مأكد زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أن العراق أمام خيارين لا ثالث لهما في التعامل مع الحرب المستعرة في المنطقة، مشدّداً على إجراءات ينبغي على الحكومة اتخاذها لاجتياز الأزمة.
المالكي، وفي كلمة ألقاها، اليوم السبت، حول التطورات السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، قال: "إن الأحداث التي تعيشها منطقتنا والعراق على وجه الخصوص، تنذر باحتمال تطور الحرب واتساع دائرتها واستمرارها لفترة أطول تنهك جميع الدول التي تخوض هذه الحرب"، مستدركاً بأن "الحرب وداعميها لا تتوقف إلا بتحقيق الأهداف من توسعتها، لضرب أكثر من مفصل من مفاصل القوة والاستقرار بالمنطقة".
وأشار المالكي إلى أن "العراق في هذه الدائرة من التحديات والاحتمالات، بين أمرين، الأول هو أن العراق ليس دولة هامشية بل دولة أساسية ويجب أن لا يغيب عن آفاق هذا الصراع أو تحدياته أو يُغيّب بإرادة خارجية. والثاني أن يتوجه بشكل مركز لحماية الأوضاع الداخلية من التطورات التي تحصل وتلقي بظلالها على الواقع السياسي والأمني للبلد".
شدّد زعيم ائتلاف دولة القانون على "وجوب السيطرة على الوضع الأمني الوطني العراقي، بشكل يساهم بنفس الوقت بالاستقرار الأمني في المنطقة"، مبيناً أن "الذي يهدد أمننا قطعاً هو الإرهاب، ومن يقف خلف هذه المجاميع المجرمة، كذلك ضعف العملية السياسية ومحاولة اختراقها وتفجير أزمات داخلية تستهدف بنية الدولة وأمنها واستقرارها"، مردفاً: "ولكي يكون العراق على قدر من موقف وطني قوي وناضج، أن تأخذ الحكومة والقوى السياسية والعشائر ومؤسسات المجتمع المدني دورها، والواجب الأكبر والأساسي يقع على عاتق الحكومة وأجهزتها".
الالتزام ببيان المرجعية
أوضح أن "الشعب ممثلاً بقواه وأحزابه وعشائره، مسؤول أيضاً بقدر ما يتسع الأمر للمسؤولية"، معرباً عن "احترام وتقدير" للبيان الذي صدر عن المرجعية الدينية الشيعية في النجف، بقوله: "يجب أن تلتزم بها الحكومة والقوى السياسية، الهدف منها هو تأهيل الدولة لتحمل المسؤولية والالتفات إلى الواقع الذي هي عليه اليوم. وجاء فيه التأكيد على التزام الحكومة بالقوانين والقرارات التي تقوم عليها العملية السياسية وتلك التي تصدر عن القضاء والمؤسسة التشريعية. وهنا يجب ان نتلافى وجود مؤشرات على عدم الالتزام بالسياقات القانونية في موارد الإدارة العامة والخاصة"، مشيراً إلى "ضرورة اعتماد الكفاءة في مفاصل المسؤولية كما جاء في بيان المرجعية، ومعالجة الفساد الذي لا يزال رغم كل المحاولات يضرب مفاصل أساسية في الدولة وإدارتها".
أكد المالكي أن "الفاسدين لم يعودوا يخافوا رغم وجود مؤسسات العدالة الانتقالية".
دعا رئيس دولة القانون الدولة إلى "معالجة موضوع السلاح، لكي لا يبقى هناك سلاح منفلت، وحصره تحت إشراف الدولة، لأن السلاح المنفلت يسبب تعباً شديداً وقلقاً وتدهوراً للعملية السياسية والإدارية"، كذلك "منع كل التدخلات الخارجية في صياغة إدارة الدولة"، مبيناً أن "هذا لا يعني أن ليس للعراق علاقات صداقة وعلاقات متميزة في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية منها، لكن يجب ان تُحترم في هذه العلاقات إرادة بلدنا وتتفاعل معنا دون تدخل يضر بالسيادة الوطنية".
تحذير من "نشاط بعثي"
وللاستعداد لمواجهة التحديات الأمنية والإرهابية، ذكر المالكي إضافة إلى الإجراءات السابقة أنه "يقتضي الاهتمام بالقوات المسلحة في الداخلية والدفاع، وتركيز الدعم والاهتمام للحشد الشعبي. كذلك تصعيد عمليات الملاحقة لبؤر الإرهاب المتخفي هنا وهناك والمتربص للحركة مع أي تطور أمني قد تفرضه الأجواء الأمنية القلقة في المنطقة أو قد يراهن على هذه البؤر بعض ممن يريد أن يربك العملية السياسية"، مضيفاً: "يجب الالتفات بحذر وقوة لنشاط خلايا البعث، والاهتمامات والالتزامات التي بدت له من بعض الدول الإقليمية والكبرى"، مشيراً أن "هذه الخلايا هي أدوات بيد أعداء العراق والذين يتحركون ويخرّبون لكن القرار بملاحقتهم ليس بمستوى جرائمهم ومخططات الأعداء التي تريد أن تجعل منهم (ماشة نار) في إرباك الأوضاع". ودعا المالكي إلى "ضرورة ملاحقتهم ومراقبة تحركاتهم من قبل الشعب، وأن تضع الحكومة حداً لنشاطاتهم وتنظيماتهم".
ويوم الإثنين الماضي، أصدر المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، دعا فيه الطبقة الحاكمة في العراق إلى "منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات".
وتحدث السيستاني خلال لقاء مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، عن "التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد"، وحسب بيان صادر عن مكتبه، قال السيستاني إنه "ينبغي للعراقيين - لا سيما النخب الواعية - أن يأخذوا العبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز إخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والازدهار"، مؤكداً أن "ذلك لا يتسنى من دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، مستدركاً بالقول: "ولكن يبدو أن أمام العراقيين مسار طويل إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه".
لاقى بيان السيستاني إشادة وترحيباً من قبل الأطراف السياسية، في حين أكد بعضها الالتزام الكامل بتوجيهات المرجع الديني، اتهم البعض الآخر جهات وقوى داخلية بمنع العمل في هذا المسار.