تحدثت الدبلوماسية ومديرة مبادرة العراق في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، فكتوريا تايلور، عن مستقبل العراق بعد انتخابات تشرين الثاني، مؤكدةً أن الولايات المتحدة الأميركية لا تتحرك لأجل إعطاء ولاية ثانية لمحمد شياع السوداني.
وفي مقابلة مع "الجبال"، أشارت تايلور إلى التي زارت العراق بعد فترة وجيزة من الانتخابات الأخيرة، إنه "خلال مناقشاتها مع ممثلي الأحزاب الشيعية، كان هناك بالفعل إجماع حازم إلى حد ما بين القادة السياسيين الشيعة التابعين للإطار التنسيقي بأنهم لا يدعمون ولاية ثانية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وقالت تايلور: "كان هناك إجماع متزايد على أن الإطار سيختار رئيساً للوزراء ليس له قاعدة سياسية، ولا يمتلك حزباً سياسياً، وسيحتاج إلى التعهد بعدم تشكيل حزب سياسي".
بالإضافة إلى السوداني، تضم قائمة المرشحين المحتملين للإطار لرئاسة الوزراء عدة أسماء بارزة أخرى مثل رئيسي الوزراء السابقين نوري المالكي وحيدر العبادي، ورئيس المخابرات حميد الشطري، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي.
ومع ذلك، تتضمن القائمة أيضاً شخصيات أقل بروزاً وغير معروفة نسبياً مثل رئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البدري، ووزير الشباب والرياضة عبد الحسين عبطان، ووزير التخطيط الأسبق والنائب علي الشكري، ورئيس هيئة التصنيع الحربي محمد صاحب الدراجي.
وأكدت تايلور قائلة: "كان من الواضح جداً، حتى في تلك المرحلة، أن الرؤية لرئيس الوزراء المقبل هي شخص سينفذ أجندة الإطار، لكنه لن يلعب دوراً قيادياً في وضع تلك الأجندة".
وأشارت الدبلوماسية، بناءً على محادثاتها خلال زيارتها الأخيرة، إلى أن "الكورد والسنة يبدون أيضاً ضد فكرة حصول السوداني على ولاية ثانية، أو أي شخص آخر في هذا الشأن، مستشهدين بالتجربة السيئة لولاية المالكي الثانية".
وبينما تواصل القوى الشيعية المحادثات حول اختيار رئيس الوزراء، تنخرط القوى السنية في نقاشاتها الخاصة لاختيار رئيس مجلس النواب، وهي مهمة تحتاج هذه القوى لإنجازها قبل أن يعقد البرلمان جلسته الأولى في غضون أقل من أسبوع.
وقالت تايلور إنها شعرت بوجود "الكثير من التجزئة" داخل المعسكر السني خلال زيارتها في تشرين الثاني، وقالت إنها لا تزال "متشككة قليلاً في قدرتهم على الاتحاد وتشكيل إجماع بنفس الطريقة التي فعلها الإطار"، رغم تشكيل "المجلس السياسي الوطني" – وهو مظلة للأحزاب السنية، صُمم على غرار الإطار التنسيقي الشيعي.
وقد انتهى اجتماع للمجلس السياسي الوطني يوم الأحد دون حل القضايا العالقة مع استمرار الخلافات بين حزب "تقدم" وتحالف "عزم" حول الترشيح لرئاسة البرلمان. ويبدو أن رئيس تحالف عزم مثنى السامرائي وزعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي هما المرشحان الأكثر احتمالاً لمنصب رئيس البرلمان.
أما المفاوضات حول رئاسة الجمهورية في البلاد، فإن العلاقة بين الحزبين الكورديين المتنافسين حالياً يمر بنقطة مضطربة، حيث فشلا في التوصل إلى اتفاقات بشأن تشكيل الكابينة الجديدة لحكومة إقليم كوردستان بعد أكثر من عام على إجراء الإقليم للانتخابات البرلمانية.
ولاحظت تايلور: "في كوردستان... لم أشعر أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني كانا أقرب فعلياً من تشكيل حكومة إقليم كوردستان، ولا من اختيار الرئيس. لذا، أعتقد أننا قد نشهد تحركاً سريعاً بين الأحزاب السياسية الشيعية لاختيار رئيس وزراء، ولكن ربما عملية أبطأ بين السنة والكورد".
