بعد أيام قليلة من تولي اللواء نجاح العابدي منصبه قائداً للشرطة في محافظة ذي قار، شهدت المدينة اليوم السبت 12 تشرين الأول 2024، حالة من الاحتقان والتوتر، حيث بدأت السلطات بتحريك دعاوى قضائية ضد ناشطين ومتظاهرين، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات جديدة في شوارع الناصرية.
وجرى اعتقال الناشط كرار الإزيرجاوي، أحد أبرز وجوه حراك تشرين في المحافظة، ، بناء على دعوى قضائية يعتقد أنها تتعلق بتظاهرات السنوات الماضية، فيما داهمت القوات الأمنية منازل أربعة ناشطين آخرين لم تعثر عليهم.
وكانت شرطة محافظة ذي قار أصدرت بياناً، اليوم السبت، تلقت "الجبال" نسخة منه، حول أسباب الاعتقالات المتكررة. وقالت إن "عمليات الاعتقال التي نُفذت مؤخراً استندت إلى مذكرات قبض قضائية صادرة عن المحاكم المختصة، وليست اعتقالات عشوائية أو استهدافاً لأشخاص غير مطلوبين للعدالة"، مشيرة إلى أن "هذه الإجراءات تأتي في إطار الواجبات الأمنية التي تنفذها للحفاظ على الاستقرار الأمني في المحافظة".
الاعتقالات تغضب الشباب
هذه الإجراءات أثارت غضب بعض الشباب في المدينة، الذين خرجوا في تظاهرات محدودة في البداية قبل أن تتوسع الاحتجاجات بشكل أكبر في وقت لاحق من اليوم.
وتجمع المئات من المتظاهرين قرب تقاطع بهو الإدارة المحلية، حيث قاموا بقطع الطرق باستخدام الإطارات المحترقة، وعلى إثر ذلك، تدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريقهم باستخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع؛ إلا أن المتظاهرين أعادوا التجمع في ساحة الحبوبي، مما أدى إلى اندلاع مواجهات بينهم وبين القوات الأمنية، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع ضدهم.
المواجهات تواصلت في شوارع الناصرية، حيث انتقلت الاشتباكات إلى شارع النيل ثم شارع إبراهيم الخليل، مع تبادل القذف بالحجارة والقنابل الغازية، كما شهد جسر الحضارات صدامات مع دوريات النجدة، مما زاد من حدة التوتر في المدينة.
"دعاوى كيدية" وتحذيرات من عودة الساحات
في تصريح لـ"جبال"، أكد المتظاهر ناطق الخفاجي أن الخطوة الأولى التي قام بها قائد الشرطة الجديد هي تحريك الدعاوى القضائية والتي "نراها كيدية ضد المتظاهرين، دون الاستماع لمطالبهم أو التعرف على واقعهم وهي تعود لسنوات سابقة"، وحذّر من استمرار هذه الحملة وبالتالي "لن يتوقف المتظاهرون عن المطالبة بحقوقهم"، مؤكداً على أهمية الإفراج عن المعتقلين وإسقاط هذه الدعاوى "وهذا المطلب رئيسي وناشدنا سابقاً به ودعونا إليه".
من جهته، اعتبر الناشط سجاد العربي أن الناصرية شهدت فترة من الهدوء، وأن أي محاولة للتصعيد أو التأزيم غير مقبولة. ودعا في حديث لـ"الجبال"، الحكومة المحلية إلى إعادة حساباتها في كيفية احتواء الموقف، مشيراً إلى أن "استمرار حملات الاعتقالات قد يؤدي بالمتظاهرين للعودة إلى ساحات التظاهر".
ولفت الى أن هناك مئات الدعاوى القضائية بحق المتظاهرين والناشطين، مؤكداً أن غالبية من شاركوا في الاحتجاجات السابقة مستهدفون قانونياً، مما يعكس تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في المحافظة.
ولم تتأكد منصة "الجبال"، من وجود إصابات في صفوف المتظاهرين أو القوات الأمنية، لغاية الآن.
"مع القانون وضد الرصاص الحي"
من جانبه، أعرب عضو مجلس محافظة ذي قار أحمد الخفاجي، عن دعمه "لفرض القانون في المحافظة" لكنه في الوقت نفسه تحدث عن "رفض قاطع لاستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين".
وفي تصريح لـ "الجبال"، قال الخفاجي: "نحن مع فرض القانون، ولكننا ضد استخدام الرصاص الحي في التعامل مع المتظاهرين ويجب أن يتم التعامل معهم بطرق أخرى تكفل الحفاظ على أرواح شبابنا، سواء من المتظاهرين أو من القوات الأمنية."
وأضاف الخفاجي أن من الضروري إيجاد حلول سلمية لحفظ الأمن، مع التأكيد على أهمية الحوار والتفاهم في معالجة القضايا المطروحة.
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الناصرية توترات متزايدة بعد اعتقالات طالت ناشطين، وقد أكد بعضهم في لقاءات مع "الجبال"، على ضرورة التدخل السريع من الجهات المسؤولة لضمان حقوق المواطنين وحمايتهم.
بينما تقول شرطة ذي قار إن "القوات الأمنية لن تدخر جهداً في أداء مهامها لضمان الأمن والاستقرار"، وتدعو "المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والالتزام بالقانون للحفاظ على أمن واستقرار ذي قار".