تتجه معادلة الحكومة المحلية في ذي قار إلى إعادة التشكل مع اقتراب محافظها مرتضى الإبراهيمي من حسم خياره بالانتقال إلى العمل التشريعي بعد فوزه بمقعد نيابي في خطوة تختلف عن سيناريو محافظ البصرة أسعد العيداني الذي فضّل البقاء في موقعه التنفيذي عقب انتخابات 2021.
وبحسب مصدر حكومي، فإن الإبراهيمي رفض خيار كتلته السياسية تيار الحكمة للبقاء في منصبه، مفضلاً أداء الذهاب إلى البرلمان أو الحصول على منصب وزير.
وهذا التحول، وفي حال أدى الإبراهيمي اليمين الدستورية، سيترك منصب محافظ ذي قار شاغراً فاتحاً الباب أمام صراع سياسي معقّد، خصوصاً أن تيار الحكمة لا يمتلك سوى مقعدين داخل مجلس المحافظة وتزداد مخاوف التيار من فقدان المنصب، رغم أن الاتفاق السياسي داخل الإطار التنسيقي بعد انتخابات مجالس المحافظات 2023 منح تيار الحكمة منصب المحافظ في محافظتي ذي قار والنجف، بوصفه جزءاً من ما يسمى بـ"معادلة التوازن بين القوى السياسية".
وفي هذا السياق، كشفت مصادر سياسية عن طرح عدة أسماء تنتمي إلى تيار الحكمة جرى بحثها خلال الأسبوعين الماضيين في بغداد، أبرزها هيثم الحمداني الذي شغل سابقاً منصب قائممقام قضاء سوق الشيوخ إلى جانب عدنان المولى ومنتظر الزيدي الذي تولى مسؤولية التنظيمات في التيار لأكثر من عام في ذي قار وخاض الانتخابات النيابية، فضلًا عن فائق الشامي نائب محافظ ذي قار السابق، غير أن المؤشرات، وفق مصدر من داخل التيار ترجّح كفة الحمداني حتى الآن.
وشهدت فترة الإبراهيمي محافظاً لذي قار العديد من المشاكل، وأبرزها استجوابه في تشرين الثاني 2024 وهو ملف شهد شدّاً وجذباً انتهى بتصويت مجلس المحافظة على إقالته، قبل أن يطعن الإبراهيمي بالقرار وكسب الدعوى أمام المحكمة الإدارية، ما أتاح له العودة إلى منصبه التنفيذي إلا أن تلك الأزمة تركت آثاراً واضحة على العلاقة بينه وبين بعض أعضاء المجلس، وهو ما ظهر جلياً في جلسة السادس عشر من كانون الأول 2025، خلال سجال علني مع عضو المجلس عبد الباقي العمري عكس مستوى التوتر السياسي داخل المجلس.
وفي قراءة للمشهد قال عضو مجلس محافظة ذي قار عبد الباقي العمري لمنصة "الجبال"، إن "المحافظة ولاسيما تيار الحكمة، عانت خلال المرحلة الماضية من تقاطعات سياسية وإدارة لم ترقَ إلى طموحات أبناء ذي قار ما جعل خيار التغيير في منصب المحافظ مطروحاً ومفضلاً".
وأكد أن "استحقاق تيار الحكمة ما زال قائماً وأن أي مرشح يقدمه التيار سيُعرض للتصويت، إلا أن الأفضل بحسب العمري هو اختيار شخصية غير منتمية تنظيمياً للتيار، وقريبة منه في الوقت نفسه، بما يضمن إدارة شمولية بعيدة عن الولاءات الحزبية الضيقة".
وفي موازاة ذلك، كشف مصدر داخل مجلس محافظة ذي قار عن تشكّل كتلة سياسية جديدة تضم 10 أعضاء من أصل 18 ما يمنحها القدرة على تمرير قرارات مؤثرة، بما في ذلك تعديل بعض اللجان أو حتى تغيير رئاسة المجلس.
وتتكون هذه الكتلة من ائتلاف الإعمار والتنمية 4 أعضاء والماكنة عضوين وائتلاف دولة القانون 3 أعضاء وائتلاف الأساس عضو واحد في مؤشر على إعادة رسم موازين القوى داخل المجلس.
رئيس مجلس محافظة ذي قار عزة الناشي بيّن لمنصة "الجبال"، أن "منصب المحافظ يُعد استحقاقاً انتخابياً تم اقراره من بغداد وفي ظل النقاشات والمفاوضات الجارية حالياً بشأن تشكيل الحكومة ويبقى هذا الاستحقاق من نصيب الكتلة نفسها، وفقا للتفاهمات السياسية القائمة".
وأشار الناشي إلى أن "هيثم الحمداني يُعد المرشح الأوفر حظاً لشغل المنصب، لما يمتلكه من خبرة إدارية متراكمة، إذ شغل سابقاً منصب مدير ناحية العكيكة ثم قائممقام قضاء سوق الشيوخ، قبل أن يتولى إدارة أحد الأقسام في شركة نفط ذي قار".
ولفت إلى أن "الحمداني لم يتعامل بروح حزبية في إدارة الوحدات الإدارية"، معرباً عن "تطلع مجلس المحافظة إلى أن يقدّم أداء مهنيا منسجما مع المجلس في حال نيله ثقة الأعضاء".
وفي ما يتعلق بالتكتلات والتحالفات داخل مجلس المحافظة، أوضح الناشي أنها "لا تتجاوز كونها تفاهمات بين الأعضاء، وهي حالة طبيعية ومتعارف عليها في العمل السياسي، وتوجد في مختلف المجالس والبرلمانات".
من جانبه حذّر الباحث صلاح الموسوي من مركز الجنوب للدراسات من أن "أي سيناريو يقضي بسحب منصب المحافظ من تيار الحكمة سيُعد انقلاباً على صيغة التوازن السياسي القائمة، وقد يُصنّف كتلاعب بمبدأ استحقاق الكتلة الأمر الذي من شأنه تعميق الخلافات المحلية وفتح الباب أمام تداعيات سياسية أوسع في ذي قار، وربما في محافظات أخرى".
(أرشيف مجلس محافظة ذي قار)