قال رئيس تيار الحكومة، عمار الحكيم، إن هناك آلاف السلبيات في العراق إثر 70 عامًا من الحروب، لكننا بدأنا نخرج من عنق الزجاجة.
وهنأ الحكيم خلال مشاركته في جلسات ملتقى الشرق الأوسط (ميري 2024) الذي بدأ أعماله في أربيل، اليوم الثلاثاء، إقليم كوردستان بـ"نجاح الانتخابات"، ولفت إلى "مشاركة واسعة وشفافية في يوم الاقتراع، وهذا يمهد لاستقرار سياسي متزايد في الاقليم ينعكس على كل البلاد".
ونتمنى الحكيم أن "نشهد انتخابات مشابهة في نهاية العام المقبل في الانتخابات التشريعية الاتحادية".
وقال زعيم تيار الحكمة إن "بناء الدولة يتطلب مناخاً اجتماعياً واقتصادياً، وكانت الأزمات تتوالي قبل عقود في العراق، وبعد سقوط النظام السابق، شهدنا الإرهاب والطائفية والاشتباك المكوناتي، لكن منذ سنتين بدأنا نخرج من عنق الزجاج وندخل مرحلة الاستقرار".
ورأى الحكيم أن "ملامح الدولة بدأت تتشكل. مستوى مقبول من الاستقرار في الجانب السياسي والاجتماعي، وبدأت يتحرك الوضع الاقتصادي، والوضع الأمني تحسن، لدينا فقط بعض المنغصات الأمنية في مناطق نائية، بالإضافة إلى انفتاح دولي وإقليمي، وتقبل العراق في هذه البيئة".
بالمقابل، قال الحكيم إن هناك "آلاف السلبيات، إذا أردنا أن نحصي"، مستدركاً بالقول: "لكن إذا قسنا العراق بدول مرت بظروف تشبه ظروفنا، فنعتبر بأننا بدنا نخرج من عنق الزجاجة، لأننا منذ 70 عاماً في حروب وفي أزمة إلى أخرى، منذ سقوط النظام الملكي".
وشبه العراق بـ"مريض أجرى عملية جراحية لكنه ما زال طريح الفراش".
وتابع: "كلما تحول الاستقرار الحالي في العراق إلى مستدام، نقل الناس مصالحهم من اللاستقرار إلى الاستقرار"، موضحاً أنه "في الظروف غير المستقرة تقوم الجماعات المسلحة بحماية الناس لذلك يضع الناس مصالحهم مع تلك الأوضاع، وكلما تستقر ينقل مصالحهم إلى الدولة، وهي تحدث بشكل تدريجي".
أحوال البرلمان
وفيما يخص ملف رئيس البرلمان، قال الحكيم أن "هناك تنافس محموم بين القوى السنية وكل طرف لديه منطق في ترشيح مرشح معين وتصر عليه، ثم تتحرك هذه الأطراف على الشيعة والكورد وتطلب الدعم، وهذا التحرك تسبب في انقسام في داخل المكونين أيضاً، وكل مكون صار في داخله يدعم مرشح معين".
وتابع الحكيم أن "يوم الخميس هناك انتخابات في مجلس النواب، ونتمنى أن تنتهي، ونجد رئيس برلمان".
وعن تأخر القوانين، قال إنه "يحتاج إلى سعي البرلمان، وتنظيم بناءات أو فلسفة القانون"، مبيناً أنه "في قانون النفط والغاز يحتاج أن نبين الحصص والعلاقة بين المحافظات والإقليم والمركز، وفي قانون المجلس الاتحادي، يجب أن نعرف بأننا نريد مجلس أعيان أو رؤساء جمهورية سابقين أو شخصيات نافذة. حين تحسم هذه الفلسفة تكتب القوانين".
وأشار إلى أن "الشيطان يكمن بالتفاصيل ويحدث فيها تقاطعات، لذلك المحكمة الاتحادية تتلقى يومياً عشرات الاستفسارات".
