العادات والتقاليد أبرز المعوقات
الرياضة النسوية في العراق.. مواهب مركونة على الرفوف
-------------------------------------------------------
مواهب رياضية نسوية في العراق: الإنجاز مؤجل بسبب الإهمال
----------------------------
تواجه الرياضة النسوية في العراق الإهمال، على الرغم من مطالب اللاعبات المستمرة بتحسين الملاعب وتوفير الغطاء المالي للاحتياجات الأساسية، إلا أن التحرك الحكومي "ترقيعي"، لهذا الملف الذي ركن على الرفوف في خزائن الجهات المعنية، على حد وصفهن.
وحقق العراق على مدار السنوات الماضية، إنجازات معدودة في الرياضات النسوية مقارنة بإنجازات دول المنطقة، حيث وصفن اللاعبات البيئة العراقية بأنها غير صالحة للرياضة النسوية.
لكن بادرة الأمل دائماً ما تتواجد، حيث حقق العراق أول ميدالية ذهبية في تاريخه، بعدما فازت بها اللاعبة (نجلة عماد) بمنافسات تنس الطاولة في دورة الألعاب البارالمبية المقامة في العاصمة الفرنسية باريس.
المقرّبون، بحسب كلام عماد، قالوا إن الإعاقة سترهقها وتحبط آمالها، لكنها رغم عجزها بعد فقدانها ساقيها وذراعها أصرّت على ملاحقة طموحها وباتت تأمل بإحراز المزيد من الميداليات الذهبية، مؤكدة أن كونها امرأة لا يعني الجلوس في البيت أو منعها من ممارسة ما تحب.
المستقبل أمام الرياضة النسوية
"عانت الرياضة النسوية كثيراً خلال الأعوام الماضية من قضية العزوف عن ممارستها وقلة المشاركة في أنشطتها المختلفة لأسباب عدة"، هذا ما قاله حسام حسن، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة لمنصة "الجبال".
وأضاف حسن أن "أبرز هذه الأسباب هي الجانب الاجتماعي وقلة اهتمام الأندية الكبيرة وإلغاء الألعاب النسوية في الأندية الأخرى ناهيك عن قلة الأندية والصالات الخاصة بالنساء أو عدم توفرها".
ويستطرد المسؤول الحكومي في حديثه قائلاً: "للرياضة النسوية حيّز مهم في اهتمامات وزارة الشباب والرياضة، وهناك العديد من اللاعبات المتميزات اللواتي حققن العديد من الإنجازات للرياضة النسوية سواء في ألعاب كرة السلّة أو في رفع الأثقال والملاكمة وكرة الطائرة والساحة والميدان والتايكوندو وكرة اليد والقوس والسهم والرماية وغيرها، أضف إلى ذلك هناك اهتمام كبير برياضة ركوب الخيول والسباقات المتنوعة للنساء".
وعبر حسن عن أمله بـ "استعادة رياضة السباحة النسوية لمجدها بعد أن كانت المنتخبات تشارك في العديد من البطولات"، مشيراً في ذات الوقت إلى "الدور الكبير للرياضة المدرسية في خلق شخصية الرياضي منذ الصغر بدءاً من المدارس الابتدائية، لذلك هناك تنسيق بين وزارتي الشباب والرياضة والتربية لإعادة الحياة لدرس التربية الرياضية وإنعاشه".
وختم حسن حديثه بالقول إن "وزارة الشباب والرياضة جادة في الاهتمام باللاعبات وتدعم المنتخبات الوطنية في مختلف الألعاب، وتوفر كل ما من شأنه تطويرها وتحقيق الإنجاز خدمة للرياضة العراقية النسوية".
مراقبون اتهموا الجهات الحكومية وغير الحكومية بإهمال هذا الملف والتركيز فقط على الرياضات الخاصة بالرجال، رغم تطور هذه الرياضات بشكل كبير وملحوظ في دول المنطقة التي باتت تشارك وتنافس في المحافل الدولية.
"مواهب مركونة"
وعلى مدار سنوات طويلة، تواجه الرياضة النسوية في العراق تحديات عديدة، أبرزها ما يتعلق بطبيعة المجتمع والأعراف والتقاليد الاجتماعية المحافظة التي تنتشر في أغلب المحافظات خصوصاً في جنوب البلاد، إضافة إلى عدم وجود البيئة الآمنة لممارسة الرياضة.
ويفتقر العراق إلى وجود النوادي المتخصصة والصالات الرياضية، الأمر الذي أدى إلى إحجام العديد من النساء عن ممارسة الرياضة والمشاركة بشكل فعّال في البطولات الدولية.
بغضون ذلك، تقول العداءة العراقية دانة حسين، إن "الاهتمام بجميع الرياضات النسوية في العراق معدوم"، منوهة إلى عدم "وجود دوريات نسوية في البلاد، فضلاً عن قلة المشاركة الدولية".