ويشغل الاتحاد الوطني الكوردستاني منصب رئاسة العراق باستمرار منذ عام 2005. ويعارض الحزب الديمقراطي الكوردستاني فكرة أن المنصب مضمون لحزبه المنافس، محاججاً بدلاً من ذلك بأن المنصب محجوز للكورد وبالتالي يجب أن يُقرر وفقاً للمكاسب الانتخابية. ولا يزال الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو الحزب الكوردي الأول في كل من إقليم كوردستان والعراق بفارق كبير.
"المشاركة الأميركية في تشكيل الحكومة"
وتستبعد تايلور، وهي دبلوماسية مهنية شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية بين عامي 2023 و2025، مشاركة نشطة من واشنطن خلال عملية تشكيل الحكومة العراقية الحالية.
وقالت: "أعتقد أن أيام الدور الأمريكي النشط للغاية في تشكيل الحكومة العراقية، كما حدث في عام 2010، قد انتهت. أعتقد أنه بينما قد تضع الولايات المتحدة بعض العلامات الواضحة، من حيث اتجاه السياسة وفي قضايا معينة، لا أرى هذه الإدارة منخرطة بعمق في شأن العراق لدرجة أنها مستعدة لاختيار الفائز".
وقالت تايلور إنها "تعتقد أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام الفيتو إذا كانت القيادة السياسية الشيعية والإطار التنسيقي بصدد اختيار رئيس وزراء سيكون إشكالياً بالنسبة لواشنطن، لكنها شددت على أن الإطار على الأرجح لن يسعى أيضاً وراء مرشح يسبب مشاكل".
وقالت تايلور: "لم أرَ حقاً مؤشراً بشكل أوسع عبر الحكومة الأمريكية على أن لديهم مرشحاً مفضلاً"، مشيرة إلى أنه بينما يبدو أن هناك "انفتاحاً من واشنطن تجاه السوداني، إلا أنني لا أرى الولايات المتحدة تتخذ خطوات من شأنها التحرك فعلياً لتنصيب رئيس الوزراء السوداني، ولا أعتقد أنه من الممكن حقاً للولايات المتحدة الانخراط بطريقة من شأنها تغيير اتجاه ذلك الحوار داخل النخبة السياسية الشيعية".
"نزع سلاح الميليشيات"
ومنذ بداية إدارة دونالد ترامب الثانية، كثفت الحكومة الأميركية دعواتها للعراق لكبح النفوذ الإيراني، ودفع بغداد لحل جميع الفصائل المسلحة التي تعتبرها واشنطن "وكلاء لإيران".
وقد سلط المبعوث الأمريكي الخاص للعراق، مارك سافايا، الضوء مراراً وتكراراً على ضرورة قيام الحكومة العراقية بوضع السلاح تحت سيطرة الدولة وضمان حماية مؤسسات الدولة، قائلاً: "لا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو، ولا يمكن لأي شراكة دولية أن تنجح، في بيئة تختلط فيها السياسة بالقوة غير الرسمية".
وقالت تايلور إنها "تنظر إلى تعليقات الإدارة الأمريكية على أنها بيان عام عن النية، محاججة بأنه بينما "قد يكون هناك عنصر لنزع السلاح... أعتقد أنه من المرجح أن يكون نهجاً أكثر تعقيداً بكثير".
ومع ذلك، شددت الدبلوماسية المهنية على أنه "من المؤكد أنه حوار يحتاج إلى الاستمرار داخل الحكومة العراقية وبين الحكومة العراقية والولايات المتحدة حول كيفية التعامل الفعال مع الميليشيات".
وكان فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، قد أعلن يوم السبت أن قادة بعض الفصائل المسلحة التزموا بدعوته لوقف العمل العسكري وحصر السلاح بيد الدولة.
بينما رفضت كل من "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله"، و"حركة النجباء"، وهي ثلاث فصائل عراقية مقربة من إيران ومصنفة من قبل الولايات المتحدة بـ"الإرهاب"، دعوات نزع السلاح بالفعل، قائلة إنها تحتفظ بالحق في "المقاومة" طالما تواجدت قوات أجنبية في البلاد.
وعارضت الولايات المتحدة بشدة مشروع قانون في البرلمان العراقي يسعى لتنظيم قوات الحشد الشعبي بشكل مشابه للأجهزة الأمنية والعسكرية الرسمية الأخرى، قائلة إن "مسودة القانون من شأنها تقويض السيادة العراقية وتخاطر بزيادة النفوذ الإيراني في البلاد"، وقد سحبت الحكومة العراقية مشروع القانون في آب.
(أرشيف ـ مؤتمر ميري)