدث سياسيون، حيث عطل تشريع العديد من القوانين والقرارات، ووصل إلى درجة ترجيح سياسيين إلى أنّ غياب رئيس للبرلمان، قد فتح نافذة للضغط على اقتراح تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي أثار جدلاً عراقياً واسعاً، وذلك لـ"غياب التوازن عن البرلمان".
وعلى الرغم من مرور عدة أشهر على صدور حكم المحكمة الاتحادية، إلا أنّ الخلافات الحزبية والسياسية تعيق عملية انتخاب رئيس جديد للبرلمان، ما يجعل النائب الأول، محسن المندلاوي، هو الرئيس بالإنابة.
وفي الآونة الأخيرة طرحت العديد من الحلول، منها تغيير المرشحين أو تعديل النظام الداخلي للمجلس، لكن المحلل السياسي، إبراهيم الدليمي، يؤكد أنّ "الأمر بالنسبة للقوى السنية محسوم قانونياً، مشيراً إلى "عدم السماح بتعديل أو تغيير المرشحين فيما يخص انتخاب رئيس مجلس النواب، وذلك لأن المادة 12 تنص على اختيار رئيس برلمان بجولتين أو أكثر ولكن بالأغلبية المطلقة، ولا يجوز أن تكون هناك ترشيحات جديدة بعد أن اكتمل الترشيح وبدأت عملية التصويت".
وضمن "الأعراف السياسية" التي أقرت بالبلاد، بعد أول انتخابات تشريعية عام 2006، كان منها توزيع المناصب الرئاسية الرئيسية بين المكونات وبموجب هذا العرف، يتولى "السنّة" رئاسة البرلمان، بينما يتولى "الكرد" رئاسة الجمهورية، ويؤول منصب رئاسة الوزراء إلى "الشيعة".
توقعات بفشل التوافق على مرشح واحد
ويتوقع محللون سياسيون فشل القوى السياسية السنية في التوافق على مرشح واحد للرئاسة، وذلك بسبب الخلافات العميقة داخل البيت السني، فضلاً عن "الضغوط التي يمارسها الإطار التنسيقي في هذا الملف"، معتبرين أن السيناريو الأقرب هو "ذهاب القوى السنية نحو الترشح بأكثر من مرشح، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي".
ويقول الدليمي لـ"الجبال"، إنه "في واقع الحال لدينا ثلاثة مرشحين طلال الزوبعي ومحمود المشهداني وسالم العيساوي"، مضيفاً أن المشهداني هو "الأقرب لتقدم، فيما ضغطت القوى على تأجيل الجلسة بعد اقتراب صعود سالم العيساوي وحصده 158 صوتاً".
"تبادل الوزارات"
ويتمركز الخلاف حول منصب رئيس مجلس النواب مقابل الحقائب الوزارية التي توزعت بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، حيث أن حصول كتلة على منصب رئاسة البرلمان، سيجعل مناصب الوزارات تذهب لكتلة أخرى، كما أنّ هناك قوى تطالب بتمثيل أكبر للمناطق المحررة (صلاح الدين، سامراء، بيجي، تكريت، الشركاط، وحويجة) في الحكومة، وقوى أخرى تطالب بحصتها في الوزارات.
ويمتلك حزب "تقدم" برئاسة الحلبوسي، 5 مناصب، وهي رئيس البرلمان ووزير الثقافة، ونائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط، بالإضافة إلى وزير الصناعة.
ويتحدث إبراهيم الدليمي عن "خلاف حول وزارتي التربية والتجارة"، إذ أن "مثنى السامرائي رئيس تحالف العزم، وأبو مازن لا يريدان التنازل عن الوزارتين"، بحسب قوله.
وينقل الدليمي معلومات لديه حول "إقدام بعض الشخصيات السياسية على تقديم تنازلات جوهرية بهدف فك التعقيد السياسي الحاصل حول منصب رئيس البرلمان"، مبيناً أنّ "هذه الشخصيات وافقت على التخلي عن حقائب وزارية، وذلك في إطار مساعيها لإيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف المتنازعة"، فيما ادّعى الدليمي أنّ "رئيس حزب العزم تنازل عن وزارة التجارة وصندوق إعمار المناطق المحررة حلاً للخلاف".
ويقول الدليمي إنّ "زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني التقى في كردستان بكل الطيف السني، وتم الاتفاق على مرشحين وهما محمود المشهداني وسالم العيساوي لغرض المنافسة بجولة أولى والتصويت، ولكن تقدم سجلت اعتراضها لأغراض تتعلق بحصتها في الوزارات".
"الصراع على زعامة المكون"
ويتهم سياسيون أن قوى داخل الإطار التنسيقي تعرقل عملية اختيار جديد لرئيس البرلمان، ويقول المحلل السياسي سعد المطلبي إنّ "الإطار التنسيقي لا يريد أن يكون جزءاً من الصراع السني السني".
وفي حديث لـ"الجبال"، يؤكد المطلبي على "ضرورة حل الخلاف القائم بين الحلبوسي والخنجر، والصراع على زعامة المكون، مشيراً إلى أن هذه الصراعات "قد تؤدي إلى انعكاسات سيئة سياسياً وأمنياً واجتماعياً، مضيفاً أنّ "إدخال عامل يثير الحساسية بين المكونات السياسية داخل البيت السني قد يكون له انعكاسات أمنية".
وخلال هذا الأسبوع، ظهرت تصريحات في الأوساط الإعلامية، تشير إلى حل مرتقب لأزمة رئاسة البرلمان، بعد أشهر من استمرارها.
وفي السؤال عن "هل ستحل ازمة اختيار رئيس البرلمان قريباً فعلاً؟" يقول الدليمي إنّ "الموضوع حسم وفي الأيام القادمة سيُقدم طلباً بعقد جلسة لاختيار رئيس البرلمان".
وتطرّق الدليمي إلى "جمع قرابة الـ90 صوتاً لغاية الآن، مشيراً إلى أنّ "التنافس سيكون بين المشهداني والعيساوي حول منصب رئيس البرلمان، بالإضافة إلى أنّ "الخاسر سيحصل على وزارتين مع أخذ تعهد من الإطار ومن الديمقراطي الكردستاني ومن الرئيس المرتقب بعدم المساس بمصالح تقدم".
تحالف الحسم الوطني هو الآخر، كان قد أكد، وجود بوادر لحل أزمة انتخاب رئيس البرلمان العراقي، متوقعاً عقد الجلسة مطلع الأسبوع المقبل.
وقال المتحدث باسم التحالف، صلاح الكبيسي، إنّ "الخلافات السياسية بين الأحزاب المعنية حول رئيس مجلس النواب بدأت تضيق، وفي الأيام المقبلة سيتم الإعلان عن أخبار جيدة بهذا الخصوص"، مبيناً أنّ "ظروف التوافق ليست طبيعية، والبرلمان يمر بحالة طارئة بعد إقالة الحلبوسي من قبل القضاء".
وتتحدث مصادر سياسية عن عودة ترجيح كفة سالم العيساوي عن "السيادة" خلال الآونة الأخيرة، فيما أشارت إلى "عدم حضور رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي في أغلب الاجتماعات التي عقدت حول أزمة الرئاسة، ما يشير إلى احتمالية جلوس العيساوي على كرسي الحلبوسي".