حكومة السوداني
وحول رأيه بالحكومة الاتحادية، أفاد الحكيم بأنه "لا يوجد كمال لأحد، لكن السوداني شخصية إدارية قادرة على الفعل".
وأضاف أن "الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والبيئة الإقليمية المشجعة هي تراكمات لحكومات متعددة توجت في حكومة السوداني".
ولفت إلى أنّ "المنجز الخدمي أكثر وضوحاً في هذه الحكومة من الحكومات السابقة، ولذلك يوجد رضا شعبي أكثر من الحكومات السابقة"، معتبراً أن هذا "إنجاز يحسب لائتلاف إدارة الدولة، وهذا لا يعني أن لا تكون هناك ملاحظات من بعض الأطراف على أداء الحكومة".
وقال رئيس تيار الحكمة إن "هناك رضا الشعبي للسوداني ربما غير مسبوق وقد يصل 70%، لكن الرضا عن القوى السياسية 54%، لأن القوى السياسية في الخلف ورئيس الوزراء هو في الواجهة ويشاهده الشارع، بينما القوى السياسية تتلقى الانتقاد والغضب والتحريض، وقياساً بهذه النسبة يعتبر منجزاً كبيراً للأحزاب أيضاً".
وتابع أن "نجاح الحكومة يؤدي إلى مزيد من الثقة بالأحزاب، وهو ما يساعد على تشكيل حكومات ناجحة بالنهاية".
وأكد الحكيم، أن "السوداني أول رئيس وزراء يلتزم ببرنامجه الحكومي ويذكر به"، مضيفاً: "كل شهر أو أكثر يبادر رئيس الوزراء ويعرض على الائتلاف إدارة جداول ما تحقق وبتوقيع 7 وزراء من مختلف الكتل ومن المكونات".
وأشار إلى أن آخر جدول قدمه السوداني "أظهر إنجاز 72% من البرنامج، موضحاً بكل تفاصيله وأرقامه، وبتوقيع اللجنة المختصة من 7 وزراء".
وبين الحكيم أن أي رئيس كتلة يريد أن يستفسر عن ما تحقق وما ذكر بالتقارير "يمكن أن يسئل الوزير التابع له والذي وقع على الجداول والبرنامج".
الدولة العميقة
وحول هذا المفهوم، قال الحكيم إنه يعتمد على "كيف نفسر الدولة العميقة، هل هي القوى السياسية الحاضنة للحكومة مثل ائتلاف إدارة الدولة؟ إذا كان كذلك فهو صحيح في كل القوى البرلمانية، الناس تصوت لقوى سياسية وليس لحاكم، ليس لدينا نظام رئاسي".
وأضاف أن "الحكومة وليدة التفاهمات سياسية، وفي هذه الحكومة لأول مرة هناك ائتلاف إدارة الدولة. ليس الإطار التنسيقي وحده، بل 280 نائباً في البرلمان يدعمون الحكومة".
أما "إذا كان يقصد بالدولة العميقة، شخصيات أو موظفين كبار في مؤسسات مختلفة يعطلون أو يسهلون"، فيرى رئيس تيار الحكمة أن "العراق أكبر من أن يختزل بهذه الأطراف".
وبرهن على ذلك بالقول إن "رؤساء وزراء جلبوا موظفين في مواقع خاصة اعتقدوا أنهم يبنون لهم تأييداً لكن هؤلاء دعمتهم مؤسسات الدولة، وحين تركوا المنصب وجدوا التأييد كان للدولة وليس لهم، لذلك يصعب القول بهذا الاتجاه بأن لدينا دولة عميقة".
الفدرالية واللامركزية
وعن هذا الملف، قال الحكيم إن "ملامح الدولة هي اللا مركزية التي وضعت في الدستور، ونحن ناضلنا وقاتلنا من أجل هذا الأمر، لكن تاريخ العراق تاريخ مركزي، ومن تربى بهذه الدولة هو مجبول على المركزية ويعتقد بأنها لمصلحة العراق".