ووفقاً للعداءة العراقية، فإن العراق يمتلك مواهب عديدة في جميع الرياضات، لكن لا يوجد احتضان حكومي حقيقي لها، بالإضافة إلى افتقار البنى التحتية كالملاعب والمنشآت الرياضية".
وفي حديث لمنصة "الجبال"، أوضحت حسين أن "الرياضة النسوية تفتقر إلى الدعم المالي والمدربين المختصين"، مؤكدة أن "اللاعبات العراقيات لا يمتلكن رواتب مالية تساعدهن على المضي قدماً في استكمال المشوار الرياضي".
دانة حسين، هي عداءة عراقية مختصة بسباق الـ 100 متر، حرمت من المشاركة في اولمبياد طوكيو 2020، بعد تمثيلها للعراق في افتتاح أولمبياد لندن عام 2012، ومشاركتها في أولمبياد بكين 2008.
حرمان اللاعبة جاء بسبب قرار الاتحاد الدولي على خلفية تناولها لأدوية تحمل منشطات، الأمر الذي نفته اللاعبة، مؤكدة أنها تناولت أدوية طبية بعد إجرائها عملية تجميل.
وفي السنوات الأخيرة، بدأ عدد من النساء العراقيات بكسر الحواجز المجتمعية وتحدياته التقليدية التي تمنع المرأة العراقية من مزاولة الرياضات المختلفة، كما حدث مع الملاكمة بشرى الحجار، التي قالت إن هذه الخطوة جاءت بعد الدعم العائلي الكبير لها، الأمر الذي ساعد بدوره على نشر رياضة الملاكمة في العاصمة والنجف خلال الفترة القليلة الماضية.
ويرى مراقبون مختصون بالشأن الرياضي أن اللاعبات بحاجة ماسة إلى مستلزمات من قاعات ومدربين ووسائل نقل وتجهيزات رياضية، فضلاً عن الرواتب الشهرية بغية تحسين مستوى الأداء وتحقيق الإنجاز العالي للحصول على المراكز الأولى في البطولات العالمية.
"قلة وعي واهتمام"
ويقول الصحفي الرياضي، مصطفى عصام، خلال حديثه لمنصة "الجبال"، إن "أبرز ما تحتاجه الرياضية النسوية في العراق هو (الدعم)، من قبل الجهات المعنية، فيما يخص توفير الأموال، إضافة إلى تلبية متطلبات أي رياضة تمارسنها، من ناحية التجهيزات الرياضية، وما إلى ذلك".
خلال الفترة الأخيرة، بحسب عصام، بدأ التركيز بشكل أكبر على الرياضة من خلال الاستعانة بخبرات أجنبية لتطويرها في العراق، خصوصاً بعد تحقيق العراق ميداليات في الأولمبياد الأخيرة التي أقيمت في باريس.
ووفقاً لعصام، فإن أساس التدهور هو الإهمال، من خلال عدم إعطاء أي أهمية لما تقوم به النساء، من قبل المسؤولين القائمين على الرياضة في العراق، فتجد أن اللاعبات في المناطق الشمالية يحظين بدعم أكثر من بقية المحافظات بحكم العادات والتقاليد القبلية عند البعض.
وعلى عكس دول العالم التي تطورات خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي تحقيق إنجازات كبيرة للرياضة النسوية العراقية على الصعيدين العربي والآسيوي، إذ تمكنت المرأة العراقية من إثبات ذاتها من خلال حضورها المستمر في الساحات الرياضية المحلية والعالمية.
أبرز المعوقات
ووفقاً لمراقبين، فإن الرياضة النسوية ما قبل العام 2003، كانت تحظى باهتمام كبير من قبل القائمين على هذا المجال، الأمر الذي ساعد على ظهور بطلات عراقيات حققن إنجازات كبيرة في البطولات العربية والآسيوية والعالمية عبر إحرازهن الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في ألعاب مختلفة.
الأمين العام لاتحاد الركبي العراقي، محمد حنون، يرى أن "هناك معوقات عديدة تقف أمام المرأة العراقية في ممارسة الرياضات النسوية ببلدها".
وقال حنون في حديث لمنصة "الجبال" إن "هناك توجهاً نسوياً الآن نحو فك القيود وممارسة الرياضة في العراق"، مشيراً لوجود "تطور ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية بشأن الرياضة النسوية".
وتابع الأمين العام، حديثه بالقول إن "البيئة العراقية من ناحية العادات والتقاليد كانت أبرز المعوقات والتحديات التي وقفت أمام الرياضة النسوية"، موضحاً أن "الاتحاد أسس منتخب ركبي خاصاً بالنساء قبل 3 سنوات من قبل طالبات في جامعة بغداد، وهذا المنتخب يعد الأول في تأريخ العراق".
وتعرض المنتخب العراقي النسوي بالركبي في العام 2021، لثلاث خسارات ثقيلة خلال مشاركته ببطولة غرب آسيا التي أقيمت في قطر، ومن المعروف أن مشاركة المنتخب العراقي النسوي في البطولة يعد أول استحقاق خارجي.