تؤدي ظاهرة نزوح آلاف اللبنانيين إلى العراق هرباً من العدوان الإسرائيلي وجحيم الحرب المستعرة هناك، إلى "تأثيرات اجتماعية واقتصادية في العراق" يتحدث عنها العديد من المختصين الذين يشيرون إلى أن استمرار عمليات النزوح وطول أمد الأزمة اللبنانية، "يلعب دوراً في دخول قيم اجتماعية جديدة".
آخرون يتطرقون إلى أن استمرار عمليات النزوح له علاقة أيضاً بالوضع الاقتصادي، خاصة مع مطالبات رسمية بإدخال الكوادر اللبنانية ضمن الهيكل الوظيفي للدولة العراقية، فيما يعترض عديدون على جميع المخاوف، باعتبار أن وقت الحروب يتطلب المزيد من التضامن وإيواء الآخرين قدر الإمكان
"انتقال ثقافي"
ويوضح المختص بالشأن الاجتماعي الدكتور عدي بجاي في تصريح خاص لـ"الجبال": أن "التغيرات الجيوسياسية في المنطقة تؤثر على النزوج والتواصل بين المجتمعات"، مضيفاً أن "نزوح اللبنانيين إلى العراق واندماجهم في المجتمع يحتاج إلى وقت طويل"، مؤكداً أنه "كان من الأولى بالحكومة العراقية وضع مخيمات للنازحين في بيروت لتثبيت اللبنانيين في أرضهم ومساعدتهم على الاستقرار من خلال توفير الغذاء والمستلزمات الإنسانية الضرورية".
وينوه بجاي إلى أن "مشكلة الانتقال الثقافي المؤكد الذي سيحصل في المجتمع العراقي، خاصة وأن الدراسات تثبت أن المجتمع العراقي يستجيب سريعاً لتأثير القيم والتقاليد الخارجية"، على حد تعبيره.
وبلغ أعداد النازحين اللبنانيين في العراق لحين إعداد هذا التقرير، 8 آلاف نازح، وفقاً لجمعية الهلال الأحمر العراقية التي أبدت استعدادها لـ"إغاثة اللبنانيين في جميع المحافظات، وتحشيد الجهود الوطنية لاحتواء الأزمة الإنسانية الناتجة عن الأحداث الجارية في لبنان".
وكانت محافظتي النجف وكربلاء، استقبلت أعداداً كبيرة من النازحين اللبنانيين بعد تعهد العتبات الدينية بإيوائهم، وبلغ عدد النازحين اللبنانيين في محافظة النجف وحدها اكثر 1800 نازح حتى إعداد هذا التقرير.
ودعا رئيس مجلس محافظة النجف غيث الكلابي مجلس النواب العراقي إلى تعيين الوافدين اللبنانيين وتوقيع عقود عمل معهم، مؤكداً على ضرورة "الاستفادة من أصحاب الكفاءات والاختصاصات الدقيقة المختلفة التي يحملها الوافدون واستثمارها في العراق".
بالمقابل خصصت الحكومة "3 مليارات دينار" لـ"إغاثة اللاجئين وتقديم الخدمات لهم".
"أعباء مالية"
ويضيف هذا التوجه، حسب خبراء الاقتصاد، "أعباء مالية على العراق الذي يعاني من بنية اقتصادية هشة، في ظل تفشي البطالة وغياب فرص العمل"، وفق حديثهم.
وتقدر معدلات البطالة في العراق بـ 16.5% حسب إحصائيات ظهرت مطلع عام 2024، فيما نسب الفقر وصلت لنحو 22%، أي ما يعادل عشرة ملايين عراقي، بحسب الإحصائية الرسمية لوزارة التخطيط.
ويؤكد الخبير الاقتصادي علي دعدوش في تصريح لمنصة "الجبال"، أن "الأزمة ستطول لأن لبنان تحتاج إلى نحو ثلاثة أعوام لإعادة الإعمار بعد توقف الحرب".
ويشير إلى أنّ "هذه الفترة من شأنها التسبب بمشاكل حقيقية على الحكومة العراقية التي قد تلجأ إلى احتياطي الطوارئ لتوفير السكن والغذاء".
وينوه دعدوش إلى "الآثار السلبية على الاقتصاد العراقي جراء النزوح، لأن السوق العراقية تعتمد على المواد الغذائية المستوردة والتي ترتفع اسعارها بارتفاع سعر النفط".
ويوضح أن "الحكومة قد تلجأ إلى توزيع حصتين غذائيتين ضمن البطاقة التموينية في حال حصول أزمة اقتصادية، بغية خفض أسعار المواد الغذائية"، مشيراً إلى أن "هذا الإجراء الحكومي لن يكون كافياً لأنه قد يسد الحاجة لعام واحد فقط".
وكان وزير التجارة اثير الغريري، أعلن السبت الماضي، توفر خزين للمواد الغذائية يكفي لعام واحد.
بدوره قال المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين في تصريح لمنصة "جبال"، إن "خطة الوزارة تتضمن التعاون مع جهات رسمية أخرى في حال زيادة أعداد النازحين وطول أمد الأزمة في لبنان"، مشيراً في الوقت ذاته إلى "استمرار عملية استقبال اللاجئين اللبنانيين في منفذ القائم الحدودي".