وأضاف أن "بعض القوى السياسية منقسمة. هناك قوى على الرغم من وجود نصوص الدستور الواضحة في اللامركزية لكنها تميل إلى المركزية، ربما حرصاً على الدولة".
واعتبر زعيم تيار الحكمة بأن البلاد "تسير بخطى بطيئة للانتقال إلى اللامركزية الإدارية".
وأشار إلى أن اللامركزية تضمن "وحدة البلاد"، عازياً جزء من البطيء في تطبيق اللامركزية يعود إلى "التطبيقات الخاطئة من قبل المحافظات أو الإقليم الذي ربما كان يتمسك في بعض خطواته بصلاحيات يجدها الآخرون أنها صلاحيات اتحادية".
وأضاف أن "الحكومة الاتحادية أيضاً لديها طموح معين، بين الفهم الخاطئ، والمنظومة الجديدة مع العقلية القديمة في المؤسسات، لهذا تباطئ عمل اللامركزية، لكن يجب أن نطمئن كل العراقيين في الانتقال اللامركزية بأنه يعطي فرصة لإدارة المناطق بشكل صحيح وسليم".
وبين الحكيم أنه حين "ألغيت مجالس المحافظات صار هناك تمدد للحكومة، وقضمت من صلاحياتها، والآن بعد الانتخابات تحاول تلك المجالس إعادة ما قضم من صلاحياتها".
وحول الإشكاليات مع إقليم كوردستان، قال الحكيم: "عليك سماع رواية الحكومة والإقليم حتى تحصل على الواقعية"، مضيفاً: "هذه الحكومة في كوردستان أبدت مرونة وتلقت مرونة من بغداد، فالأجواء في هذه السنتين فيها تفاهم ومرونة وتنازلات متبادلة وأوصلتنا إلى هذه المرحلة التي تحقق فيها خلال سنتين ما لم يتحقق في 20 سنة".
وبين الحكيم، أنه وفق ذلك "فنحن نسير في الاتجاه الصحيح، في العلاقة بين بغداد وأربيل، وعلينا نمنح وقتاً في تفهم بعضنا وتفكيك المشاكل، والعنصر الأساسي للتفاهم هو الثقة".
انتخابات.. وائتلافات
حول الانتخابات القادمة، وفيما لو سيخوص تيار الحكمة الانتخابات منفرداً أو في تحالف مع "الإطار التنسيقي"، قال الحكيم إن "الاطار التنسيقي ليس جبهة أو تحالفاً، وإنما قوى تنسق مع بعضها لأنها في ساحة واحدة، وفي الانتخابات المحلية نزلت بعدة قوائم، لكن بعدها عادت واندمجت وشكلت الحكومات المحلية".
والآن؛ يؤكد زعيم تيار الحكمة، أن "هناك نقاشات هل ننزل بتحالف واحد، أو بأكثر من قائمة، ثم نندمج".
وتابع: "تجربتنا في تحالف قوى الدولة كانت ناجحة وحققنا نجاحاً مهماً. لدينا اتجاهنا وعنوانا الخاص، إذا توفرت تحالفات أوسع، ننظر بها وإذا لم تتوفر، فننزل بعنواننا الحالي".
وعن غياب التحالف المكوناتية الكبيرة، قال الحكيم: "اعتقد أن الانتقال من صراع بين المكونات إلى صراع داخل كل مكون هو خطوة بالاتجاه الصحيح"، لأن "الصراع العربي الكوردي، و الشيعي السني صراع إثني أو طائفي، لكن الصراعات الداخلية سياسية".
ورأى الحكيم أن العراق الآن "انتقل من صراع طائفي إلى سياسي، والاختلافات بكل دول العالم تكون سياسية مثل ما يجري في أمريكا"، وقال إن "الصراع السياسي غير مقلق لأنه يؤدي إلى تطوير ورقابة، لكن الطائفي هو المعيق".