بين فترة وأخرى، يعود الحديث عن "حزب البعث" المنحل والمحظور في العراق، إلى الواجهة من قبل سياسيين وقادة كتل، وبالعادة يأتي الحديث كما يشخص مراقبون بالتزامن مع الاستعداد المبكّر للانتخابات.
وكان نوري المالكي، زعيم دولة القانون، قد ربط قبل أيام احتمال حدوث اضطرابات في العراق بسبب الحرب في الشرق الأوسط، محذراً من "عودة خلايا البعث ونشاطهم داخل البلاد"، ما جعله يواجه انتقادات بسبب الحديث عن حزب انتهى ولم يعد له تأثيرات.
ائتلاف المالكي يبرر: نمتلك معلومات
وفي هذا السياق أدّعت كتلة ائتلاف دولة القانون في البرلمان، أن التحذيرات بشأن حزب البعث المحظور جاءت وفق معلومات وليس تخمينات.
وقال النائب عن الائتلاف ثائر الجبوري، لـمنصة "الجبال"، إن "تحذيرات زعيم الائتلاف نوري المالكي جاءت وفق معلومات عن وجود نوايا لخلايا البعث للتحرك في البلاد".
و كشف الجبوري عن توجيه المالكي "رسالة إلى الجهات الأمنية المختصة لإحباط أي حراك لهذه الخلايا تحت أي عنوان كان".
وأضاف الجبوري أن "هذه التحذيرات ليس متعلقة بقضية انتخابية أو سياسية، بل تحذيرات جاءت للحفاظ على العملية السياسية واستقرارها، ومنع عودة البعثيين تحت أي عنوان".
ولفت النائب عن دولة القانون، إلى أن "البعث ما زال موجوداً، وهناك اعتقالات بين حين وآخر لعناصر الحزب ومن يروج لهذا الحزب المحظور".
وقال المالكي في كلمة متلفزة الأسبوع الماضي، إنه "يجب الإلتفات بحذر وبقوة لنشاط خلايا البعث المجرم التي تمثل أدوات لأعداء العراق الذين يتحركون ويخربون"، داعياً الحكومة والأجهزة الأمنية إلى "ملاحقة خلايا البعث، والشعب لمراقبة تحركاتهم".
وقال كذلك: "ينبغي الإستعداد لمواجهة التحديات الأمنية من خلال الاهتمام بالقوات المسلحة في الداخلية والدفاع"، منوها إلى أنه "من الأهمية تعزيز العمليات الأمنية لملاحقة بؤر الإرهاب والخلايا النائمة لمنع استغلالها لمن يريد إرباك العملية السياسية".
البعثيون بين "موتى وشيوخ"
إلى ذلك، وصفت النائب عن كتلة العزم البرلمانية، نهال الشمري، أن التحذيرات بشأن عودة حزب البعث "غير واقعية"، فيما حذرت من استخدام الملف سياسياً.
وقالت الشمري، لـمنصة "الجبال" إنه "من غير المعقول بعد مرور كل هذه السنين هناك بقايا لحزب البعث، خاصة وإن الحزب محظور، ويمنع أي نشاط له أو حتى ترويج داخل العراق، فكيف يعود إلى الساحة؟".
وأضافت: "كما أن أغلب قادة البعثيين أصبحوا موتى الآن، والبعض الآخر منهم أصبح من كبار السن، ولهذا نقول التحذيرات من العودة غير واقعية".
واعتبرت الشمري أن "ملف البعث واجتثاث البعثيين (المساءلة والعدالة) يستخدم للاستهداف والنيل السياسي ومحاولة إبعاد بعض الجهات السياسية".
ولذلك تؤكد النائب بأن "حل هيئة المساءلة والعدالة وتحويل الملف إلى القضاء كان ضمن بنود ورقة الاتفاق السياسي، حتى يكون بعيداً عن أي استغلال سياسي".
وكان رئيس الحكومة محمد السوداني، أرسل بعد شهرين من تسلمه المنصب في تشرين الأول 2022، طلباً إلى هيئة المساءلة والعدالة بتسليم الملفات إلى القضاء، لكن الأخيرة رفضت، وأبلغت السوداني بأن عملها مرتبط مع مجلس النواب.
استثناءات الاجتثاث
وتعلن جهات أمنية، وأبرزها أمن الحشد الشعبي، بين فترة وأخرى، عن اعتقالات لـ"مروجين لحزب البعث أو بعثيين"، مع تشكيك من قبل كثيرين بالأمر.
وفي ذات السياق، أكد الباحث في الشأن السياسي غالب الدعمي، أن التحذيرات المتكررة من عودة حزب البعث، هي دعوات تحمل جنبة سياسية وانتخابية.
وقال الدعمي، لـمنصة "الجبال"، إنه "بين الحين والآخر نسمع تحذيرات بشأن عودة حزب البعث، وإذا كان هناك عودة لهذا الحزب فهذا يرتبط بالفشل الحالي الذي أصاب العملية السياسية في العراق".
ويعتقد الباحث أن "سبباً آخر يتعلق بالحدث عن عودة الحزب المحظور تتعلق بأن "ترامب (الرئيس الأمريكي المنتخب) لديه إشارات بأن البعث أفضل من القوى السياسية الحالية، ولهذا الفاعلين في المشهد السياسي الحالي يحاولون التحذير من عودة الحزب والتذكير بتلك الحقبة السوداء قبل سنة 2003".
ويكشف الدعمي عن "وجود شخصيات في الدولة حالياً من المشمولين باجتثات البعث، بعضهم قيادات مهمة في وزارة الداخلية ومناصب حساسة أخرى"، على حد قوله.
ويتابع: "لهذا التحذير من عودة البعث، يجب أن يكون قبله تطبيقاً حقيقياً لقانون هيئة المساءلة والعدالة وترك الاستثناءات بسبب مجاملات وضغوطات سياسية".
وختم الباحث في الشأن السياسي قوله إن "التحذيرات من عودة البعث حالياً لها جنبة سياسية وانتخابية وهذا أمر واضح ومكشوف لدى الجميع".
وكانت اتهامات قد لاحقت نوري المالكي في فترة رئاسته للوزراء، بأنه منح "استثناءات" لعشرات البعثيين لتأييد حكومته.
ويوم أمس، قال النائب، شعلان الكريّم إن "البعثيين المتواجدون في الدولة حصلوا على استثناءات من المالكي"، مؤكداً أن "الأخير منح بعثيين استثناءات لبقاءهم في الدولة إبان حكمه".