حدد أستاذ العلوم السياسية الدكتور خالد العرداوي، الإثنين 4 تشرين الثاني 2024، الأسباب وراء بيان المرجع الديني علي السيستاني، بعد مدة طويلة من عدم التدخل في الشأن السياسي.
وأصدر مكتب السيستاني بياناً بعد اجتماع المرجع الأعلى مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان.
وأشار السيستاني إلى التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد، وقال إنه ينبغي للعراقيين - لا سيما النخب الواعية - أن يأخذوا العبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز اخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار".
وأكد أن "ذلك لا يتسنى من دون إعداد خطط لإدارة البلد اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، لافتاً إلى أنه "أمام العراقيين مسار طويل إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك".
وقال العرداوي، في حديث لمنصة "الجبال"، إن "بيان المرجعية في النجف الأشرف بعد لقائها بالممثل الأممي مهم للغاية ولأسباب عدة، منها أن البيان يأتي بعد مدة طويلة من عدم تدخل المرجعية بالشأن السياسي مما يدل على أن ما دفع إليه وضع خطير ومهم يستدعي تدخلها الملح. كما جاء البيان في ظل ظرف دولي وإقليمي حساس، يمكن أن تكون له تداعياته الواضحة على العراق، مما يتطلب حذر وحكمة صانع القرار العراقي".
وأضاف: "فضلاً على ما تقدم، تشكل مضامين البيان خارطة طريق لوصول الدولة العراقية الى بر الأمان، وفيها دعم واضح لوجهة نظر الحكومة في بغداد في سياستها الخارجية القائمة على النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية والدولية، وإبعاد العراق عن أن يكون ساحة لتصفية الحسابات الدولية"، وفق تعبيره.
"بيان المرجع السيستاني أشار إلى ثوابت وطنية ينبغي أن يلتف حولها الجميع، تتمثل في الاستعانة بالعلم في بناء الدولة والمجتمع، ومحاربة الفساد، واعتماد الكفاءة في ادارة مؤسسات الدولة، ورفض التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي، واحتكار الدولة للسلاح ومحاربة كل أشكال السلاح المنفلت الخارج عن سيطرتها"، وفق العرداوي.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن "هذه الثوابت التي ركزت عليها المرجعية تعد استشعاراً منها لما تشكله من خطر وجودي على العراق، وكلامها بمثابة فتوى إصلاحية لإعادة قاطرة بناء الدولة إلى المسار الصحيح، والالتزام بها سيبين بلا لبس من يقف مع المرجعية، ومن يقف ضدها وإنْ زعم التغطي بمظلتها، وهو أمر سيحرج الكثير في الطبقة السياسية العراقية، ولكن التزام الجميع بهذه الفتوى الضمنية محل شك، وسيكون ذلك عرضة للتحريف والتزييف كما حصل في مرات كثيرة في السابق".
وكان الإطار التنسيقي أصدر بياناً رحب فيه "بالبيان الصادر عن مكتب السيستاني عقب استقبال رئيس بعثة يونامي بالعراق ونؤكد التزامنا الكامل بترجمة توجيهاته إلى خطوات عملية تعكس تطلعات شعبنا".
وفي هذا السياق، دعا الإطار التنسيقي "جميع المشاركين في العملية السياسية للعمل على تجسيد المبادئ التي أكد عليها سماحته، وفي مقدمتها ضرورة اعتماد الكفاءة والنزاهة في اختيار القيادات، ومنع التدخلات الخارجية بكل أشكالها ومستوياتها، وتكريس سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، والتصدي الحازم لآفة الفساد".