ما زالت آثار بيان المرجع الأعلى في النجف، علي السيستاني حاضرة بين الأوساط السياسية والإعلامية، ويجري النقاش حولها، بالإضافة إلى مستقبل النظام السياسي في ظل عدم تطبيق ما اعتبرت من قبل المرجعية "معرقلات" لتقدم البلاد، ومنها حصر السلاح بيد الدولة وتطبيق القانون ومكافحة الفساد ومنع التدخلات الخارجية.
ويقول الأكاديمي فارس حرّام في تصريحات تابعتها "الجبال"، إن "خطاب المرجعية للنخب كان يقصد النخب الاجتماعية والثقافية وليس السياسيين".
وكان المرجع السيستاني تحدث مع بعثة الأمم المتحدة، عن التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد، وقال إنه "ينبغي للعراقيين - لا سيما النخب الواعية - أن يأخذوا العبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز إخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار".
وأكد أن "ذلك لا يتسنى من دون إعداد خطط لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، لافتاً إلى أنه "أمام العراقيين مسار طويل إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك".
ويقول حرّام إن "النظام السياسي متناقض مع نفسه وأفعاله لا تطابق الديمقراطية في الدستور"، مبيناً أن "الأحزاب الإسلامية تطيع القائد والعلمانية تدار من الأسر وجميعها غير ديمقراطية".
ويرى حرّام أن "النظام الديمقراطي تقوده أحزاب غير ديمقراطية وقوانين حقبة الدكتاتورية"، فضلاً عن "تشريع قوانين لزيادة التقييد يسرع من انهيار النظام".
ويعتقد حرّام أن "أسباب الاحتجاجات لا تزال موجودة"، وذلك لعدة أسباب، منها أن "إدارة الاقتصاد من القوى المسلحة يغلق مجال العمل أمام الشباب"، مضيفاً أن "كل عام لدينا عشرات الآلاف من الخريجين والتعيين حل انتحاري".
وبالنسبة لحكومة محمد شياع السوداني، فإن حرام يرى أنها "اتسمت بالتضييق على الحريات"، كما أن "المحتوى الهابط تتم محاكمته بقوانين صدام حسين"، ولهذا ـ والكلام لفارس حرام ـ "رجعنا خلال العامين الماضيين إلى حقبة صدام حسين عملياً".
وبحسب حرام، فإنّ "مقومات خروج تشرين جديدة متوفرة"، كما أن "الطبقة السياسية تهيئ لأجواء أعنف من تشرين".
وحول زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، يقول حرام إن "تعبئة الصدر للإصلاح تعرضت للإحراج بعد فشل المشروع"، مبيناً "لو بقي الصدر في البرلمان دون تحقيق الإصلاح لخسر الكثير من جمهوره"، مؤكداً أن "الصدر أنقذ نفسه وتياره في لحظة حرجة بالانسحاب".
وإضافة إلى كل ما سبق، فإن "المرحلة الإقليمية سبب صدور موقف المرجعية في هذا التوقيت"، مضيفاً أن "التغيير بإسقاط النظام أمر أكثر صعوبة من إصلاح هذا النظام".
وبالنسبة للمحلل السياسي، عائد الهلالي، فإنّ "النظام السياسي يحتضر ويحتاج خطوات عاجلة"، إذ أن "العراق بني على أساس التجربة اللبنانية التي تعاني منذ سنوات".
ويقول الهلالي: "لم نستقر على قانون انتخابات مثالي يقود العملية السياسية"، كما أن "الديمقراطية في العراق أكذوبة والأحزاب لم تساءل عن تمويلاتها، بالإضافة إلى أن الديمقراطية غير موجودة حتى داخل الاحزاب وتقاد بدكتاتورية".
وزعم الهلالي أن "بيان المرجعية يقصد من شارك بالحكومات السابقة وليس حكومة محمد شياع السوداني"، كما أن "كتلاً داخل الإطار التنسيقي تعيش حالة رعب من السوداني".
لكن الهلالي يعود ويقول إن "تصحيح النظام غير ممكن مع الطبقة السياسية الحالية أبداً"، مضيفاً: "قادة سياسيون يمتلكون عشرات المليارات من الدولارات ولا يمكنهم التصحيح".